تلعب المقاهي الثقافية في مختلف أرجاء العالم دورا مهما في دفع الحركات الأدبية والسياسية والفكرية نحو واقع جديد، ورؤية جديدة.. إنها كالمرايا التي تعكس ما يدور في هذه المجتمعات من أحداث. وقد قرأت كتابا جديدا صادرا عن دار دلتا للنشر بعنوان (المقاهي الثقافية في العالم : القاهرة.. باريس.. دمنهور) للمؤلف كامل رحومة حيث يبجر بنا إلي أهم المقاهي التي كان لها فعل السحر في تحريك الجماهير. وقد توقفت عند ما كتبه المؤلف عن مقهي المسيري في دمنهور، لصاحبها الأديب عبد المعطي المسيري. فقد كنت أسكن قريبا منها عندما كنت طالبا بمدرسة دمنهور الثانوية، وأشاروا إلي المكان الذي كان يجلس فيه أديبنا الكبير توفيق الحكيم عندما كان وكيلا للنائب العام بمدينة دمنهور، وكيف أنه كتب في هذا المقهي أهل الكهف. ويورد المؤلف ما كتبه أديبنا الكبير يحيي حقي عن هذا المقهي.. فقد قال: ذلك المثقف أو الأديب الذي يفكر في مدينة التاريخ القديم والتجار الشطار لكي يتعرف إلي صورة الحياة وعادات الناس هناك، لابد أن يجلس علي رصيف مقهي المسيري الذي يمثل ظاهرة مهمة عند أبناء المدينة المثقفين والأدباء والزجالين. ويورد المؤلف إعجاب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين بصاحب المقهي الأديب الأستاذ عبد المعطي المسيري الذي قال عنه إنه أحس إعجابا شديدا بهذا الرجل الذي ثقّف نفسه ولم يختلف إلي مدرسة ولم يجلس إلي أستاذ.. إلخ. والكتاب متعة وهو يحدثنا عن هذه المقاهي وتأثيرها علي المجتمعات بها، أو علي حد تعبير الشاعرة سعاد الصباح: (القهوة هي أهم اختراعات الإنسان، والذي اخترعها هو بغير شك مصلح اجتماعي عظيم، فبغير القهوة لم تكن المقاهي، وبغير المقاهي لم يكن الحوار ممكنا، وبغير الحوار كان الإنسان جزيرة منعزلة عما حولها). من أقوالهم: إحراق واحتراق.. تلك كانت حياتي.. الفيلسوف نيتشه