من الخطأ الربط بين يوم تنصيب الرئيس محمد مرسى رئيسا للجمهورية وامتثاله للإعلان الدستورى المكمِّل وحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا والخروج المهين فى نفس اليوم لمنتخبينا الأول والأوليمبى من التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الإفريقية وكأس العرب، فأنا لا أؤمن بالتفاؤل والتشاؤم والحظ ليس القاعدة التى تحكم لعبة الكرة، ومصيبة الكرة المصرية سابقة على انتخاب رئيس الجمهورية فإدارة شؤون اللعبة والرياضة فى مصر منذ قيام الثورة أسوأ مما كانت قبل الثورة فانشغال البلاد فى تنظيم شؤونها السياسية وانتزاع حريتها ترك المساحة شاسعة أمام الفاسدين والمفسدين وفلول النظام السابق لإدارتها والسيطرة عليها وتوجيهها لخدمة مصالحهم على حساب سمعتنا ومشاركتنا الدولية ووقعت خلال تلك الفترة جرائم جنائية واغتصاب للمال العام وأفعال لا أخلاقية فى بعثات المنتخبات يشيب لها الولدان ولكنها لم تحرك ساكنا عند أولى الأمر أو الجهات النيابية التى تجاهلت التحقيق أو أرجأته فى مخالفات كفيلة بأن تضع بعض المسؤولين خلف القضبان. ما نحصده الآن من هزائم هو نتاج ما زرعناه من تسيب وفساد وانحلال وترك شؤون إدارة اللعبة فى يد مجموعة من توافه الرجال الذين يحاربون اقتراب الثورة من مؤسسة الكرة والرياضة وإعادتها لرجال النظام السابق وكلابه الأوفياء الذين لم تشبع كروشهم من العمولات والصفقات الفاسدة والمناقصات المضروبة والمزايدات التفصيل حتى عادوا ليستغلوا انشغال البلاد ورأيها العام وصحافتها وإعلامها وقضاتها وأجهزتها الرقابية ويعيدوا ملء بطونهم المتخمة بالمال الحرام من صفقات بيع حقوق الرعاية والمباريات الودية والملابس (خاصة الملابس) لشركة بعينها بعمولة تتجاوز 2.5 مليون يورو. يحدث هذا تحت سمع وبصر أجهزة الدولة التى يشارك بعض العاملين فيها من أبناء مبارك فى تمريرها وتستيف أوراقها وتهريب اللصوص بسرقاتهم والأدهى تهيئة المناخ لتنصيبهم على رأس المنظومة الكروية، وهو مناخ لا يمكن أن ينتج بأى حال سوى الهزائم المهينة للمنتخب الأوليمبى والخروج المذل للمنتخب الأول من تصفيات كأس الأمم الإفريقية للمرة الثانية على التوالى. والمصيبة التى أراها ستقع بالرياضة ليست فى تزامن خروج المنتخبات الوطنية مع تنصيب الرئيس مرسى ولكنها فى السيد مرسى نفسه الذى بدا من جميع خطاباته الستة التى أمطرنا بها منذ إعلانه رئيسا أن الرياضة لا توجد على خريطة اهتماماته وأن مشروع النهضة الذى طرحه على الشعب وقت الانتخابات سقط منه (بقصد أو من دون) رياضة المنافسة والممارسة وهما جزء أساسى من البناء البدنى والنفسى والأخلاقى للمواطن الصالح، والرياضة لم تعد كما كانت فى عهد نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام السباحة والرماية وركوب الخيل فقط بل انضمت إليها رياضات وألعاب أخرى وصارت منافستها وبطولاتها مجالا للتقارب بين الناس والتعارف والاندماج والاختلاط بين الشعوب والثقافات وصارت على المستوى المحلى جزءا من متعة المواطنين والترفيه عنهم فى أوقات فراغهم وهى على حد علمى حلال اللهم إلا إذا كان السيد الرئيس يرى مثل بعض المتشددين من السلفيين أنها تلهى عن ذكر الله أو أن الكرة القدم والسلة والطائرة واليد، وما شابه، بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار، فإذا كان قد تجاهل ذكر الرياضة من هذا المنظور (وهو أمر لا أظنه باعتباره مشجعا لنادى الزمالك) فعليه أن يبلغنا صراحة حتى يبحث جيش العاملين فى الرياضة عن مصدر رزق آخر وعليه أن يطرح مشروعا لإعادة تأهيلهم فى مهن جديدة ويخلق لهم فرص عمل مناسبة، أما إذا كان تجاهل الرياضة فى خطاباته ومشروعه النهضوى عن غير قصد فالأمر لا يحتاج إلى جهد كبير كى يتدارك الخطأ فالمنظومة الرياضية قائمة وكل ما تحتاج إليه هو تنقية المجال من الفاسدين دون قوانين عزل أو إقصاء ولكن بأعمال الرقابة ومحاسبة الذين ارتكبوا جرائم المال العام لأنه لو فُعِّل القانون فى ما ارتكبوه سيختفون إما سجنا وإما هربا، والخطوة الثانية لإصلاح الرياضة هى صياغة قانون ينظم العلاقة بين الأندية والاتحادات وعلاقتها بالدولة ويفتح المجال لبناء مؤسسات رياضية اقتصادية عملاقة تشارك فى بناء الدولة المدنية الحديثة.