تخدم 120 ألف مواطن.. وزيرة التنمية المحلية ومحافظ قنا يفتتحان محطة مياه جديدة بتكلفة 55 مليون جنيه    بزيادة 87.5%.. قيمة واردات مصر من الغاز ترتفع إلى 6.3 مليار دولار خلال 9 أشهر    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    إقبال ملحوظ على لجان الاقتراع بالسويس في اليوم الثاني لانتخابات الإعادة    التعليم العالي: انضمام 11 فرعا جديدا إلى قائمة الجامعات الأجنبية بمصر    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    أمين مجلس الجامعات الأجنبية تتفقد فرع جامعة جزيرة الأمير إدوارد    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    الزراعة: ضبط 7.4 طن أسمدة مهربة للسوق السوداء في حملات موسعة بالأقصر وكفر الشيخ    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    تجديد حبس 4 سيدات بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في التجمع    إصابة 4 أشخاص والبحث عن مفقودين في انهيار عقار من 5 طوابق بالمنيا    مصرع موظف بشركة السكر وإصابة 4 آخرين في مشاجرة بنجع حمادي    صحة الدقهلية نجاح فريق طبي بمستشفى السنبلاوين فى إعادة بناء وجه وفكين لمصاب    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    "متسخنوش الملوخية والأرز".. نصائح وتحذيرات مهمة للتعامل مع الأطعمة    محافظ كفر الشيخ يعلن فتح اللجان الانتخابية في ثانٍ أيام جولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    بعد تداول منشور حزبي.. ضبط متطوعين خارج اللجان بزفتى بعد ادعاءات بتوجيه الناخبين    وزير العمل يلتقي رئيس اتحاد الحِرَف والمنشآت الصغيرة الإيطالي لتعزيز التعاون في التدريب المهني وتشغيل العمالة المصرية    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    السفير السعودي: شراكة مؤسسية وتعاون دبلوماسي بين المملكة ومصر في خدمة اللغة العربية    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    سنوات من المعاناة والغياب عن الأضواء في حياة نيفين مندور قبل وفاتها المأساوية    أمريكا توافق على مبيعات أسلحة بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    انطلاق تصويت المصريين في اليوم الثاني لجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    سلطة ساندوتش طعمية تشعل مشاجرة تنتهي بجريمة قتل في مطعم بالمنصورة    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة على الطرق.. اعرف تفاصيل حالة الطقس اليوم    سعر جرام الذهب صباح اليوم الخميس، عيار 21 وصل لهذا المستوى    عاجل- السيسي يستقبل الفريق أول عبد الفتاح البرهان لبحث تسوية الأزمة السودانية وتعزيز التعاون الثنائي    مودرن سبورت يتحدى البنك الأهلي في كأس عاصمة مصر    انخفاض ملحوظ، درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    إدارة ترامب تسخر من بايدن بلوحة تذكارية على جدار البيت الأبيض    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    النواب الأمريكي يرفض مشروع قرار لتقييد صلاحيات ترامب    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    كأس العرب، موعد النهائي التاريخي بين الأردن والمغرب    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    ريال مدريد يبدأ رحلة كأس ملك إسبانيا بمواجهة تالافيرا في دور ال32    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير فلسطين في سويسرا: نواجه تهديد التهجير أخطر من القتل
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 12 - 2025


■ كتبت: سمر صلاح الدين
لحظة تتحرك فيها الدبلوماسية الدولية فوق أرض رخوة تتغير كل يوم.. تتعرض القضية الفلسطينية لاختبار وجودى.. فمن مجلس الأمن الذي صوت لصياغة قوة الاستقرار الدولية.. إلى التحول المتسارع فى المزاج الأوروبي، مرورا بأخطر تهديد وجودي للاجئين ووكالة الأونروا.. وصولا إلى مشاريع التشريع الإسرائيلي التي تضع واقعا أكثر قسوة داخل السجون.. كلها ملفات تتقاطع اليوم فوق طاولة الفلسطيني.. الإنسان واللاجئ والدبلوماسي وصانع القرار..
