بينما كانت مصر كلها مشغولة ومقسمة نصفين بين سعيد بنجاح مرسى وحزين على سقوط شفيق، وبين فرحة الإخوان بفتح مصر وحكمها وكآبة أنصار الدولة المدنية وعويلهم على سقوطها، وفى جو كثيف بالأخبار والأنباء وردود الأفعال الشعبية والعالمية على وصول أول رئيس إسلامى منتخب بإرادة حرة من 51.7٪ من الناخبين، ووسط هذا الصخب الخبرى والإعلامى الذى لم تستطع مباريات كأس الأمم الأوروبية الجميلة والرائعة والممتعة والمبدعة فى أن تقطع تدفقه واهتمام الناس بأدق تفاصيله، فوجئت بخبر غريب وخارج سياق الحالة التى تعيشها مصر، مفاده أن اللجنة المؤقتة التى تدير اتحاد الكرة حددت يوم 31 أغسطس موعدا لإجراء انتخابات مجلس إدارة الاتحاد، وللوهلة الأولى ظننت أن هناك خطأ، وأن الزميل الذى كتب الخبر لم ينتبه أن الموعد الرسمى فى نهاية شهر سبتمبر، وبالتحديد بعد ما يقرب من 45 يوما من نهاية دورة الألعاب الأوليمبية التى تُقام فى لندن فى الفترة من 27 يوليو إلى 12 أغسطس، وهو موعد تجرى فيه الانتخابات فى أغلب دول العالم، حيث تكون الدورة الأوليمبية هى ختام أعمال مجالس الاتحادات الأوليمبية وعلى أساس نتائجها تُقام أعمال الاتحادات، ويقاس مدى نجاحها أو فشلها فى إدارة المنظومة خلال السنوات الأربع، وهو النظام الذى قررت مصر العمل به، وأعلن المجلس القومى للرياضة التزامه بالمواعيد الأوليمبية، ومن هنا رفض إجراء الانتخابات رغم حل مجلس إدارة اتحاد الكرة بعد مذبحة استاد بورسعيد فى فبراير الماضى. المهم أننى فوجئت أن الموعد الذى تناقله الزملاء صحيح، وأن أنور صالح سكرتير الاتحاد والقائم بأعمال مجلس الإدارة قرر تقديم موعد الانتخابات شهرا لتُقام فى نهاية أغسطس بدلا من سبتمبر، وأن القرار تم اتخاذه بعد ساعات من إعلان الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية، وهو الأمر الذى أثار فضولى ودفعنى إلى السؤال والبحث عن سبب هذا التغير المفاجئ الذى لم تُعطِ إشارة لأحد به من قبل، خصوصا أن عماد البنانى رئيس المجلس القومى للرياضة، سبق وأعلن مرارا وتكررا التزامه بإقامة الانتخابات فى موعدها، رافضا كل الاقتراحات التى قُدِّمت لتبكيرها، من أجل قيام مجلس الإدارة المنتخب بالإعداد للموسم الجديد، وتشكيل لجان المسابقات والحكام وشؤون اللاعبين والتظلمات وجدول المسابقة وغيرها من الأمور التى سيصعب على المجلس تغييرها إذا بدأ الموسم الجديد، والأهم أن أنور صالح نفسه خرج بتصريحات طمأن فيها على أن اللجنة المؤقتة أعدت الترتيبات اللازمة للموسم الجديد بما يبدد مخاوف من طالبوا بتقديم موعد الانتخابات. ولكن إذا عُرف السبب بَطُل العجب، فالقصة كما علمتها هو خوف هانى أبو ريدة، المرشح المحتمل الوحيد حتى الآن لرئاسة اتحاد الكرة، من أن ينتبه حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، إلى انتخابات الاتحاد، ويسعى لطرح مرشح له فى إطار سياسته للسيطرة على جميع مؤسسات الدولة الحكومية والنقابية والأهلية، وهنا تبرز الرياضة كواحدة من أهم تلك المؤسسات، وتظهر كرة القدم كأخطرها وأكثرها شعبية، والاستحواذ عليها ربما يداعب طموحات الحزب ويرضِى العديد من النجوم واللاعبين القدمى الذين أظهروا ولاءً شديدًا فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية، وكانوا صوتا قويا للحزب فى المؤتمرات الجماهيرية وطرحهم فى انتخابات اتحاد الكرة قد يحظى بتأييد الأندية التى قد تراجع نفسها فى انتخاب هانى أبو ريدة لما يحمله من تاريخ أسود مع النظام السابق، حيث كان واحدا من أبرز أعضائه، ودخل على قائمته فى مجلس الشعب 2010، واختير رئيسا للجنة الشباب والرياضة، ناهيك بعلاقته الوطيدة مع نجلى الرئيس، وضلوعه فى الترويج لتوريث جمال مبارك بين الرياضيين، ولا يقف سواد موقف أبو ريدة عند نفسه، فقائمته من فلول ورجال وأبناء النظام السابق المخلصين، وفى مقدمتهم أحمد شوبير الذى خاض هو الآخر انتخابات مجلس الشعب 2010 على قائمة الحزب الوطنى، قبل أن ينقلب عليهم بسبب إسقاطه وعلى القائمة السوداء من هم مسجلون فى سوابق ضرب الحكام والتهرب من التجنيد. من هنا قرر أبو ريدة أن يخطف كرسى الاتحاد، مستغلا انشغال حزب الحرية والعدالة فى التكويش على السلطة السياسية، وأعطى الأوامر لسكرتير اتحاد الكرة لفتح باب الترشح لانتخابات مجلس الإدارة فى مطلع الشهر القادم.