عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم في بداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    تراجع سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الإثنين 6 مايو 2024    الأقصر تحددد شروط التصالح فى مخالفات البناء وبدء تلقي الطلبات الثلاثاء    انطلاق قطار مفاجآت شم النسيم من القاهرة حتى سيدي جابر    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارات عنيفة شمال بيت لاهيا    تزامنا مع بدء الإخلاء.. تحذير من جيش الاحتلال إلى الفلسطينيين في رفح    عاجل.. أوكرانيا تعلن تدمير 12 مسيرة روسية    محمد صلاح يُحمل جوزيه جوميز نتيجة خسارة الزمالك أمام سموحة    مصرع طالب ثانوي وإصابة آخرين في حادث تصادم بدائري الإسماعيلية    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    أخبار التكنولوجيا| أفضل موبايل سامسونج للفئة المتوسطة بسعر مناسب وإمكانيات هتبهرك تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo وOnePlus Nord CE 4 Lite    بمناسبة ذكرى ميلادها ال 93، محطات في حياة ماجدة الصباحي    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخبار امريكا : دراسة أمريكية تكشف : المخابرات الأمريكية لها عملاء داخل التنظيمات الإسلامية ومنها جماعة الإخوان المسلمين
نشر في أخبار النهاردة يوم 17 - 09 - 2012

رصدت دراسة أعدها باحثان بكلية لندن للاقتصاد «تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة، وتحديدا جهاز مخابراتها الCIA، وجماعة «الإخوان المسلمين» منذ الخمسينات وحتى الآن. وخلصت الدراسة -التى نُشرت على النسخة الإنجليزية من موقع «المجلة»- إلى أن السى آى إيه كانت على اتصال مباشر بجماعة الإخوان فى فترتين فقط؛ الأولى فى بداية الخمسينات، والثانية أثناء الغزو السوفيتى لأفغانستان. أما أثناء حكم مبارك فقد تجنب الأمريكان الاتصال المباشر بالجماعة خوفا على مصالحهم فى المنطقة، وعلى رأسها اتفاقية السلام مع إسرائيل، واكتفى الأمريكان -الحريصون على عدم إغضاب حليفهم المخلص مبارك- بالاتصال بأعضاء الجماعة بصفتهم أعضاء برلمان أو رؤساء نقابات مهنية وليس بصفتهم أعضاء فى جماعة محظورة.
وسلطت الدراسة الضوء بشكل خاص على سعيد رمضان (1926 - 1995) زوج ابنة الشيخ حسن البنا الذى عمل -حسب الدراسة- مسئول اتصال بين الجماعة والإدارة الأمريكية فى بداية الخمسينات. وتقدر الدراسة أن معارضة الجماعة لاتفاقيات السلام مع إسرائيل وزيارة الرئيس السادات للقدس، كانت نقطة تحول فى نظرة أمريكا للإخوان وباتت تعتبرهم عائقا لمصالحها وعبئا على حلفائها. كما أشارت الدراسة إلى أن كثيرا من الادعاءات الخاصة باتصال الجماعة بالمخابرات الأمريكية على وجه التحديد ليست إلا تكتيكا شائعا فى المنطقة يهدف إلى تشويه صورة الجماعة باعتبار أن العلاقة بالأمريكان تعد -فى حد ذاتها- شبهة وسبة فى المنطقة، لأنها تعنى ضمنيا التوافق والتنسيق مع الصهاينة، حسب الدراسة التى أعدها أليكس إدواردز المتخصص فى السياسة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط، وبراين جيبسون مؤلف كتاب «العلاقة السرية: الخارجية الأمريكية، السياسة والاستخبارات والحرب بين إيران والعراق، 1980-1988»، وكلاهما يعد لدرجة الدكتوراة من كلية لندن للاقتصاد.
وتؤكد الدراسة، التى ترصد تاريخ علاقة الجماعة بالولايات المتحدة فقط بداية من عام 1952، أن أدلة مختلفة تشير إلى أن الولايات المتحدة اتصلت بشكل دورى بقيادات الإخوان منذ بداية الخمسينات، وقت أن كانت إدارة الرئيس أيزنهاور تسعى إلى كسب ود وصداقة القوى السياسية المختلفة فى المنطقة العربية ومنها الإخوان.