في هذا الحوار نذهب مع المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية فى جنيف وسفير فلسطين لدى سويسرا السفير إبراهيم خريشي، إلى أعمق نقطة في المشهد السياسي والإنساني.. نسأل عن الصراع بين العدالة الدولية وموازين القوة.. عن المخاوف غير المعلنة.. عن قدرة الفلسطينيين على حماية سرديتهم.. على انتزاع مستقبل لا يُمنح لهم.. وصولًا لمعنى الوجود الفلسطيني في عالم يحاول إعادة تعريفه..
◄ القيادة المصرية تعرف مصلحة مصر والفلسطينيين.. بعيدًا عن الجنوح
◄ صعود اليمين جعل البرلمان الأوروبي ساحة صعبة لفلسطين
◄ قانون انتخابي جديد يشترط التزام كل فصيل ببرنامج منظمة التحرير
◄ دستور مؤقت قبل نهاية 2025.. وانتخابات بعد عام من وقف إطلاق النار
◄ إذا توحّد فلسطينيّو 48.. سيصبحون الكتلة الثانية في الكنيست
◄ إعمار غزة معقّد.. ولا مساهمات جدّية طالما حماس ما زالت تحكم
◄ في مقر بعثة السلطة الفلسطينية في جنيف، حيث مقر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على مقربة منا.. كان سؤالنا الأول عن كل ما تعرض له الأسرى الفلسطينيون من تعذيب.. وإخفاء قسرى.. وجثث عادت بعد سرقة أعضائها.. ما الدور الذى لعبته الدبلوماسية الفلسطينية هنا؟ هل نجحتم في تحويل كل هذه الانتهاكات إلى قضية دولية؟
أجاب: نعمل على كل المحطات القانونية الدولية.. فالأمر ليس جديدًا.. للأسف على مدار عامين وأنا على تواصل مستمر مع الجهة التى تنفذ القانون الإنسانى الدولى وهى الصليب الأحمر.. كانت إسرائيل تمنع الصليب من زيارة المعتقلين بحجة أن عليكم أن تجعلوا حماس تسمح للصليب بزيارة الرهائن.. حماس بالطبع كانت ترفض لأسبابهم.. لذلك كان هناك ضعف بالقصة.. لكن هذا غير مبرر فى الضفة الغربية لأن إسرائيل عضو فى اتفاقية القانون الإنسانى الدولى واتفاقية جنيف، أما حماس فليست عضوًا.. هناك مسئوليات على الجماعات المسلحة وفق اتفاقية جنيف المادة الثالثة، ولكن الدول مسئوليتها مختلفة.. لذا كان على إسرائيل أن تسمح للصليب الأحمر بالقيام بتنفيذ ولايته بمتابعة شئون الأسرى الفلسطينيين وللأسف هذا لم يتم.. الأسوأ من ذلك الشهر الماضى ما يسمى بوزير الدفاع الإسرائيلى كاتس أصدر قرارًا - رغم توقيع اتفاق شرم الشيخ ووقف القتال وتبادل الأسرى - يمنع الصليب الأحمر من زيارة المعتقلين. للأسف الصليب الأحمر ليس لديه أدوات ضغط.. من يجب أن يضغط هى الدول، بمعنى «الدول السامية الموقعة اتفاقية جنيف»...
