أسعار البيض بالأسواق اليوم الجمعة 30 مايو    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الجمعة 30 مايو    رسائل SMS تصل للمتقدمين ل"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو في سوق العبور للجملة    كامل الوزير: الجسر العربى نموذج ناجح للشراكة العربية    جيش الاحتلال يخلي مستشفيات غزة بالقوة رغم زيادة أعداد المصابين    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    زلزال بقوة 4.8 ريختر درجة يضرب إقليم ألباي في الفلبين    طلب أموالا ومعلومات عن ترامب.. مجهول ينتحل شخصية كبيرة موظفي البيت الأبيض    رويترز: خطة أمريكا لوقف إطلال النار تتضمن الإفراج عن 125 سجينا فلسطينيا    ماذا قدم فينيسيوس مع أنشيلوتي في الريال قبل تنصيب الإيطالي مدربًا للبرازيل    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام القادسية في كأس الملك    حبس المتهم بقتل طالب جامعي في حلوان    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    مديحة يسري، ملكة الأناقة التي عشقها العقاد وغنت لها أم كلثوم "أروح لمين"    حالة الطقس اليوم الجمعة 30-5-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 30-5-2025 في محافظة قنا    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    حاسوب فائق سمي تيمنا بعالمة الكيمياء جينيفر دودنا يعزز الذكاء الاصطناعي    لتغيير مفهوم رحلة اليوم الواحد، تفاصيل إقامة معارض أثرية في روسيا    اليوم.. الأوقاف تفتتح 20 مسجداً جديداً بالمحافظات    «مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    48.8 مليار جنيه مكاسب سوقية للبورصة المصرية خلال أسبوع ومؤشر EGX30 يرتفع 2.26%    «الجينوم الرياضي».. أولى الخطوات العلمية والعملية نحو مربع الدول العظمى    فوائد الزنجبيل، لتقوية المناعة وصحة الدماغ وجمال البشرة    نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 الترم الثاني بالاسم في جميع المحافظات .. الروابط الرسمية للاستعلام الآن    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    كان نايم.. مصرع شاب دهسًا بسيارة والده في العاشر من رمضان    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    إنييستا: إنريكي موهوب.. وإنتر يمتلك لاعبين كبار    منصات إطلاق صواريخ وقذائف.. إسرائيل تقصف مواقع عسكرية ل حزب الله اللبناني    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    ترامب: يجب تمكين الرئيس من حماية الاقتصاد الأمريكي    مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)    مجموعة الموت.. المغرب تصطدم ب«إسبانيا والبرازيل» في كأس العالم الشباب 2025    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    "بسبب بن رمضان وتريزيجيه".. إمام عاشور يكشف حقيقة طلبه تعديل تعاقده مع الأهلي    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر رسميًا    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد القراء : مشاكل الحياة
نشر في أخبار النهاردة يوم 17 - 03 - 2013

أنا أنْتمي لعائلةٍ وفيرةِ العَدد، كثيرة المشاكِل، باعتبار أنَّ البناتِ تأخرْنَ في الزواج معَ الفقر، وأبي ليس له دَوْر فعَّال في حياتنا، فكانت أمِّي تقريبًا وحدَها مَن يهتمُّ بنا دائمًا، ويوميًّا المشاكل في بيتنا، وإلى الآن، لا أنسى العراكَ والصياحَ، ولا أنسى بُكائي واختبائي.
مارستُ العادةَ السِّريَّة وأنا أجهلها وأنا طفلة، ثم انقطعتُ وعُدتُ أمارسها عندَ سن 15 سنة لمدة ثمانية سنوات، وأثَّر هذا فيَّ فكنتُ طيلةَ هذه المدَّة منطويةً خائفةً من المجتمع.
وأصبحتُ متشائمةً، وحتى حين بدأتُ أنتمي إلى نادٍ رياضي رفَض شقيقي، وانقطعتُ خلالَ فترة الجامعة، وهي أحْلى فترةٍ في حياتي، ولن تتكرَّر.
أُعْجبت بأشخاص، ولكنَّهم لم يهتمُّوا بي، وهذا أثَّر كثيرًا على شخصيتي، كل صديقاتي مخطوبات، أو لديهنَّ مَن يحبُّهنَّ، إلاَّ أنا.
