محافظ الإسكندرية يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (صور)    آخر تحديث لسعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري.. وصل لكام؟    «التضامن»: ضم فئات جديدة لمعاش تكافل وكرامة قبل نهاية سبتمبر المقبل    تفاصيل أعلى عائد على شهادات الادخار 2024 في مصر    البيت الأبيض: لا نريد احتلالا إسرائيليا لقطاع غزة    عاجل.. لحظة اغتيال القيادي بحماس شرحبيل السيد في قصف إسرائيلي    إحالة 12 متهما من جماعة الإخوان في تونس إلى القضاء بتهمة التآمر على أمن الدولة    رئيس مجلس الدولة: الانتخابات الحالية بداية جديدة للنادي    كرة يد.. الأهلي 26-25 الزمالك.. القمة الأولى في نهائي الدوري (فيديو)    طقس ال72 ساعة المقبلة.. «الأرصاد» تحذر من 3 ظواهر جوية    التصريح بدفن جثة تلميذ غرق بمياه النيل في سوهاج    شيرين تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: «أستاذ الكوميديا اللي علم الناس الضحك»    أشرف غريب يكتب: أحد العظماء الخمسة وإن اختلف عنهم عادل إمام.. نجم الشباك الأخير    الاستعدادات الأخيرة ل ريم سامي قبل حفل زفافها الليلة (صور)    النيابة تأمر بانتداب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق قرية «الحسامدة» في سوهاج    جداول قطارات المصيف من القاهرة للإسكندرية ومرسى مطروح - 12 صورة بمواعيد الرحلات وأرقام القطارت    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    مساندة الخطيب تمنح الثقة    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في البحث عن مارية..
حاطب والمغيرة في المرقسية جمعهما الإسلام وقد فرقتهما الأوثان
نشر في آخر ساعة يوم 22 - 10 - 2013

القيثارة إحدى الآلات الموسيقية التى صحبتها ماريا وسيرين حاطب بن أبي بلتعة
( 2-6)
في 7ه نزل أمر الله بنشر الدعوة الإسلامية للناس كافة (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً-(سبأ 28). فأرسل الرسول 4 من الصحابة إلي أهم الممالك هرقل الروم، وكسري فارس، وأمير البحرين والمقوقس عظيم قبط مصر.
كان سفيره إلي مصر: حاطب بن أبي بلتعة من مسلمي مكة الأوائل يمني حليف الزبير بن العوام.. هاجر مع الرسول(ص)، لكنه ترك في مكة، والدته وزوجته وأولاده. وكان مولي عبدالله بن حميد بن زهير الأسدي.. وأرجأه بدفع فدية لنفسه ليحرره ويعتقه إلي ما بعد استقراره في المدينة وتوفير المبلغ اللازم.. ولم يستطع فداء باقي أسرته.. فتركها.
آنذاك في سن 43 سنة.. تاجر طعام يحقق منها بعد ذلك ثروة كبيرة.. ذو ذهن لماح ورجاحة عقل وقوة حجة.. مشهور بالفروسية برماية السهم وإجادة الشعر حسن الجسم، متوسط الطول، له لحية خفيفة.. وأحد أبطال غزوة بدر وفي غزوة أحد (3 ه)، عندما علم أن (عتبه بن أبي وقاص) قد ضرب وجه النبي(ص)، أخذ يهاجمه حتي قتله وأخذ فرسه، وجاء به غنيمة للرسول(ص).
مصر آنذاك.. بالكاد تخلصت من حكم الفرس (المجوس عبدة النار).. وقد دام عشر سنوات بعدما غلبوا الرومان حكام مصر والشام وبيت المقدس حتي جاء هرقل لحكم الرومان، (في 1 ه)... وقاد صراعا طويلا لإعادة دولته وطرد الفرس. (أوائل 7 ه).
هذه الفترة.. أثارت قلق المسلمين الأوائل، قبل الهجرة، عندما تغلب عبدة النار، علي أهل كتاب الله (من المسيحيين).. فنزلت الآية الكريمة »غلبت الروم في أدني الأرض.. وهم من بعد غلبهم، سيغلبون في بضع سنين« (الروم- 1).
وكانت أكبر دولتين في العالم.. منهكتين من الحروب بينهما وتواجه فارس قلاقل الهزائم. والرومان يعملون علي إعادة استقرار أوضاعهم بعد النصر.