حاولت بداية العام إقامة مؤتمر لهذه الدول لتعزيز الالتزام بالقانون الإنسانى الدولى لكن للأسف لم تنجح الفكرة.. كنا حاصلين على قرار من مجلس حقوق الإنسان طُلع على الجمعية العامة.. والجمعية طلبت من سويسرا بصفتها البلد الوديع أن تبدأ بالمشاورات من أجل عقد مؤتمر للدول الأطراف السامية.. وبدأت سويسرا من سبتمبر من العام الماضى وبعد مشاورات طويلة لم نتفق على مخرجات المؤتمر.. حيث كنت أرغب فى أن يُفسر المواد 146 و147 و148 و149.. هذه المواد بها إجراءات ضد الدولة التى لا تلتزم بما ورد فى الاتفاقية، وعلى الدول الأخرى اتخاذ إجراءات مثل التخفيض الدبلوماسى ومحاكمة المجرمين الذين خالفوا الاتفاقية إذا وصلوا إلى هذه الدول.. كذلك إعادة النظر فى العلاقات التجارية.. وكلها إجراءات سلمية بمواد القانون.. كنا نرغب أن كل هذه البنود تُفسر كى نضغط أكثر فى هذا الموضوع.. طبعا القصة ليست فقط فلسطين.. للأسف كثير من الدول غير معنية بأن يكون القانون الإنسانى الدولى واتفاقيات جنيف لها إلزام قوى.. يريدونه فقط التزامًا أخلاقيًا.. وهذه مشكلة القانون الإنسانى الدولى.
◄ طرح الكنيست لمشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين.. كيف يمكنكم تحريك هذا الملف داخل البرلمان الأوروبى؟ وكيف تتعاملون مع اللوبيات الإسرائيلية وموازين القوى داخل هذا البرلمان؟
هذه أيضًا جريمة جديدة.. كفلسطين نحن نختلف عن دول المتوسط وحتى بعض الدول العربية لأننا وقعنا على ملحق العهد الدولى لحقوق الإنسان ضد عقوبة الإعدام.. أنا واحد من الناس كنت مع هذه الفكرة.. لم نصادق لكن وقعنا عليها.. المصادقة هى الالتزام الكامل، أما التوقيع فهو تمهيد لمواءمة القوانين والتشريعات حتى يصبح ذلك نافذًا.. كنا الوحيدين فى العالم العربى الذين وقعوا.. الدول العربية والإسلامية تنظر لهذا الموضوع نظرة دينية ونفهم ذلك طبعا.. لكن كفلسطينيين ننظر لها بشكل مختلف.. هناك احتلال قائم يعدم الناس، ويناقشون فى الكنيست هل يكون إعدامهم بالإبر أم بالرصاص! تخيلى إلى أين وصل الإجرام!
بالطبع البرلمان الأوروبى مؤثر ومهم جدا لأنه يصنع سياسة الاتحاد الأوروبى ونأمل أن نصل إلى هذه المحطة.. هناك بالطبع تواصل معهم ولنا معهم علاقات مباشرة كفلسطين.. نذهب ونلقى كلمات ونشرح قضيتنا.. لكن المشكلة أن البرلمان الأوروبى به 730 عضوًا، 392 عضوًا منهم يمين ويمين متطرف، والباقى بين يسار واشتراكى وخضر.. الاتجاه فى أوروبا الآن يميل لاتجاه اليمين للأسف، خاصة بعد ما صار من أزمات مالية وحرب أوكرانيا والهجرة بعد أحداث الربيع العربى.. كل ذلك دفع بالعودة إلى القومية.. لذلك البرلمانات أحزاب مختلفة: يسار ويمين وغيرها.. بالتالى ضبط العلاقة الثنائية مع الحكومات أسهل من ضبطها على صعيد البرلمان، لأنه عند التصويت فى البرلمان الأوروبى كل عضو يصوت لما يعتقده ولا علاقة له برأى حكومته.. لذلك الخريطة البرلمانية صعب ضبط نتائجها.. لكن الدبلوماسية البرلمانية مهمة جدًا بالنسبة لنا ونعمل عليها.. لكن أيضًا وضعنا كبرلمان فلسطينى يحتاج تجديد الانتخابات وحتى الآن غير قادرين على ذلك.