المهم: كنتُ ناجحةً، وأتممت دراستي بنجاح، انقطعتُ عن ممارسةِ العادة السريَّة، وتحجبتُ والتزمتُ في صَلاتي - والحمد لله.
واليوم أنا أعمل عملاً حكوميًّا، ولديَّ الكثير من المشاكِل في العمل، ومشاكل العائلة ما زالتْ كما هي.
صدقًا لم أعُدْ قادرةً على تحمُّل العيش مع عائلتي، وما زلتُ فاشلةً في الحب، كل مَن أُعجب به لا يهتمُّ بي، مع العلم أني مقبولةُ الجمال.
أصبحتُ غير مبالية، ويائسة مِن الحياة، مِن الحب والزواج، كل شخص أتوقَّع مسبقًا أنَّه لن يحبَّني، وسيحبُّ غيري، وكثيرًا ما أفكِّر في الانتحار.
حقًّا لم أعُدْ أحبُّ الحياة.
أرجو مساعدتي، وجزاكم الله كلَّ خير.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
حياكِ الله عزيزتي، ومرحبًا بك معنا في موقع (الألوكة)، كل هذا الهم تحملينه داخلَ قلْبك، وتسيرين به يوميًّا إلى عملِك، وتعودين به إلى منزلِك، وتُؤمنين به، وتعزِّزين ذلك الشعورَ في نفسك وترسخينه في عقلِك، وتتصرفين بناءً عليه، وتُريدين بعد ذلك أن تستشعري محبَّةَ الجميع؟!
تأمِّلي معي هذا (السيناريو) وأعطيني رأيك:
"خرَج الوالد من منزلِه متوجهًا إلى عمله، فقابلتْه بعضُ متاعب العمل العادية، فهذا رئيسُه يطالبه بأشياءَ فوق طاقته، ويُحمِّله أكثرَ مما ينبغي، فكان سوءُ أدائه وتأخُّر إنجاز العمل سببًا لمزيدٍ مِن توبيخ رؤسائه، واستيائهم من أدائه، فعاد إلى بيته محمَّلاً بتلك الهموم، واجمًا متجهمًا، فدخَل البيت ولاحظَه أبناؤه، فأسرعوا إلى غُرَفهم يتوارون عن ذلك الشَّررِ المتطاير مِن عينيه، وبادرتْ زوجته بسؤاله عن حاله، فلمْ يُجب بأكثرَ مِن: أنا مُرهَق من العمل، ولستُ على استعدادٍ لسماع أحاديثكِ الآن.
فتوارتْ عن عينيه؛ لتجلسَ مع الأبناء، أو تتحدَّث في الهاتف، أو تنشغل عنه بما يمنعها مِن محاورته مرَّة أخرى، وأسْرع هو إلى غُرفته يبكي حظَّه، أنه حتى أبناؤه وزوجه لا يُكِنُّون له من المحبَّة شيئًا!
وقرر في النهاية أنه لا أحدَ يحبُّه في هذه الحياة التي يُفضِّل الموتَ عليها".
نهاية مأسوية، لكنَّه كتبَها على نفسه بنفسه، وهو لا يَدري، ما رأيك أنتِ؟
في الحقيقة يا أخيتي، نحن نفعَل مثلَ ما فعل هذا الوالد في الكثيرِ من المواقفِ اليوميَّة، نُريد أن نعطي ساعةً لنأخذَ يومًا، نريد ممَّن حولنا أن يتحمَّلونا بكلِّ عيوبنا، ولا نُطيق ذلك منهم!
نسارِع في إطلاق الأحكام على أنفسنا ومَن حولنا مِن دون بيِّنَة حقيقيَّة.
من قال لك عزيزتي: إنَّ جميعَ مَن حولك لا يحبُّونك؟!
مَن قال لكِ: إنَّ قطار الزواج قد فاتَك؟!
أنتِ إنسانةٌ ناجِحة، وقادرة على تحمُّل ظروف الحياة، والتكيُّف معها، فلماذا تتوقَّعين مِن زوْج المستقبل أن يحبَّ غيرَك؟! أعانه الله على ما ينتظره!
لماذا تَظنّين بنفسك كلَّ هذا السوء يا عزيزتي؟!
ارْفُقي بنفسِك، فالأمر أهونُ بكثير ممَّا تتصورين، ما أمْر هذه الحياة كلِّها إلا كما وصفَه الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله: ((لو كانتِ الدنيا تعدِلُ عند الله جَناحَ بَعوضة ما سقَى كافرًا منها شرْبةَ ماء))؛ رواه الترمذي وابن ماجه.