وفى عام 1953، كما تضيف، زار وفد علماء مسلمين من دول مختلفة الولايات المتحدة وذلك -كما أُعلن وقتها- لحضور ندوة عن الثقافة الإسلامية نظمتها جامعة برنستون، وكان بينهم سعيد رمضان، أحد قيادات الرعيل الأول للجماعة، وزوج ابنة الإمام حسن البنا، والسكرتير الشخصى له، ووالد الداعية الإسلامى الدكتور طارق رمضان. وبعد انتهاء الندوة اختار مسئولون فى البيت الأبيض 15 شخصا من هؤلاء العلماء لدعوتهم لزيارة البيت الأبيض، ومقابلة الرئيس الأمريكى دوايت ديفيد أيزنهاور فى 23 سبتمبر من عام 1953. لكن وثيقة سرية أمريكية، وقعت فى يد صحفى التحقيقات الأمريكى روبرت دريفوس مؤلف كتاب «لعبة الشيطان: كيف أطلقت أمريكا الأصولية الإسلامية؟»، كشفت أن هدف الزيارة الحقيقى كان حرص واشنطن على التعاون مع أشخاص من أصحاب النفوذ فى تشكيل الرأى العام فى البلاد الإسلامية فى قطاعات مختلفة مثل التعليم والعلم والقانون والفلسفة، وهو ما سيعزز بشكل غير مباشر النفوذ السياسى للولايات المتحدة فى المنطقة، ويدعمها فى حربها ضد المعسكر الشيوعى بقيادة الاتحاد السوفيتى. فى هذه الفترة كانت مناهضة الشيوعية هى المحرك الأساسى للسياسة الأمريكية، وهو هدف مشترك مع الإخوان.
يقول الصحفى الأمريكى الشهير إين جونسون فى كتابه «مسجد فى ميونخ»، الذى رصد فيه الاتصالات المبكرة بين الجماعة والولايات المتحدة: «يبدو أن الهدف الحقيقى من الدعوة كان التعرف على مدى استعداد الإسلاميين -ومنهم الإخوان- لدعم واشنطن فى صراعها مع موسكو الشيوعية». كانت الولايات المتحدة فى هذه الفترة تنظر إلى الإسلام باعتباره قوة اعتدال إيجابية قادرة على ردع الشيوعية، ولذلك لم يكن غريبا أن يدعو مسئولون فى الإدارة الأمريكية سعيد رمضان -مع آخرين- إلى زيارة البيت الأبيض ولقاء أيزنهاور، لكن لم تتوافر أى مستندات تروى ما حدث أو ما تم الاتفاق عليه أثناء هذه الزيارة.
بعد تدهور العلاقات بين الإخوان وعبدالناصر عقب محاولة اغتياله فى ميدان المنشية عام 1954، فر رمضان هاربا من مصر إلى سويسرا حيث أسس «مركز جنيف الإسلامى» -مركز الأنشطة الدولية للإخوان- ثم انتقل رمضان لألمانيا الغربية، لكن ظل نشاطه مجهولا حتى يوليو من عام 1995 عندما كتب إين جونسون مقالا فى وول ستريت جورنال كشف فيه عن أن الإخوان أجروا ترتيبات عمل مع أجهزة المخابرات الأمريكية، وأن وثائق ألمانية أكدت أن الولايات المتحدة أقنعت الأردن أن تصدر جواز سفر دبلوماسيا لسعيد رمضان، وأن الجانب الأمريكى كان يتكفل بنفقاته، وأظهر مقال جونسون أن رمضان كان «عميل معلومات» لكل من البريطانيين والأمريكان، بعد أن وجد فى الأرشيف السويسرى ما يؤكد ذلك.
وأكد جونسون أن أدلة تورط رمضان مع المخابرات الأمريكية «تبخرت»، عقب رفض ألمانيا الغربية فى ديسمبر 1963 السماح له بالمشاركة فى حملة دعائية ضد الاتحاد السوفيتى، تحت إشراف وكالة الاستخبارات الأمريكية.
بعد وفاة جمال عبدالناصر فى سبتمبر 1970، وجد خليفته أنور السادات نفسه فى مواجهة الناصريين والشيوعيين، ما جعل جماعة الإخوان وقتها حليفه الوحيد، فأطلق سراح أعضائها من السجون التى دخلوها فى عهد سلفه عبدالناصر، لينعما -السادات والإخوان- بعلاقة وفاق استمرت لسنوات حتى قام السادات بتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979. هذه الاتفاقية، كما يرى الباحثان، لم تدمر فقط علاقة السادات بالإخوان، لكنها رسخت الاعتقاد داخل الإدارة الأمريكية أن الإخوان باتوا عقبة أمام السلام فى المنطقة وخطرا على المصالح الأمريكية وعبئا على حلفائها.