◄ هل تمتلك فلسطين وحلفاؤها القدرة على شق هذا المسار؟
ممكن.. لكن أين يمكن أن نصل؟ غير واضح.. لا توجد ضمانات لأن مجلس الأمن دائما معطل بالفيتو.. هناك 49 فيتو حتى الآن استخدمته أمريكا لمنع أى قرار ضد إسرائيل.. المعادلة الدولية للأسف ليس بها منطق وظالمة لأن هناك قوة عظمى داعمة لإسرائيل.
◄ كيف تقيمون التحول الأخير في المزاج الأوروبي؟ هل هو تحول أخلاقى تجاوبًا مع المأساة؟ أم إنه تحول سياسي بسبب تصاعد الأصوات اليمينية؟
على المستوى الشعبى ما حدث أعاد إلى حد ما البعد الإنسانى الذى تخلى عنه الكثيرون بفعل سياسة العولمة والهايتيك وغيرها.. العنصر الإنساني بدأ يستفيق من عالم المصالح والاقتصاد الحر والحفلات هنا وهناك.. أدرك كثيرون أهمية السلاح والقوة والمال لو لم يكن هناك حد أدنى من القيم والمبادئ لسادت شريعة الغاب.. العالم كله الآن يعيش فوضى كبيرة.. نحتاج إلى عقلاء يعودون بنا إلى المنظومة القانونية الدولية، وهى المنظومة التى يجب أن تسود العالم.
◄ كيف تحافظون على زخم السردية الفلسطينية فى بيئة إعلامية غربية معقدة تُصنع فيها الرواية داخل غرف ضغط أكثر مما تُصنع في الواقع؟
أهمية ما حدث أنه عرى الرواية الإسرائيلية الكاذبة.. ما تركته فى نفوس الناس سيستمر لفترة طويلة جدا.. ما حدث هو إبادة جماعية متلفزة.. كل الحروب سمعنا وقرأنا عنها لكن هذه الحرب الكل شاهدها لحظة بلحظة حتى الأطفال على شاشاتهم المحمولة.. كل هذا سيظل محرضًا.. التصريحات المستمرة والمستفزة من القيادات الإسرائيلية والقرارات والقوانين العنصرية التى يصدرها الكنيست.. هذه الحكومة وأشكالها كفيلان بأن يظل التضامن مستمرًا.. كل هذا الحراك الشعبى العالمى ساعد وكان ضاغطًا.. لم يحركه فصيل ولا منظمة التحرير ولا حماس.. ما حركه هو الدم الفلسطينى.
◄ اقرأ أيضًا | رويترز: فنزويلا تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الأمريكي
◄ بعد قرار مجلس الأمن بتشكيل «قوة الاستقرار الدولية»، كيف تقرأون هذا التحول في دور الأمم المتحدة؟ هل هو اعتراف ضمني بفشل النظام الدولى طوال العقود الماضية أم بداية مرحلة جديدة؟
لم يكن هذا ما نأمله كفلسطينيين.. لكن كيف نقرأ الأمور؟ قرارات مجلس الأمن هى الأرقام «242، 338، 194» وكلها تنص على إنهاء الاحتلال.. جاء هذا القرار «بما فيه من غموض» لكنه يؤدى إلى مسار يؤدى إلى حق تقرير المصير.. نأمل أن يتطور ذلك إلى أن يصل إلى محطة تنفيذ إعلان نيويورك.. وهو الإعلان الذى جاء بناءً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى، والذى بنى على الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية.. وهذا الطريق القانونى الذى أكدت عليه السعودية وفرنسا وكل العرب ويؤكد عليه الأوروبيون حتى الآن، ولا يوجد أى إمكانية للخروج عن ذلك المسار.. ولا أخشى الخروج عنه.. ونناضل من أجل ذلك.. كل محاولات الخروج عنه فاشلة حتى الآن.. الوضع كان صعبًا والناس تعانى، وكنا نريد أى طريق - حتى لو على حساب أى شىء - لوقف شلال الدم الذى لم يتوقف بشكل كامل حتى الآن.. حال الناس لا يمكن وصفه ليس فقط فى غزة؛ أيضًا شمال الضفة هناك 50 ألف مهجر فى مخيمات الضفة.. أهلنا فى طولكرم وجنين ونابلس يعانون يوميًا من عربدة المستوطنين.. أنا ابن طولكرم، هل تتخيلين 1200 حاجز وبوابة إلكترونية؟ يأتى جندى إسرائيلى من أثيوبيا أو الفلاشا أو أوكرانيا يدخلنى ويُخرجنى فى بلدى؟! معاناة الناس اليومية لا تُوصف لدفعهم للهجرة.. لذلك ندعو كل الأصدقاء فى العالم أن يتخذوا إجراءات لوقف هذا الجنون الذى تقوده هذه العصابة من المجرمين والقتلة والمطلوبين للعدالة الدولية والمحلية.. هذه المجموعة من المتطرفين هم من قتلوا رابين.. كنت عضوًا فى فريق التفاوض وتعاملنا مع آخرين وتفاوضنا معهم ووصلنا لاتفاقات.. لكن هؤلاء عصابة من المجرمين.
◄ كيف تنظرون إلى الدور المصري المحوري داخل هذه القوة؟ وهل ترون أن الدور الأمني المصري سيعيد تشكيل معادلة غزة سياسيًا أم سيظل محصورًا في البعد الإنساني والاستقرار؟
مصر تقوم بجهود كبيرة.. هى بالفعل تقوم بدور فى الاستقرار من غير أن تكون داخل هذه القوة.. يكفى دورها على الحدود والمساعدات التى تقدمها.. معظم عملنا فى تقديم المساعدات يتم بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري.
◄ إلى أي مدى يمكن لمصر أن تلعب دورًا متوازنًا بين الضغوط الدولية وضرورات الأمن القومي المصري والفلسطيني؟
القيادة المصرية تعرف مصلحة مصر أولًا ومصلحة الفلسطينيين.. بعيدًا عن الجنوح هنا وهناك.. وليس مطلوبًا من مصر أن تدخل فى أكثر من ذلك.. نريد من مصر أن تساعد على الاستقرار واستتباب الأمن.
◄ هل تعتقدون أن هذه القوة قادرة فعليًا على تثبيت وقف إطلاق النار، أم أن واقع الميدان أكثر تعقيدًا؟
لا يمكن حل مشكلة سلاح حماس إلا من خلال الفلسطينيين أنفسهم.. أنا شخصيًا أؤمن أنه لا يمكن لأى جهة أن تقوم بذلك.. لكن على الإخوة فى حماس أن يدركوا أن هذا الأمر يجب أن يتم حله فلسطينيًا وداخليًا بقرار وطنى فلسطينى مطلق.. نحن كفلسطينيين عندنا عقدة من تسليم السلاح.. نحن ناس تحت الاحتلال وحقنا النضال بكافة الأشكال وبما ينسجم - وهذا مهم - مع أحكام القانون.. بالتالى دعى هذه المشكلة تأتى حماس وتسلم أو تودع ما لديها من أسلحة خفيفة للسلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير.. أفضل شىء الآن أن تكون السلطة الفلسطينية موجودة هناك.. غزة جزء من فلسطين.. المشكلة التى حدثت بعد انقلاب حماس منذ 17 عامًا أنهم عملوا دولة لوحدهم.. قتلونا وقتلوا الدولة الفلسطينية.. على جميع الفصائل والقوى الفلسطينية الآن مراجعة أنفسهم مراجعة شاملة لتحقيق وحدة الكيانية الفلسطينية وتحرير الدولة وليس إقامتها.. لأننا دولة موجودة بالفعل حسب معايير «مونيفيس» عام 35، كلها تتوافر فى فلسطين.. تعترف بنا 160 دولة.. والرأى الاستشارى الصادر عن محكمة العدل الدولية فى يوليو الماضى أقر بذلك.