وكما قال الله فيها: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32].
كيف يُضحِّي المسلم بنفسه من أجْل تلك الأيَّام التي يقضيها فيها؟!
نعم، هي مجرَّد أيام معدودة، بل هي كعشيةِ يوم واحد؛ ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ [النازعات: 46].
تقولين: "ما زلتُ فاشلةً في الحب، كل مَن أعجب به لا يهتمُّ بي، مع العلم أني مقبولةُ الجمال".
بل احمدي اللهَ أنَّ قد نجاكِ مِن الوقوع في تلك العلاقات الوهميَّة، التي لا خيوطَ تربط بيْن قلوب أصحابها إلا كخيوطِ العنكبوت؛ ﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 41].
أنتِ في نِعمة عظيمة، ومِنَن جليلة، حفظكِ الله مِن علاقات الحبِّ غير الشرعية، وخلَّصكِ من العادة السريَّة، وهداكِ لارتداء الحجاب، والمحافظةِ على الصلاة في ظلِّ مجتمع بعيدٍ عن الله، فقلْبك نظيف نقي - بفضْل الله.
تَلِج الكثيرُ من الفتيات عالَمَ الحياة الزوجية بقلوب كسيرة محطَّمة، مِن أثر علاقات الحبِّ المزعوم، والذي لا ينتهي غالبًا إلا بالفشَل، فكلُّ ما بُني على باطِل يكون باطلاً، وأنت ستدخلين إلى عُشِّ الزوجية بقلْب طاهِر، تملئينه بمحبَّة زوجك وأبنائك، لا يُعكِّر صفوَ حياتك – بإذن الله - ماضٍ بغيضٌ، ولا ذكرياتٌ أليمة.
إنْ كنتِ قد لاحظتِ قلَّة الصديقات حولك، وعدم تقبُّل الناس لك، فراجعي جيدًا طريقةَ تعاملك مع الناس، هناك مِن الأمور ما يصعُب علينا أن نلحظَه في أنفسنا، قد نكون أحيانًا أشخاصًا غير مرغوب فيهم؛ لثرثرةٍ زائدة، أو سلوك مستفِز، أو حديث ممِل، الأسبابُ كثيرة، ويشقُّ على النفْس مواجهةُ عيوبها، لكن بإمكانك مراقبة نفسك جيدًا، والاطِّلاع على طريقةِ التعامل المُثلَى.
أنصحُكِ بقراءة كتاب "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثِّر في الناس؟"؛ للكاتب الشهير "ديل كارنيجي"، والكُتب في هذا المجالِ كثيرة، وبإمكانك البحْث عنها على شبكة (الإنترنت)، كما أنَّ هناك أيضًا الكثيرَ من الدورات المتخصِّصة في فنِّ التعامل مع الناس، بإمكانكِ الالتحاق بها، والاستفادة منها بالتطبيق العملي، وهذه بعض الخُطُوات المختصرة، أرجو أن تقرئيها بعِناية، والأهم أن تطبِّقيها على الفور:
أولاً: الناس لا يحبُّون إلاَّ مَن يهتمُّ بهم اهتمامًا حقيقيًّا، صادقًا خاليًا من المصالِح الشخصية، فجرِّبي أن تسألي عن صديقات أو زميلات الدراسة، وأن تفتحي معهنَّ حواراتٍ لطيفةً ودودة، تشعرهنَّ بصدق محبتك، وتوضِّحين فيها استعدادَك لتقديم أيَّةِ مساعدة لهنَّ، فالناسُ لن يحبُّونا من دون تقديمِ يدِ العون وإظهار الاهتمام.
ثانيًا: يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تبسُّمُك في وجه أخيك لك صَدَقة...))؛ رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وصحَّحه الألباني.
فما أقلَّ ما يُكلِّفنا التبسمُ، وما أكثرَ ما يثمر!
صَدِّقيني - عن تجرِبة - الابتسامةُ لها مفعول السِّحْر في نفوسِ الناس، فمهما يكن بك مِن هَم، جرِّبي أن تتبسمي لأهلك وصديقاتك برِقَّة، وسترين لذلك أثرًا طيبًا فعَّالاً - بإذن الله.