يحكم مصر المقوقس عظيم القبط الروماني يقال اسمه قيرس كانت روح الدولة الرومانية دينية.. فقد أدت الهزائم والقتال لتحقيق النصر، إلي انتشار أن هزائم الدولة المسيحية وإستيلاء عبدة النار، علي مدينة المقدس وكنيسة المسيح ناتج عن البعد عن الدين وتعاليم المسيح، ومن هنا نفهم روح الحوار بين المقوقس.. وحاطب.
تقدم حاطب رسمياً في الإسكندرية للقاء المقوقس والذي بحكم منصبه حاكماً لأكبر بلاد المنطقة، ولوضعه العسكري، علي دراية بما ظهر في الجزيرة العربية من »نبي«.. لكن لم يصله الأمر بوضوح.
فاستضافه خمسة أيام في الكنيسة المدينةأو دار الغرباء علي جزيرة فاروس قلعة قايتباي حاليا ليستريح من سفر 45 يوماً، علي دابته عبر صحاري وجبال ومدن.. مختلفا في ذلك عن وفد ثقيف الذي تلاه ليفسدوا رحلته حماية لمكاسبهم من نذور صنم (اللات).. فقام (الصحابي بعد ذلك).. المغيرة بن شعبة لحيلة الوقوف في قارب بالبحر أمام شرفة المقوقس، يلوح له برسالة معه.. وقد حدث خلط عند البعض فظن أن ما فعله المغيرة، هو تصرف حاطب لكنه أعقل وأدري بدوره فأخذ القنوات الشرعية لسفير يعرف قدره وقدر من أرسله.
وتناقش والمقوقس علانية وسط رجال الحكم أو الدين.. ومنفردين مع مترجم . يكشف الحوار دراية حاطب بآداب الملوك مع قوة الحجة. أكدها المقوقس (إني أعلم أن صاحبك قد تخيرك، حين بعثك).
وبدأ الحوار بعد تسلم الرسالة
- أخبرني عن صاحبك.. أليس هو نبي؟
- بلي هو رسول الله.
- فماله، حيث كان هكذا، لم يدعُ علي قومه، حيث أخرجوه من بلده إلي غيرها؟ يقصد الهجرة.
فرد حاطب - فعيسي بن مريم، تشهد أنه رسول الله.. حيث أخذه قومه، فأرادوا أن يصلبوه ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله.. حتي رفعه الله إليه في السماء الدنيا.
أنت حكيم.. جاء من عند حكيم.
فأكمل حاطب.. ما بين النصح والوعيد المغلف.. - إنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلي (يقصد فرعون موسي).. فانتقم الله به، ثم انتقم منه.. فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر بك.. وإن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه، وهو الإسلام الكافي الله به، فقدمه سواه.. وما بشارة موسي بعيسي، إلا كبشارة عيسي بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلي القرآن، إلا كدعائك أهل التوراة إلي الإنجيل.. (ولسنا ننهاك عن دين المسيح.. ولكنا نأمرك به) وتلا من سورة البقرة »لا نفرق بين أحد من رسله« (الآية: 284).
وفي انفرادهما إلا بالترجمان سأله: - ألا تخبرني عن أمور أسألك عنها؟ فإني أعلم أن صاحبك قد تخيرك حين بعثك.
قال- لا تسألني عن شيء إلا صدقتك
- إلي ما يدعو محمد؟
- إلي أن نعبد الله، لا نشرك به شيئاً.. ونخلع ما سواه ويأمر بالصلاة
- فكم تصلون؟
- خمس صلوات في اليوم والليلة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت والوفاء بالعهد وينهي عن الميتة والدم.
- من أتباعه؟
- الفتيان من قومه وغيرهم..
- فهل يقاتل قومه؟
- نعم
قال المقوقس.. صفه لي. فوصفه.. فقال المقوقس: - لقد بقيت أشياء لم أرك ذكرتها.. في عينيه حمرة قل ما تفارقه، وبين كتفيه خاتم النبوة، يركب الحمار ويلبس الشملة، ويجترئ بالتمرات والكسر، لا يبالي من لاقي من عم ولا ابن عم.
- أجاب حاطب: هذه صفته.