مبارك ظل متسامحا مع الإخوان حتى فاجأوه بالفوز ب 36 مقعد في انتخابات عام 1987، فقرر إلغاء النتيجة واعتقال قادتهم وفرض الحراسة على النقابات التي سيطروا عليها.
عندما جاء مبارك إلى السلطة واصل سياسة السادات المتسامحة مع الإخوان، على الأقل فى بداية عهده، لأنه كان فى حاجة إلى حليف قوى يدعم جهوده فى عمل مصالحة وطنية بعد مرحلة اغتيال السادات الحرجة. ومثل السادات، بدأ مبارك عهده بإطلاق سراح أعضاء الجماعة من السجون التى دخلوها أثناء أحداث سبتمبر 1981. ورغم أن مبارك كان حريصا ألا يقترب أكثر مما ينبغى من الإخوان فقد سمح لهم بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية كمستقلين، لكن عندما نجح الإخوان فى الفوز ب 36 مقعدا فى انتخابات عام 1987 قرر إلغاء نتيجة الانتخابات، ومنعهم من المشاركة فى العملية السياسية، فاتجه الإخوان -كبديل- إلى النقابات المهنية، ما أدى إلى حملة أمنية عنيفة ضدهم فى التسعينات وفرض الحراسة القضائية على بعض النقابات التى كانت تحت سيطرتهم.
وفى مطلع الثمانينات اكتسبت الجماعات الإسلامية المختلفة، ومنهم الإخوان، أهمية خاصة لإدارة الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، الذى كان يرغب فى توظيفهم لضرب الاتحاد السوفيتى بعد غزوه أفغانستان عام 1979، فى هذه الفترة سعت الCIA والمخابرات الباكستانية إلى العمل بشكل وثيق مع الإخوان، فرع باكستان المعروف باسم «جماعة الإسلام»، وذلك بهدف استنزاف الجيش الأحمر فى أفغانستان. خطة ريجان -التى جعلت الولايات المتحدة فيما بعد متهمة بإطلاق شيطان الجهاد الإسلامى المسلح نواة «القاعدة»- كانت وما زالت موضع فخر كثير من السياسيين الأمريكان الذين رأوا فيها فكرة عبقرية لا يقلل منها وجود آثار جانبية، وهو ما عبر عنه زبيجنيو بريجنسكى مستشار الرئيس كارتر لشئون الأمن القومى ذات مرة لصحيفة «نوفيل أوبزرفتوار»، التى سألته هل يشعر بالندم على رعاية الجماعات الإسلامية أثناء حرب أفغانستان، فقال: «كيف أندم على فكرة ممتازة، وما أهمية قيام طالبان مقارنة بسقوط إمبراطورية الاتحاد السوفيتى؟ وما أهمية وجود بعض المسلمين الغاضبين مقارنة بتحرير وسط أوربا وإنهاء الحرب الباردة؟».
لكن رغم التنسيق القوى بين الولايات المتحدة والجماعات الإسلامية المختلفة فى هذه الفترة، فإن واشنطن ظلت -كما ترصد الدراسة- حذرة فيما يتعلق بعلاقاتها بإخوان مصر، خشية أن تخل بتوازن القوى الدقيق هناك، وخوفا منها على مستقبل اتفاقية السلام مع إسرائيل.
ظل الخوف على اتفاقية السلام هو المحرك الرئيسى لعلاقة الولايات المتحدة بمصر، حتى الأيام الأخيرة من حكم مبارك، وتكشف برقيات ويكيليكس فى الثمانينات والتسعينات أن السفارة الأمريكية فى القاهرة سعت إلى إجراء اتصالات محدودة مع الإخوان، لكن الجماعة -خوفا من الدعاية السيئة ورد فعل نظام مبارك- كانت تطلب من الجانب الأمريكى الحصول على تصريح رسمى لأى مقابلات مع قياداتها، فاقتصرت الولايات المتحدة فى اتصالاتها بالجماعة على أعضائها بالبرلمان وأعضاء النقابات المهنية، ترصد برقية للسفارة الأمريكية فى القاهرة فى عام 1999 سربتها ويكيليكس، تقول فيها: «اتصلنا بهم (أى بأعضاء الجماعة) بصفتهم رؤساء نقابات وليسوا كونهم أعضاء فى جماعة محظورة»، كما تظهر نفس البرقية درجة عالية من الشك من جانب الدبلوماسيين الأمريكان فيما يتعلق بنوايا الإخوان ودوافعهم، مشيرة إلى مواقف وأمثلة كثيرة تجعلهم يرتابون فى موقف الجماعة المعلن من الديمقراطية والمساواة مع الأقباط ونبذ العنف، ويرون فى تعهداتهم حول هذه القضايا مجرد غطاء زائف لنوايا مختلفة.