ثالثًا: احترام الناس، وإظْهار التقديرِ لهم، والثناء الصادق البعيد عن التملُّق، فمَن منَّا لا يَسعَدُ قلبه بالاحترام، ومَن الذي لا تستهويه كلماتُ الشكر والتقدير؟!
حتى الأطفال يَسعَدُون بذلك ويستشعرونه، فلاحِظي نفسَك، وراقبي سلوكك جيدًا مع مَن حولك: هل تصدر منكِ كلماتٌ توحي بعدم الاحترام؟
هل تتفوَّهين بما لا يَليق مع مَن تحادثينه؟
هل تُكثرين مِنَ الانتقاد؟
أشْعري مَن حولك بثِقتك فيهم، وتقديرك لهم، وابتعدي تمامًا عن التوبيخِ أو التهكُّم.
رابعًا: كوني مستمِعةً جيدة، وهذه مِن أهمِّ القواعد في كسْب محبَّة الناس، واصطياد قلوبهم، فالناس يحبُّون التحدُّثَ إلى مَن يستمع ولا يُظهر التبرُّم، يحبُّون مَن يُصغي باهتمام، لا مَن يتأفَّف، ويعلن بلسانِ الحال: متَى ينتهي الحديث؟
بل وزِيدي على ذلك متابعةَ الأحداث مِن حولك، فاسألي مثلاً عن ابنةِ صديقتك المريضة، وعن والدةِ الأخرى، وعن مشكلةٍ كانت تمرُّ بها إحداهنَّ، وهكذا.
خامسًا: ابتعدي تمامًا عن الجَدَل، فهو أسرعُ الطرق لكسْب كراهية الناس، وخير معينٍ لهم على النفور منك، بل وضِّحي وجهةَ نظرك بهدوء، وإنْ لم يَتقبَّل الطرَف الآخَر، فالْتزمي الصمت، فقد بلَّغتِ، وليس عليك أكثرُ من ذلك.
سادسًا: لا تكوني كتومًا، بل عبِّري عن نفسك بوضوح (Express yourself).
ما المانعُ أن تدخلي على والدتك، وتقولي لها: أحبُّك يا أمِّي؟ أو تدعي لوالدك أمامَه، أو تقولي لأختك أو أخيك: أنت أخي الحبيب؟!
هذه الكلمات يحتاجها كلُّ مَن حولك، وتؤثِّر فيهم بشكلٍ كبير، واختفاء مثْل هذه الحوارات القصيرة يؤثِّر سلبًا عليك، وعلى مَن حولك، فأَحْسني التعبيرَ عن مشاعرك.
سابعًا: كوني شخصيةً متجدِّدة، وابتعدي عن الملَل، والأحاديثِ التي لا تَبعث إلا على السآمة والحُزن، اقرئي وتعرَّفي على الأخبار التي يحبُّها مَن حولك، وحدِّثيهم بها بأسلوب مرِح وجميل، حدِّثي كلَّ شخص بما تظنِّين أنَّه يحبه، وثقِّفي نفسك في الكثير مِن الجوانب؛ حتى لا تلتزمي الصمتَ في المناسبات والاجتماعات، فالناسُ تحب الشخصَ الاجتماعي، وقد انقضتْ أسباب الانطوائية، فلِمَ التقوقُع على النفس الآن؟!
ثامنًا: تعرَّفي على زميلاتِك في العمل، وتودَّدي إليهنَّ، ووسِّعي نطاق معارفك، وحاولي تقديمَ بعض الهدايا اليسيرة لهنَّ في المناسبات، وتحمَّلي عيوبهنَّ بصَبْر.
تاسعًا: كوني دبلوماسيَّة، فلا تُعلني موقفك السلبي مِن فلانة مهما كان، واحتفظي بما يجبُ الاحتفاظ به، وتحدَّثي بما يجب التحدُّث به، في الوقت المناسب له، بالكيفية المناسبة؛ صعبة؟ تبدو كذلك، لكن بالتجرِبة ستلاحظين سُهولتَها.
هذا ما أردتُ أن أقوله بخصوص تقبُّل الناس، وكسْب مودتهم، أمَّا عن حديثك عن الانتحارِ، فقد آلمني بحقٍّ، كيف لمسلمة تعبُد الله، وتُصلي له في اليوم خمسَ مرات أن تُرادوها تلك الفكرةُ الشيطانية؟!
