فلنأمل أن يكون قانون الاستثمار الجديد علي قدر الآمال التي قيلت عنه.. ولنأمل أن يكون خطوة علي الطريق الصحيح رغم الملابسات التي أحاطت بصدوره!! لقد تم إعداد القانون بعد سنوات يفترض أنها كانت للدراسة، وبعد جهود للتنسيق بين الوزارات المختلفة انتهت بمشروع قانون تقدمت به الحكومة لمجلس النواب. والبديهي أن يكون قد سبق ذلك مشاورات مع كل الأطراف، وتوافق مع أغلبية النواب. لكن ماحدث أن مشروع القانون قد تم تعديل معظم مواده من جانب اللجنة الاقتصادية، وأن الوزراء ذهبوا لمناقشته دون أن تتاح لهم الفرصة كاملة لمعرفة ما تم من تعديلات جعلتهم أمام مشروع قانون يختلف تماما عما قدمته الحكومة!! ولا بأس من ذلك كله إذا كان قد تم التوافق في النهاية علي مافيه مصلحة البلاد. لكن الحذر واجب من أن يكون الأمر ليس فقط عن تضارب الاختصاصات بل عن تضارب المصالح.. وهذا هو الأخطر بكل المقاييس!! فالقانون (أي قانون) ليس مجرد صياغة لمواد من هنا وهناك، بل هو تعبير عن رؤية متكاملة لا يصلح معها ان تقدم الحكومة مشروع قانون فيتم تعديل 80٪ من مواده!! والقانون انطلق في البداية من ضرورة إلغاء المناطق الحرة الخاصة بعد فشلها الكامل في تحقيق أي من أهدافها.. سواء بزيادة التصدير، أو بتوفير النقد الأجنبي.. حيث كانت قيمة وارداتها من الخارج تفوق قيمة ما تصدره!! لكن القانون - في النهاية - خضع لضغوط أخري جعلته لا يسمح فقط ببقاء هذه المناطق الفاشلة، بل يفتح الباب أمام انشاء المزيد منها!! والقانون - بذلك وبغيره - يبتعد عن القاعدة الصحيحة وهي أن أي استثمار خارجي هو إضافة للجهد الأساسي الذي يتم بأيدي المصريين أنفسهم. وعندما نقول »المصريين» فإننا نقصد كل المنتجين الذين دفعوا غاليا ثمن الانحياز لمنطق السماسرة وأضروا بالصناعة والزراعة المحليتين. وعندما نقول أن »المستثمر المصري» هو الأساس فلسنا نقصد تلك القلة التي تريد المناطق الحرة منفذا للتهريب!! تريد من أي قانون يصدر أن يحافظ علي مصالحها وان يضاعف ثرواتها.. ولو علي حساب الصناعة الوطنية والانتاج المحلي الذي يعتمد علي ملايين المزارعين والصناع الوطنيين بحق.. الذين يسددون الضرائب ولا يعرفون طرق التحايل للحصول علي الاعفاءات والمزايا التي يحصل عليها بسهولة من يسعون الي »الاستئثار» وليس »الاستثمار»!! ومع ذلك كله.. فلنرجو خيرا، ولنتمسك بالأمل لأننا لا نملك الا ذلك طريقا للغد الأفضل.. رغم كل التحديات!!