مع انطلاق عام 2026، يبدو أن حدود المعرفة العلمية تتسع بوتيرة غير مسبوقة، فمن أعماق الخلايا البشرية إلى أقاصى الكون، ومن أسرار المناخ إلى ابتكارات الطاقة المستدامة، يشهد العالم لحظات فارقة تحمل معها وعودًا بتغيير حياتنا وفهمنا للكون والحياة نفسها. ويرصد هذا الملف أبرز الاختراقات العلمية المرتقبة فى الصحة والفضاء والبيئة، ويكشف عن التوجهات التى ستشكل النقلة النوعية التالية فى استكشافات البشرية. لم يعد الفضاء ساحة بعيدة عن متناول البشر، بل أصبح مختبرًا مفتوحًا لفهم أصل الكون ومستقبله، ومرآة تعكس تطور أدواتنا العلمية وقدرتنا على طرح أسئلة أكثر جرأة. ومع اقتراب عام 2026، تقف علوم الفضاء والفلك على أعتاب مرحلة جديدة، تتقاطع فيها المراصد العملاقة مع الذكاء الاصطناعى، وتتحول فيها الكواكب والنجوم من نقاط ضوء غامضة إلى عوالم قابلة للدراسة التفصيلية، وربما السكن يومًا ما. أولًا: البحث عن الحياة خارج الأرض.. من الفرضيات إلى الأدلة شهدت السنوات الأخيرة قفزات نوعية فى دراسة الكواكب خارج المجموعة الشمسية، خاصة تلك الواقعة فى «المنطقة الصالحة للحياة»، حيث يمكن للماء السائل أن يوجد على السطح، وبفضل مراصد متقدمة مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائى، بات العلماء قادرين على تحليل الغلاف الجوى لهذه العوالم البعيدة، ورصد بصمات كيميائية قد تشير إلى نشاط حيوى، مثل بخار الماء، وثانى أكسيد الكربون، وربما الميثان. وفى عام 2026، يُتوقع أن تتوسع هذه الدراسات لتشمل تحليلًا أدق لما يُعرف ب «البصمات الحيوية»، وهى تراكيب جزيئية يصعب تفسيرها دون وجود حياة، ورغم أن العلماء لا يتوقعون إعلانًا مباشرًا عن اكتشاف كائنات حية، فإن تراكم الأدلة قد يغير فهمنا لمكانة الأرض فى الكون، ويعيد طرح سؤال قديم بصيغة علمية جديدة: هل نحن وحدنا؟ ثانيًا: المراصد الفلكية العملاقة.. عيون جديدة على الكون المبكر يدخل علم الفلك فى مرحلة «الدقة الفائقة»، مع تشغيل جيل جديد من المراصد الأرضية والفضائية، القادرة على رصد الكون بتفاصيل غير مسبوقة، هذه الأدوات تتيح للعلماء العودة بالزمن إلى مليارات السنين، لدراسة تشكل أولى المجرات والنجوم بعد الانفجار العظيم. وخلال 2026، يُنتظر أن تسهم هذه المراصد فى حل ألغاز كبرى، مثل طبيعة المادة المظلمة، وسلوك الطاقة المظلمة المسئولة عن تسارع تمدد الكون، فكل صورة أعمق للسماء لا تعنى فقط عددًا أكبر من النجوم، بل فهما أدق للقوانين التى تحكم الكون بأسره. ثالثًا: القمر يعود إلى الواجهة.. خطوة ثابتة نحو المريخ بعد عقود من الغياب، عاد القمر ليحتل موقعًا مركزيًا فى خطط استكشاف الفضاء، فالمهمات الجديدة لا تنظر إليه كوجهة رمزية، بل كمنصة اختبار للتقنيات التى ستُستخدم لاحقًا فى الرحلات البعيدة، وعلى رأسها المريخ.. وفى أفق 2026، يُتوقع توسيع التجارب المتعلقة باستخدام موارد القمر، مثل استخراج الماء من الجليد وتحويله إلى وقود أو هواء للتنفس، وهذه الخطوات تمثل تحولًا جذريًا فى فلسفة استكشاف الفضاء، من رحلات قصيرة الأمد إلى وجود بشرى مستدام خارج الأرض. رابعًا: الشمس والطقس الفضائى.. فهم النجم الذى يتحكم فى حياتنا لم تعد الشمس مجرد جرم مضىء فى السماء، بل باتت تُنظر إليها كنظام ديناميكى معقد، قادر على التأثير المباشر فى التكنولوجيا الحديثة، فالعواصف الشمسية القوية يمكن أن تعطل الأقمار الصناعية، وتؤثر فى شبكات الكهرباء والاتصالات على الأرض. ومع اقتراب الشمس من ذروة نشاطها الدورى، تركز أبحاث 2026 على تحسين نماذج التنبؤ بالطقس الفضائى، من خلال دمج بيانات المراصد الشمسية مع الذكاء الاصطناعى، والهدف ليس فقط الفهم العلمى، بل حماية البنية التحتية الرقمية التى يعتمد عليها العالم الحديث. خامسًا: الذكاء الاصطناعى فى الفلك.. شريك جديد للاكتشاف مع تدفق كميات هائلة من البيانات من التلسكوبات والمسابير الفضائية، أصبح الذكاء الاصطناعى أداة لا غنى عنها فى علم الفلك الحديث، فالخوارزميات قادرة على اكتشاف أنماط خفية، ورصد ظواهر نادرة قد يغفل عنها الإنسان. وفى عام 2026، يُتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعى دورًا متقدمًا فى اكتشاف كواكب جديدة، وتتبع انفجارات نجمية مفاجئة، وحتى إعادة بناء تاريخ المجرات، وبهذا، لم يعد الفلكى يعمل وحده أمام السماء، بل بات يتقاسم رحلة الاكتشاف مع آلة تتعلم من الكون ذاته.