من المؤسِف أن يُقبل الغرب الكافر على الحياة، ويُحقِّقوا فيها أعْلى درجات النجاح، ورغم كلِّ ما يواجهون مِن صعوبات يستمرُّون، ونحن - المسلمين - نتمنَّى الموت مع كلِّ بلية تنزل بنا، وكل هَم يسيطر علينا، ألِهذا الحدِّ وصَل بنا الضعف والهوان؟!
يقول الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي - رحمه الله -:
"لا عُذرَ للمنتحِر في انتحارِه مهما امتلأ قلبُه بالهمِّ، ونفسه بالأسَى، ومهما ألَمَّت به كوارثُ الدهر، وأزمت به أزماتُ العيش؛ فإنَّ ما قَدِم عليه أشدُّ مما فرَّ منه، وما خَسِرَه أضعافُ ما كسَبه، ولو كان ذا عقلٍ لعَلِم أنَّ سكراتِ الموت تَجْمع في لحظة جميعَ ما تفرَّق مِن آلام الحياة وشدائدها في الأعوام الطوال، وأنَّ قضاء ساعة واحدة فيما أعدَّ الله لقاتلِ نفسه مِن العذاب الأليم أشدُّ من جميعِ ما يشكو منه، وما يُكابده من مصائبِ حياته وأرزائها، لو يُعمَّر ألْفَ سَنَة".
فأرجو ألا تخطر هذه الفكرة على عقلك مرة أخرى، وثِقي أنها مِن نزغات الشيطان، الذي أخَذ على نفسه العهدَ بإغواء بني آدم، لكي يكونوا في نارِ جهنمَ معه؛ ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]، فتوقَّفي عن ذلك أُخيتي، واثبتي على ما أنتِ عليه مِن صلاح، وثِقي أنَّ المِنَح مع المِحَن، وأنَّ النصر مع الصبر، وأنَّ القوة في الشدائد.
وما أجملَ قول الشاعر:
وَلِلنَّجْمِ مِنْ بَعْدِ الرُّجُوعِ اسْتِقَامَةٌ
وَلِلشَّمْسِ مِنْ بَعْدِ الغُرُوبِ طُلُوعُ
وَإِنْ نِعْمَةٌ زَالَتْ عَنِ الحُرِّ وَانْقَضَتْ
فَإِنَّ لَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ رجوعًا
فَكُنْ وَاثِقًا بِاللَّهِ وَاصْبِرْ لِحُكْمِهِ
فَإِنَّ زَوَالَ الشَّرِّ عَنْكَ سَرِيعُ
ويقول الأستاذ عبد الكريم القصير في كتابه "ابتسم للحياة":
90% مِن متاعِبنا وآلامنا تبدأ منَّا نحن!
كثيرةٌ هي الآلام التي تكتَسي فريقًا من الناس، وتؤدِّي بهم إلى المهالِك، وتكسو وجوهَهم سحابةً غابرةً من الحزن، ويتساءلون دومًا عن ماهيات انبعاث ذلك الضجيج الذي مِن حولهم، ويحسبون أنَّهم سارِقو الحظِّ التعيس، وهم لا يعلمون أنَّ ذلك داخلهم، ويدور في أفلاكهم.
فأَحْسِني الظنَّ بربك، وثِقي أنه لا يردُّ قلبًا تعلَّق به ورجَا رحمتَه، وصَدَق في اللجوء إليه، وإنَّما هي ابتلاءات ومِحن؛ ﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 154].
لم تَذكُري عُمرَك، لكن لا يبدو لي أنَّك كبيرةٌ لدرجة اليأس مِن الزواج، وكَوْن صديقاتك تزوجْنَ لا يعني أبدًا أنَّك كبيرة، فالفتاة في الثلاثين الآن لا يُنظر إليها بنفْس العين التي كان المجتمع يَنظر بها في الماضي، واعْلمي أنَّ الزواج رِزق، كغيرِه من الأرزاق، يهبُ الله مَن يشاء لمَن يشاء متَى شاء، سبحانه هو العليم الخبير!
أخيرًا: يقول بعضُ الحكماء: "مَن كانتْ بدايته محرقة، كانتْ نهايته مشرِقة"، فأرجو مِن الله أن يجعلَ كلَّ حياتك إشراقًا ومحبَّة، وأن يرزقَك زوجًا صالحًا تَسْعدين به في الدنيا والآخِرة، ولا ينظر إلى سِواكِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.