هذه السياسة من جانب واشنطن تجاه الإخوان لم تتغير كثيرا مع تولى جورج بوش الابن الحكم، لكن بعد هجمات 11 سبتمبر قرر بوش تبنى أجندة طموح لدعم الديمقراطية فى المنطقة، سرعان ما تراجع عنها بعد فوز الإخوان ب20% من مقاعد البرلمان فى 2005 مقارنة ب3% فى انتخابات عام 2000، وفوز حماس بعد شهور قليلة فى غزة. فظل موقف واشنطن كما كان داعما للأنظمة العربية المتسلطة فى مقابل رعايتها للمصالح الأمريكية حتى ثورة 25 يناير.
ويستعرض التقرير الموقف المرتبك لإدارة أوباما، التى فوجئت بثورات الربيع العربى، بعد فشل أجهزة المخابرات الأمريكية المختلفة فى توقعها وحماية الأنظمة الصديقة مثل بن على ومبارك، حتى قرار أوباما بالتخلى عن مبارك باعتباره ورقة محروقة فى 3 فبراير 2011.
أحد أسباب ارتباك الإدارة الأمريكية إدراكها أن الديمقراطية فى مصر ستعنى أن عليهم أن يتعاملوا مع الإخوان، الفصيل الأكبر والأكثر تنظيما فى مصر، هذه الحقيقة عمقت من «حيرة» واشنطن التى كانت تتعرض لضغوط هائلة من قوى وحلفاء إقليميين يطالبونها ب«التروى» فى الملف المصرى لأنهم يخشون من النتيجة الحتمية لأى انتخابات حرة فى مصر وهى فوز الإخوان، ما قد يقوض اتفاقية السلام مع إسرائيل ويزعزع استقرار المنطقة.
ويرى الباحثان أن ثورات الربيع العربى أثبتت أن كل المعتقدات العربية حول القدرات الأسطورية لCIA مجرد أوهام، فالوكالة التى بلغت ميزانيتها 80 مليار دولار فى عام 2011 خذلت الإدارة الأمريكية وظهرت عاجزة عن التأثير فى أحداث المنطقة العربية، ما دفع أوباما إلى انتقادها علنا، بعد أن قدمت له تقارير أكدت فيها أن قوات الأمن التونسية ستتمكن من حماية بن على، ولن يسقط، لكن سرعان ما انتقلت الثورة من تونس «الدولة الهامشية» إلى مصر «الدولة المحور» فى المنطقة.
الأسوأ -كما ترصد الدراسة- أن الأحداث أثبتت أن نفوذ الولايات المتحدة على المؤسسة العسكرية فى مصر، بفضل معونتها السنوية الضخمة لها، لم يعنِ الكثير، بعد أن اتضح أن قادة الجيش عاجزون عن «تحريك كل العرائس على المسرح المصرى»، ما فرض على الإدارة الأمريكية بكل أجهزتها السعى إلى الاتصال بأصدقائهم القدامى.. جماعة الإخوان.
لكن واشنطن -كما يقول الباحثان- كانت مدركة أن مجرد الاتصال بالإدارة الأمريكية، فضلا عن أجهزة مخابراتها، يعد تهمة مخلة بالشرف فى المنطقة العربية ودليلا على التبعية لأمريكا، وهى التهمة التى كان يستخدمها مبارك فى تشويه خصومه. وقد كشفت عدة برقيات لويكيليكس -أفرج عنها فى نوفمبر2010- عن أن عددا من الدبلوماسيين الأمريكان فى القاهرة فى عام 2005 أرسلوا إلى واشنطن تقارير عن تحقيقات يجرونها بخصوص شائعات فى القاهرة، تهدف إلى الإساءة للإخوان وتقويض سمعتهم، تقول إن الإخوان يتلقون «تمويلا أمريكيا» وأن الإخوان يفكرون فى بدء حوار مباشر مع واشنطن بناء على إلحاح من وزارة الخارجية الأمريكية، واستنتجوا أن الشائعات هى جزء من حرب نظام مبارك على الإخوان.
ينقل الباحثان عن وين وايت، محلل استخبارات سابق بوحدة الاستخبارات والبحث فى وزارة الخارجية الأمريكية، قوله: «أى محاولة من جانب الأمريكان للسيطرة على الإخوان المسلمين هو خداع للنفس».