فقال المقوقس: كنت أعلم أن نبياً قد بقي، وقد كنت أظن أن مخرجه الشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج في العرب، في أرض جهد وبؤس.. والقبط لا تطاوعني في اتباعه، ولا أحب أن يعلم أحد بمحاورتي إياك.. وسيظهر علي البلاد، وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه، حتي يظهروا علي ما ها هنا، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفاً.
وقيل إنه قال: هذا زمان يخرج فيه النبي، الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله، وإنا لنجد صفته إنه لا يجمع ما بين أختين ملك بيمين ولا نكاح، وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة وأن جلساءه المساكين، وأن خاتم النبوة بين كتفيه.
وتم تبادل الرسائل التي بدأت برسالة الرسول.. (من محمد رسول الله(ص) إلي المقوقس عظيم القبط سلام علي من اتبع الهدي أما بعد.. فإني أدعوك بدعاية الإسلام، فاسلم تسلم، واسلم يؤتك الله أجرك مرتين.. »يا أهل الكتاب، تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم، ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون« (سورة آل عمران: آية 64).
وضع المقوقس الرسالة في (حق من عاج)، وختم عليه.
ورد علي رسول الله([) برسالة: لمحمد بن عبدالله.. من المقوقس عظيم القبط.. سلام.. أما بعد.. فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت وما تدعو إليه.. وقدعلمت أن نبيا قد بقي، وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام. وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام.
وأرسل مع حاطب (مارية القبطية التي أسلمت وتزوجها النبي 7 ه وأنجبت له ابنه إبراهيم بعد عام ونصف وعاشت بعد وفاة النبي، خمسة أعوام، وماتت 16 ه ودفنت في البقيع.
- سيرين (شقيقتها) (1).. وأسلمت وتزوجها شاعر الرسول(ص) (حسان بن ثابت) وأنجبت منه عبدالرحمن بن حسان من شعراء الأمويين.
- خصي يسمي (مايور).. كبير السن، عمل في خدمة السيدة مارية..
- دليل يقوده في الطريق ويحميه.
- عبد جبر بن عبدالقبطي مولي أبوبصرة الغفاري (بعد ذلك).. ليري الرسول وصفات النبوة فيه، خاصة خاتم النبوة وقد أدي مهمته وعاد لمصر، ثم عاد من جديد للمدينة. فقد أسلم، ليجيء لمصر بعد 14 عاماً في جيش الفتح ويقيم في الفسطاط، ثم ينتقل للإقامة في الصعيد.
- ألف مثقال من الذهب - عشرون ثوباً من قباطي مصر..
- حصان سمي لزاز
- بغلة شهباء سميت (دلدل)
- عسل نحل، من بنها، أعجب مذاقه الرسول(ص) ودعا له (بارك الله في بنها وعسل بنها).
- أعواد مسك.. استخدمتها مارية في تعطير منزلها.
- حمار سمي (يعفور).
لماذا مصر..! لأنها من أهم حواضر العالم.. بها قبط مسيحيون أهل كتاب الله "الإنجيل" وذكرت في القرآن في 25 موضعا.. ًوقد أوصي الرسول(ص) - إذا فتحت مصر، فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة ورحما. - استوصوا بالقبط خيراً، فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان إلي قتال عدوكم - الله، الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله إنهم قوة لكم وبلاغ إلي عدوكم بإذن الله تعالي.. - إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك خير الجند، خير أجناد الأرض وهي أرض يسمي فيها القيراط.

بعد عامين وقبيل فتح مكة.. يظهر ابن أبي بلتعة من جديد في الأحداث.. فقد وصلت المدينة، غانية من مكة، تسمي (سارة)، لم تسلم لكنها طلبت من الرسول(ص) مساعدة علي الحياة فقد هجرها شباب مكة بعد غزوة بدر.. فأعطاها أموالا وملابس وطعاما.. وخرجت إلي مكة.
