من الواضح أننا سنرى أيامَ طينٍ وعجينٍ من المنتخبات الوطنية فى البطولات القادمة، وأن رياح الهزائم والفضائح الكروية بدأت تفوح رائحتها وتهل بشائرها، سواء فى خسارة المنتخب الأول أمام إفريقيا الوسطى على ملعبنا فى التصفيات المؤهلة لبطولة كأس الأمم الإفريقية أو الهزائم المهينة للمنتخب الأوليمبى أمام السودان والعراق فى كأس العرب، وهو ما أراه نتاجا طبيعيا ومنطقيا للإدارة الرياضية الفاشلة فى عهد عماد البنانى رئيس المجلس القومى للرياضة الذى لم تحرك الثورة فيه ساكنا وتشعره بمسؤولية المتابعة والرقابة والمحاسبة لشلة الموظفين التى وضعها لتدير اتحاد الكرة فى المرحلة الانتقالية، متجاهلا الأصوات التى نادت بضرورة اختيار شخصية ذات حيثية تشرف على إدارة المنتخبات الوطنية، وتضبط إيقاع العاملين بها لحساسية البطولات المشاركة فيها، ولكنه تركها تدار كعزب خاصة لمدربيها وإدارييها، لتتوالى الفضائح والمشكلات وتتبعها الهزائم التى تطل علينا مع كل مباراة. والأزمة التى تمر بها المنتخبات إدارية قبل أن تكون فنية وتكتيكية، فحالة التسيب وغياب الرقابة، بدعوى أننا فى مرحلة انتقالية، ولا يوجد مجلس إدارة منتخب لإدارة اتحاد الكرة، لا يعنى عدم معاقبة اللاعبين بالشكل الذى يتناسب وحجم الخطأ المرتكب، وهنا أتحدث عن اللاعب محمد زيدان الذى قرر فجأة، وفى وقت بالغ الصعوبة، حيث المنتخب مهدد بالخروج للمرة الثانية على التوالى من المشاركة فى نهائيات بطولة إفريقيا، أن يرحل عن المنتخب قبل أيام من مواجهته المصيرية أمام إفريقيا الوسطى، بدعوى السفر إلى الصين، للتفاوض على عرض للعب بأحد أنديتها، وهو تصرف يؤكد للقاصى والدانى أن اللاعب يفضل مصلحته الشخصية على مصلحة المنتخب، وأن ولاءه لنفسه وللفلوس أكثر من أى شىء آخر، ومن ثم لا يمكن الاعتماد عليه مستقبلا، فما الفائدة من لاعب يظهر فى السهل ويهرب عند الصعب، والقرار الصائب هنا استبعاد اللاعب نهائيا من صفوف المنتخب، خصوصا أن له سوابق عديدة فى الهروب مع الكابتن حسن شحاتة، وهو القرار الذى اتخذه المدرب الأمريكى بوب برادلى، لكننا فوجئنا بقرار لجنة الموظفين بخصم 70 ألف جنيه من مستحقات محمد زيدان، وهو مبلغ تافه لا يعادل أقل من نصف راتبه الأسبوعى فى الدورى الألمانى، والأهم من الفلوس هو غياب العقوبة التربوية التى دائما ما يكون أثرها أكبر من الخصومات المالية. ومن المنتخب الأول إلى الأوليمبى يا قلبى احزن قوى، فالكابتن هانى رمزى الذى لاقى هزيمته الثانية فى كأس العرب أول من أمس، من العراق لا يفكر هو وجهازه فى كرة القدم، بل منشغلون بجمع أكبر قدر من المال، ففى صباح المباراة أرسل الجهاز الفنى من السعودية خطابا رسميا يطلب فيه من لجنة الموظفين باتحاد الكرة أن تعتمد قرارا بأحقية أعضاء الفريق فى الحصول على نصف المكأفاة التى ستصرف للاتحاد من اللجنة المنظمة للبطولة وهى مليون دولار للفائز بالمركز الأول و600 ألف دولار للثانى، و350 ألف دولار للثالث، و200 ألف دولار لباقى الفرق المشاركة، فالكابتن هانى رمزى لم يكن مهموما بالمباراة والتشكيل وطريقة اللعب، بل انصرف تركيزه لابتزاز اتحاد الكرة والضغط عليه لإجباره على الموافقة على قراره وإلا.. وبالفعل وقعت إلا.. وخسر المنتخب الأوليمبى من العراق بعد أن كان متقدما بهدف. إن المنتخب الأوليمبى يمثل -فى مجموع تصرفاته وأفعاله- حالة من التمرد والعصيان والتسيب والاستهتار وقلة الأدب، بينما يقف أمامه اتحاد الكرة والمجلس القومى للرياضة خانعا ذليلا راكعا مستسلما، لا يملك أن يعين مديرا إداريا للمنتخب، لمجرد أن عصابة الجهاز الفنى بقيادة هانى رمزى ترفض قرار الاتحاد بإقالة علاء عبد العزيز بعد ارتكاب جرائم جنائية ومالية قيد التحقيق الآن فى النيابة العامة. والله العظيم ما يفعله فينا المنتخب الأوليمبى مهانة ما بعدها مهانة!!