◄ لقاء حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني بتوني بلير لبحث ترتيبات ما يسمى «اليوم التالي».. هل استلم توني بلير مهام عمله بعد ظهوره فعليًا في المشهد؟
حتى الآن لا يوجد شىء واضح.. لكن هو يريد أن يستمع إلى الصوت الفلسطينى.. صراحة لا يوجد عندى تفاصيل كثيرة عن المقابلة.. لكن ما عرفته من بعيد أنه جاء ليعرف مطالب الفلسطينيين وملاحظاتهم.
◄ بأي صفة؟
بصفته مستشارًا أو خبيرًا تحدث عنه ترامب قبل ذلك.. لكن حتى الآن لا توجد صفة أو موقع رسمى.. فى هذه المسألة سابقًا كان عندنا مستشار فى أكثر من محل.. لكن تجربتنا مع تونى بلير كانت غير مريحة إطلاقًا.. لكن نحن معنيون أن نوصل رسالتنا للأمريكان أو لغيرهم فيما ينسجم مع ما نؤمن به.. وما نؤمن به هو إعلان نيويورك الذى تضمن كل شىء.. والموقف العربى واضح فى هذا الأمر بشكل عام.. ما حدث فى شرم الشيخ ترتيبات لوقف إطلاق النار وإخراج الأسرى لكنه ليس «UN» ليس أمميًا.. أما إعلان نيويورك فهو إنجاز أممى ومسار قانونى من الأمم المتحدة.. أما ما يصدر من قرارات لقوة دولية فهى ترتيبات مؤقتة.
◄ إلى أين تتجه القضية الفلسطينية؟ هل نحن أمام مرحلة إعادة تشكيل قيادة جديدة؟ أم إعادة تعريف مشروع جديد؟ وماذا عن الانتخابات القادمة؟
هناك هيئة من المجتمع المدنى وممثلين عن الأحزاب والفصائل أقوم بإعداد دستور مؤقت لدولة فلسطين وقانون انتخابات جديد سيقوم على التمثيل النسبى الشامل، وعنوانه السياسى أن يعلن أى فصيل يريد المشاركة فى الانتخابات موافقته على التزامات منظمة التحرير الفلسطينية وهى الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى. وسيشمل بعض النقاط مثل التمثيل النسائى تقديراً لدور المرأة الفلسطينية. على أن يتم الانتهاء منه مع نهاية العام الحالى وتُجرى الانتخابات بعد عام من بدء وقف إطلاق النار كما أعلن الرئيس عباس.
هذه الانتخابات ستواجه صعابًا كثيرة منها الوضع فى غزة، لذلك نأمل بدء تعافى غزة حتى يستطيع الناس ويكون لهم رغبة واستطاعة فى الذهاب إلى انتخابات. كذلك لا يمكن لأى قائد فلسطينى أن يجرى الانتخابات بدون القدس الشرقية. فى الانتخابات الأولى والثانية شارك أهلنا فى القدس، لأن عدم مساهمتهم معناها أن القدس أصبحت عاصمة موحّدة لإسرائيل وهذا لن نسمح به. لذلك نناشد العالم الذى يحكى عن الديمقراطية والانتخابات أن يضغط على إسرائيل حتى تسمح بقيام هذه الانتخابات.
◄ هل هناك تنسيق مع فلسطيني الداخل في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة؟ وهل ترون إمكانية فعلية لإسقاط حكومة نتنياهو؟
إذا توحّدوا واستطاعوا عمل قائمة مشتركة ممكن أن يصبحوا الكتلة الثانية فى الكنيست، وبالطبع يمكن أن يكون لهم تأثير فى التشكيل الحكومي. لكن لا نقول إنهم يمكن أن يصبحوا جزءًا من ائتلاف، لكن ممكن أن يكونوا «بلوكًا» أو ضامنًا لحكومة أقلية إذا حصلوا على 17 مقعدًا. لكن عليهم أن يتوحدوا. وهؤلاء يجب أن يكبروا لوحدهم بعيدًا عنا وهم قادرون. هم أهلنا لكن موجودون هناك. لكن بشكل عام حتى الآن «الترند» داخل إسرائيل كله يتجه نحو اليمين للأسف.