عرف حاطب بالاستعداد لفتح مكة.. بعد نقضهم عهد الحديبية وهجومهم علي حلفاء النبي الذي تكتم الأمر حتي يفاجئهم. وكان هناك أسرة حاطب عند أحد زعماء مكة (عبدالله بن حميد بن زهير الأسدي) والذي قتل في غزوة بدر، لكن حاطب استمر في تسديد قيمة عتقه للورثة لكنه خاف عند الفتح أن يتطور أمر القتال، فيؤذوا أهله، لكنه كان يعرف يقينا بنصر الله، وأن ما يجمعه الرسول من قوة لن تقدر عليه قريش فأراد أن يجامل زعماءها لتأمين أهله.. فكتب رسالة قال فيها: إن رسول الله قد توجه إليكم، بجيش يسير كالسيل وأقسم بالله لو سار إليكم وحده لينصرنه الله تعالي عليكم، فإنه منجز ما وعده فيكم، فإن الله ناصره ووليه.. وقد أحببت أن تكون لي يد بكتابي إليكم.
وأعطاها إلي سارة، وأهداه بردة و100 دينار كأجر فأخفتها في ثنايا شعرها.. فلن يجرؤ عربي أو مسلم علي مد يده إلي جسدها ويفتشها، ووصلت إلي منطقة (روضة).. خارج المدينة.. وكان جبريل قد أنبأ النبي فأرسل خلفها 6 فرسان لحقوها منهم الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب وأمام حزمه أخرجتها فتركوها وهي لا تعلم شيئاً عن محتواها وعادت تسيء للرسول(ص) وأهله من جديد لكن في الفتح هربت ولم يهتم بتتبعها.
استدعي النبي(ص) (حاطب) وكان عمر بن الخطاب مستعدا لقطع رقبته إذا أمر النبي.
وشرح حاطب وجهة نظره.. يا رسول الله(ص)، والله ما كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ نصحتك، ولا أجبتهم منذ فارقتهم.. ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله نجله ما يمنع من عشيرته، وكنت غريبا فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت علي أهلي، فأردت أن أتخذ عندهم يدا، وقد علمت أن الله ينزل بهم بأساً.. وأن كتابي لا يغني عنهم شيئاً.
لم يقتنع عمر بن الخطاب فحسم النبي الموقف.. بأن حاطب من أهل بدر الذين غفر الله ذنوبهم وأخلي سبيله وضمه لقوات الفتح و أكرم الله حاطب بأن شهد له في القرآن، بالإيمان في (سورة الممتحنة).. (يأيها الذين أمنوا، لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون لهم بالمودة، وقد كفروا بما جاءكم من الحق)

في 11 ه عقب تولي أبوبكر الصديق، خلافة المسلمين.. أرسل حاطب من جديد إلي المقوقس يجدد أمر الصلح.
عاش حاطب حتي خلافة عثمان بن عفان (23- 35 ه).. ومات 33 ه، عن عمر 65 عاماً.. ودفن بالبقيع وترك خلفه 4 آلاف دينار ومنازل.
المغيرة بن شعبة
(3-6)
ركب المغيرة بن شعبه، قارباً في مرمي جلسة عصاري المقوقس في شرفة قصره علي البحر، يلوح بشيء في يديه ليلفت الانتباه فأمر المقوقس باستطلاع أمره.. فعرف بوصول وفد من بني مالك من ثقيف من ناحية الطائف في الجزيرة العربية ليعرضوا عليه أمرهم. فاستضافهم ثلاثة أيام للراحة قبل لقائهم.
المغيرة يحل مشكلة الوفد غير الرسمي الساعي لإفساد نجاح رحلة حاطب وقد خافوا علي منافعهم. فلجأ لهذه الحيلة.
تكون الوفد من 14 رجلاً، 13 من بني مالك، والمغيرة من المتحالفين معهم.. وكانوا من سدنة تمثال (اللات) في ثقيف ويجنون من نذوره الكثير فجاءوا لتأليب المقوقس علي الرسول(ص) والمسلمين فهو أحد القوي الهامة المحيطة بالجزيرة العربية.
قرر المغيرة، الخروج مع الوفد وحده، رافضا تحذير عمه (عمرو بن مسعود) بأنه لا يأمن مكر بني مالك وطلبوا التأييد من المقوقس أو عدم ميله أو صبره علي النبي([) وكان المقوقس (غير رافض للنبي(ص)) فاستمع ولسبب غير واضح لم يسترح للمغيرة فلم يهتم به ولا بهداياه وعندما أهداهم أعطي للمغيرة شيئاً غير ذي قيمة.
فثأرت نفسه (سن 25 سنة).. وخاف أن يفر رفقاؤه بهداياهم من مصر، ولم يشتر هو، فيقللوا شأنه فأضمر التخلص منهم.