الCIA كانت على اتصال مباشر بالإخوان فقط في "الخمسينات"، وأثناء الغزو السوفيتي لأفغانستان والادعاءات الخاصة ب"علاقاتهم" بالأمريكان تكتيك شائع في المنطقة يهدف لتشويه صورتهم.
وينكر عدد من المسئولين السابقين فى الإدارات الأمريكية المختلفة الادعاءات الخاصة بسعى أمريكا إلى التأثير على الجماعة وتوجيهها، مثل مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشرق الأدنى رتشارد ميرفى، قال: «لا أتذكر أى اتصالات رسمية بين الCIA والإخوان»، وهو ما يؤكده توم تويتن، الذى كان رئيس فرع الCIA فى مصر وليبيا فى السبعينات ثم مديرا للعمليات فى الجهاز فى التسعينات، بقوله: «إذا أراد صناع القرار من الCIA القيام بأى عملية تتضمن السيطرة على جماعة والتأثير فيها، فلا بد من حصولهم على تصريح يحدد الأهداف والضوابط والأساس المنطقى للعملية، وأستطيع أن أؤكد أنه لم يوجد مثل هذا التصريح بخصوص الإخوان من عام 1974 وحتى تاريخ تقاعدى عام 1995، كما أننى لم أسمع بوجود تصريح ل«السيطرة» على الجماعة قبل هذا التاريخ، لكن لا بد من التمييز بين محاولة السيطرة على الجماعة والتجسس عليها وهى وظيفة الCIA، فالمؤكد أن الCIA قد اخترقت بعض الجماعات الإسلامية المختلفة لأنها تمتلك تقارير قوية من مصادر سرية جدا، ما يعنى أن لها عملاء داخل هذه التنظيمات».
ويقول الباحثان إن الانتقادات الحالية لاتصالات الإخوان والولايات المتحدة، هى فى معظمها محاولات من خصوم الإخوان للإساءة إليهم. وأثناء زيارة وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون الأخيرة لمصر، كانت القاهرة مملوءة بشائعات عن دعم وتمويل أمريكا للإخوان، ما دفع عددا من المصريين الغاضبين والكارهين للإخوان لإلقاء الأحذية والطماطم على موكب كلينتون عند مغادرتها القنصلية الأمريكية فى الإسكندرية.
ويضيف الباحثان أن إحدى الصحف المصرية نشرت تقريرا مطولا فى يوليو الماضى، أسمته «فضيحة الإخوان مع الأمريكان»، مدعية أن عضو الكونجرس فرانك وولف عن ولاية فيرجينيا قد تقدم للكونجرس بوثيقة قانونية تثبت أن إدارة أوباما مولت الإخوان ب50 مليون دولار فى الجولة الثانية من الانتخابات، وهو ما نفاه «وولف» عند اتصالنا به، وأكد متحدث باسمه عدم معرفته بهذه الوثيقة، مشيرا إلى أن «وولف» زار القاهرة مرتين مؤخرا، آخرهما فى يونيو 2011 والتقى مسئولين من نظام مبارك، وأثار معهم قلقه من انتهاك حقوق الأقباط على وجه الخصوص والحريات الدينية والأقليات على وجه العموم.
الغريب أن شائعات عمالة الإخوان لواشنطن انتقلت للولايات المتحدة، مع تعديل طفيف، وهو اختراق الإخوان للحكومة الأمريكية، وهناك اتهامات تجرى على لسان شخصيات عامة بالتواطؤ مع جماعة الإخوان، وفى 13 يونيو وجه خمسة أعضاء من الكونجرس خطابا لمكتب المفتش العام بوزارة الخارجية الأمريكية يطالبونه بالتحقق من ولاء «هوما عابدين»، إحدى أهم مستشارى هيلارى كلينتون، التى ينتمى والداها وأخوها إلى جماعة الإخوان المسلمين، حسب زعمهم.
ويخلص الباحثان إلى أنه باستثناء بداية الحرب الباردة، لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض «سيطرتها» على الإخوان، وأنه منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل لم تتمكن أمريكا من فرض نفوذها سوى على خصوم الإخوان وهم «المؤسسة العسكرية». وفى كل الأحوال لو أن هناك تأثيرا أو اتصالا من جانب الرئيس أو الCIA أو الخارجية أو جهة أخرى على الإخوان فإنها لا ترقى إلى مستوى الشائعات فى الشارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.