لاحظت ان ابن جارتى 14 عاما يتعمد أن يلعب مع بنات الجيران الصغيرات ,وفى إحدى المرات رأيته يحاول أن يحتضن إحداهن, فانفردت بأمها وأخبرتها , فسألت ابنتها وأخبرتها أنه قبل ذلك تحرش بها وجعلها تخلع ملابسها وهى وافقت خوفا منه أو لمجرد اللعب.. الأمر وصل لأم هذا الولد, صدمت ولم تعرف ماذا تفعل معه.. هل تمنعه من اللعب؟ أم تعاقبه على فعلته خاصة وهو في سن من المفروض أنه لا يفهم ما يفعله , وكذلك أم البنت لم تدر كيف تتصرف مع صغيرتها 9التي لم تتجاوز التاسعة ، والتى طالما حذرتها من أن يتحرش بها أحد وربتها وتابعتها , فبماذا تنصحهما؟ وكيف تمنع كل أم ابنها من ارتكاب ذلك الفعل المشين ، وتحمي ابنتها من التحرش وهي في هذه السن الصغيرة؟ يرد د. محمد المهدي على الاستشارة ،التي نشرت في مجلة الزهور , قائلا للسائلة: دعينا نقسم الموضوع إلى شقين,الشق الأول يتعلق بالفتى والثانى يتعلق بالفتاة.. ولنبدأ بابن جارتك, والذى بلغ من العمر 14 عاما ,وهذه بداية مرحلة المراهقة ,حيث تنشط الرغبة الجنسية, فإذا لم تكن الضوابط التربوية والإجتماعية قوية بالقدر الكافى , فإنه يعبر عن هذه الرغبة بأشكال غير مقبولة , ونحن هنا نفرق بين حالتين: الأولى أن يكون هذا التصرف شيئا عارضا, وهنا يكفى الزجر والنهى الحازم مع الشرح والتوضيح لمخالفة ذلك للقيم والأخلاقيات والأعراف الاجتماعية , ولا مانع من توقيع بعض العقوبات فى حالة العودة لهذا السلوك , وهذا يشكل ضابطا مناسبا لدى المراهقين . أما الحالة الثانية, والتى يكون فيها هذا السلوك متكرر , رغم الزجر والنهى والعقوبات,فإننا هنا أمام حالة انحراف فى السلوك الجنسى,تسدعى تدخلا طبيا لتشخيصها ووضع الخطط العلاجية لها . وإلى أن يحدث ذلك علينا أن نبعده عن الانفراد بالفتيات الصغيرات,حتى ولو كن أخواته لأن ذلك يشكل استثارة لمشاعره الجنسية وتفعيلا لها فى حالة غياب الضبط الكافى لديه . الحماية في خطوات أما الشق الثانى المتعلق بالفتاة, أو أى فتاة نريد حمايتها من التحرش, فإن هناك خطوات مهمة يجب أن نتبعها كالتالى : - التثقيف والمعلومة الصحيحة، خاصة فيما يخص حيل المعتدين والمتحرشين ,وذلك دون مبالغة حتى لا نعطى للطفلة صورة مرعبة عن الناس والحياة . فمثلا نحذرها أن تسير فى طرق خالية أو أماكن متطرفة ,أو أن تدخل فى أماكن مغلقة مع غرباء , ونشجع للطفلة أن تحكى للوالدين أو الأم بالتحديد أى شئ غريب ,مع إشعارها بالأمان , وتعليمها خصوصية جسمها من سن مبكر, بمعنى أن تعرف جسدها عموما والأماكن الحساسة بشكل خاص، وأنه يجب ألا يلمسها أو يتحسسها أحد خاصة الغرباء ,ونحرص ألا تتعرض الطفلة لأى مواد اعلامية غير مناسبة , ونعلمها حسب المرحلة العمرية مبادئ الدين والأخلاق فيما يخص العلاقات بين الناس وحدودها. وإذا كان ثمة احتمالات للتحرش فى بيئة الطفلة , فعلينا أن نساعدها للتفرقة بين المداعبات البريئة التى تحدث عادة مع الأطفال من أفراد الأسرة ,والمداعبات والملابسات غير البريئة (التى تحمل دلالات جنسية ), والتى قد تتعرض لها ,ونعطيها بعض الأمثلة لتلك الأشياء غير البريئة كالتالى: - كشف الأعضاء التناسلية أو تعمد ملامستها - حثها على ملامسة أو ملاطفة جسد شخص آخر - كشف ملابسها أو تعرية أجزاء أخرى من جسدها - تعليمها عادات سيئة كالاستمناء - التلصص عليها وهى فى الحمام أو حين تغيير ملابسها - تعريضها لصور فاضحة أو أفلام جنسية , أو إجبارها على التلفظ بكلمات قبيحة وإذا علمنا أن الطفلة تتعرض للتحرش فعلينا إبعادها عن مصدر التحرش حتى ولو كان أحد أفراد الأسرة , ونلاحظها من بعيد دون أن نشعرها بذلك , ثم نعلمها كيف تتصرف حين تواجه محاولات تحرش, فمثلا يجب أن تتعلم أن تقول لا بكل شجاعة , وأن تحاول الإفلات والهرب من المتحرش , ولو استدعى الأمر أن تصرخ وتطلب المساعدة من أقرب الأشخاص فى المكان. للتحرش علامات وعلى الأم أن تعرف العلامات التى تظهر على ابنتها إذا كانت قد تعرضت لمحاولات تحرش, ولم تجد الشجاعة للتحدث عنها وهذه العلامات تختلف حسب المرحلة العمرية كالتالى : - أقل من 3 سنوات..خوف شديد وبكاء من غير سبب واضح , فقدان الشهية للطعام , تقئ متكرر بدون سبب عضوى ,عدم التحكم فى التبول أو التبرز , مشاكل فى النوم , ومشاكل فى النمو ,(لا يزيد وزنها أو طولها ) - من 3-9 سنوات.. خوف من بعض الأشخاص والأماكن من غير سبب , تخلف مراحل النمو الطبيعية ,أنشطة تتعلق بالميول الجنسية مثل مداعبة الأعضاء التناسلية لنفسها أو لغيرها من الأطفال , كوابيس أثناء النوم ,اضطراب فى العلاقات الاجتماعية وعدم القدرة على تكوين صداقات , ضعف الشهية للطعام ,الخلوة مع نفسها لأوقات طويلة ,السرحان معظم الوقت. - من 9 سنوات إلى مرحلة البلوغ ..اكتئاب ,أحلام مزعجة ,تدهور فى المستوى الدراسى سلوكيات مريبة تفعلها فى الخفاء ,نوبات بكاء دون سبب واضح ,استثارة جنسية مبكرة تؤدى إلى رغبة فى الممارسة الجنسية ,الهروب من البيت والمدرسة . فإذا تأكدنا أن الطفلة تعرضت فعليا للتحرش فعلينا أن نستوعب الصدمة الأولى ونعطى الأمان والطمأنينة لها ولا نسارع بلومها أو تأنيبها أو عقابها , بل نشجعها على أن تحكى ما حدث بشكل هادئ ,حتى نعرف مدى الخطر الذى تعرضت له ومصادر ذلك الخطر ,وذلك بهدف حمايتها مما تعرضت له أو يمكن أن تتعرض له ,ثم نقوم بدعمها نفسيا واجتماعيا حتى تتجاوز هذه الأزمة دون حدوث أى آثار نفسية على المدى القريب أو البعيد. أما إذا لاحظنا أن الطفلة تعيش حالة من الانطواء والخوف والكآبة وفقد الشهية للطعام واضطربات شديدة فى النوم ,وتدهور فى الدراسة والعلاقات الاجتماعية ,بشكل مؤثر ومستمر لعدة أسابيع بعد الحدث , فعلينا أن نستشير طبيبا متخصصا حتى يعالج آثار التحرش بشكل مبكر قبل أن تحدث تشوهات فى التركيبة النفسية للطفلة تؤثر فى مستقبلها كأنثى وزوجة وأم ,وعلى علاقتها بالجنس الآخر بشكل عام. وهناك بعض الجمعيات الأهلية التى تقدم العون والمساندة للحالات التى تعرضت للتحرش ,كما تقدم المشورة المتخصصة للأسرة من الناحية النفسية والقانونية .