في طريق العودة وفي منطقة إيلات (إيلة) ومنطقة (بات) ادعي المرض وعصب رأسه.. ورفض شرب الخمر لمرضه وتولي سقايتهم حتي سكروا. فأخذ يملأ الأقداح حتي آخرها، دون أن يخففها بالماء ليزيدهم سكرا، فناموا، فقتلهم وأخذ هداياهم واتجه إلي المدينة المنورة ودخل المسجد علي الرسول(ص). فبادره أبوبكر، وكان من المطلعين علي أحوال القبائل، وعلم بالرحلة، هل جئت من مصر؟ قال نعم.. فسأله. ماذا كان من أمر وفد بني مالك. فروي للرسول([) ما حدث. وأعلن إسلامه. فأجابه الرسول(ص).. أما إسلامك فنقبله أما الأسلاب فلا، لأنه غدر. والغدر مدمر.. فقال فعلت ذلك وأنا كافر فلم أسلم إلا الآن.. فلم يقبل الرسول إلا إسلامه فقط.. ولم يحاسبه علي غدره كما أراد عمر بن الخطاب.
ثارت ثقيف، واستعدت لقتال أهل المغيرة.. لكن عمه وكان زعيماً مسموع الكلمة، تكفل بدفع دية القتلي (13 رجلاً) وكان لم يدخل الإسلام بعد.
شارك المغيرة في عمرة الحديبية (8ه).. وكان من حرس الرسول(ص).. وقد رفض أهل مكة دخوله معتمراً هذا العام، وليكن في العام القادم.. واختاروا للمفاوضة عروة بن مسعود زعيم ثقيف وعم المغيرة، فجلس مع الرسول(ص) مستهيناً، يمد يده لتحية الرسول، فإذا الحارس المدججً بالحديد، يأمره ارفع يدك وإلا قطعتها.. فسأل عروة عن هذا الفظ الغليظ، فقيل له ابن أخيك (المغيرة) فاحتد عليه وقال له.. إني قد انتهيت من دفع الدية بالأمس فقط.
لكن المغيرة، أصر علي ضيافة عمه بعد ذلك بعام ونصف، عندما جاء مسلماً إلي المدينة.. وضايف بعده وفد ثقيف، وقال المغيرة عنهم.. إنهم منذ دخلوا الإسلام لا يوجد من هو أصدق منهم إيماناً.
بعد فتح مكة.. أمر النبي(ص)، المغيرة وأبوسفيان بن حرب بهدم تمثال (اللات) فتقدم المغيرة فهدده الكاهن بكوارث لكن المغيرة نفذ الأمر.. وتم فتح صندوق النذور فوجده خالياً، وأسلم الكاهن وأهل ثقيف.
شهد المغيرة، باقي الغزوات حتي وفاة النبي(ص) (11ه)، وكان في دفنه. فادعي أن خاتمه قد سقط في القبر، فسمح له الإمام علي بإحضاره، وهناك قال أهيلوا التراب، فردموه حتي وصل التراب إلي منتصف ساقه.. فخرج وقال (أنا آخر من رأي النبي) وتفاخر بها طوال عمره وقد كناه النبي (أبوعيسي).
شارك في حروب الردة، ومعارك اليمامة وفتح الشام واليرموك والقادسية، وكان سفير (سعد بن أبي وقاص) قائد جيوش اليرموك، إلي رستم قائد جيوش الفرس، عندما أرسل له بناءً علي طلبه ثلاثة رسل علي ثلاثة أيام.. أولهم كان فارسا، دخل إليهم علي فرسه.. والثاني رفض أن يجلس معه علي كرسي الحكم، ثم المغيرة الذي ذهب بملابس زاهية وبهيئة الأمير. ليفهم رستم، أن لديه كل أنواع الرجال.
ولاه عمر بن الخطاب، البصرة في العراق، ففتح مديسان ودسيتيميسان وهزم العجم في المرغاب وفتح الأهواز وهمذان وشهد معركة نهاوند. ثم ولاه الكوفة، بعدما اعترض أهلها علي عمار بن ياسر، لأنه رجل متواضع لا يعاملهم بعنف.
في خلافة عثمان (23- 35ه).. أعفي من كل المناصب لكنه اعتزل الناس في فتنة مقتل عثمان وعندما تم اختيار الإمام علي.. نصحه بالتفاوض مع معاوية، ورفض (علي). فذهب الي مع معاوية وشهد واقعة التحكيم.. وانتهاء الصراع (بمقتل علي 40ه وتنازل الحسن 41 ه) فكافأة معاوية بولاية الكوفة. من 41 ه وحتي وفاته 50 ه في مرض الطاعون وكان في عمر 70سنة.
اشتهر المغيرة.. بالدهاء وكان مزواجا، مطلاقاً. لكن قالت عنه إحدي زوجاته (إنه قطعة عسلة). كان ضخم الجسم، ذو شعر خفيف، أهتم الأسنان، أعور فقد إحدي عينيه في معركة اليرموك. كان يحب السلطة والنعمة والابتعاد عن الصراعات فلم يتعرض لشيعة الإمام علي في الكوفة، حتي تجرأوا عليه وحصبوه بالطوب وهو علي المنبر فأرسل لهم 50 ألف درهم عطية. وعندما طلب معاوية البيعة لابنه يزيد. ثار الصحابي حجر بن عدي في الكوفة.. ولم يحرك المغيرة ساكناً، فأرسل معاوية قوات من عنده تقاوم حجر فهرب إلي البصرة وهناك تم قتله. لكنه عندما أصر زياد ابن أبيه، والي البصرة للإمام علي تأييد علي والحسن، بعد مقتل علي، ولمدة 6 شهور، سعي المغيرة بينه وبين معاوية، وأقنع معاوية، بإعلان أن زياد بن أبيه، هو أخوه من أبي سفيان بن حرب.. وولاه البصرة وعقب موت المغيرة 50 ه.. أضاف إليه الكوفة حتي مات زياد 53 ه.. فتولي (عروة بن المغيرة) الإمارة في الكوفة.
وللمغيرة مواقف هامة في التاريخ الإسلامي. أهمها..تضييقه علي مولاه (فيروز) أو (أبو لؤلؤة المجوسي).. الذي أرسله للمدينة المنورة، علي غير رغبة أمير المؤمنين ابن الخطاب وكان أبولؤلؤة صانعا ماهرا، حدادا ونجارا.. يأخذ المغيرة منه 4 دراهم يومياً، بمتوسط 100 درهم شهريا، فاشتكاه إلي عمر الذي أجله لوقت آخر، فغضب وقتل عمر.
- كان يجيد الفارسية.. فأحبه أهل الكوفة.. ومعظمهم من (إيران) وفي عهده جاءه المختار الثقفي إلي الكوفة.. وهو من بلدة ثقيف، وعاش معه..ثم قاد ثورة الموالي، وهم المسلمون غير العرب ضد حكم عبدالله بن الزبير وضد عبدالملك بن مروان، حتي قتله ابن الزبير 64 ه.
وهو الذي أقترح علي عمر بن الخطاب لقب (أمير المؤمنين)..
- وصاحب أول اقتراح بتوريث الحكم. بدأ مع أبوبكر الصديق.. بتقديم ابنه عبدالرحمن بن أبي بكر لكن أبوبكر رفض.. فاقترحه علي عمر بن الخطاب فور الاغتيال بتقديم عبدالله بن عمر.. فرفض. وقال يكفي آل الخطاب أن يحاسب واحد منهم في أمر المسلمين.. وهذا ما جعل عثمان لا يأمن له.
وله موقف طريف، بجلوسه وعمرو بن العاص. علي باب منزل اجتماع الصحابة بعد مقتل عمر لاختيار الخليفة الجديد، ليدعيا اشتراكهما في الأمر، لولا أن حصبهما عبادة بن الصامت بالطوب.. ويعود المغيرة إلي التوريث مع معاوية (41- 60ه). عندما تقاعس عن وقف الشيعة والخوارج، وأراد معاوية عزله.. فاقترح ولاية العهد إلي يزيد، حتي لا يتقاتل الناس بعد معاوية.. وراقت الفكرة لمعاوية بعد تعهد المغيرة بأخذ البيعة منه وأرسل إلي دمشق 20 ألفا بذلك.
لكن التاريخ يقول إنه خرج من عند معاوية ليقول لخاصته أني وقد وضعت قدم معاوية في مغرز لا يخرج منه حتي يوم القيامة... وقد كان!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.