◄ إشكالية نزع سلاح حماس.. هل مازالت محل تفاوض بين الفصائل ومع الوسطاء؟
علمنا أن اتفاق شرم الشيخ تضمن نزع السلاح.. وهناك دول ضامنة وقعت على الاتفاق يجب أن تعمل على تنفيذه. ولا يجب بعد أن وقعنا اتفاق أوسلو أن تقوم كل مجموعة فلسطينية مسلحة
بعمل كفاح مسلح. وللتذكرة: الكفاح المسلح استخدمته الثورة الفلسطينية منذ البداية، لكن بعد توقيع أوسلو يجب أن يكون هناك توافق وطنى على شكل الكفاح ونوعه. للأسف حماس كانت ضد أوسلو.. والانتخابات الأولى كانت حماس ضدها أيضًا. شاركوا فى الانتخابات الثانية حتى لا تعود الانتخابات مرة أخرى.. أعاقوا كل هذا الأمر. لكن الديمقراطية يجب أن تستمر.
مصر قادت جهودًا كبيرة من أجل المصالحة، وكذلك الجزائر والسعودية والصين، لكن لا توجد نوايا صادقة. كفلسطينيين نحتاج جميعًا إلى مراجعة شاملة فى العلاقة الفلسطينية–الفلسطينية والإبقاء على الهدف الوطنى وهو إنهاء الاحتلال وممارسة الشعب الفلسطينى لحق تقرير المصير على أرض دولته المحتلة عام 1967: غزة والضفة والقدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين حسب قرارات الشرعية الدولية.
◄ هل هناك رؤية فلسطينية مشتركة مع مصر لتجنب تحول ملف إعمار غزة إلى ورقة ضغط سياسية بيد جهات دولية؟
نتمنى أن يؤتى مؤتمر الإعمار ثماره لأنه ليس بالأمر السهل.. لا أعتقد أن هناك إمكانية للمساهمات الجدية طالما حماس مازالت لها القوة فى غزة. نحن نتفهم الآخرين، فلا يعقل أن تقوم حرب كل عامين أو ثلاثة وتقول للآخرين: البلد مدمرة. إذا ظلت إدارة غزة بهذا الحال لا أتوقع المساهمة المأمولة.
للأسف حديث ترامب فى شرم الشيخ أن العرب والمسلمين عليهم ملف الإعمار.. ونقول له: أين مسئولية إسرائيل؟ هى المسئول الأول عن كل هذا الدمار.
نحن كفلسطينيين يهمّنا إعادة الحياة لغزة، وهذا يبدأ بإزالة 60 مليون طن من الردم، وهذا يحتاج حسب تقديرات ال UN إلى 3 سنوات إذا عملنا بوتيرة 10 أضعاف ما قمنا به فى 2014. لكن هذا له تبعات من الغبار الذى سيمتلئ به الهواء، وسيترتب عليه مشكلة صحية لشعبنا الذى يعيش بالخيام ومنهم من يقيم فى الشارع بلا ماء ولا كهرباء. نحن نعيش كارثة لم تحصل ولا حتى فى أى حرب فى التاريخ. أولاً يجب الحفاظ على وقف إطلاق النار ثم العمل بكل الإمكانيات لإدخال المساعدات.
◄ في ظل الهجمات السياسية على الأونروا.. ما مصير التعليم في المخيمات والطلاب الفلسطينيين مع تراجع التمويل؟
الأونروا التى يهاجمونها هى أهم جهاز فى الأمم المتحدة يقدم المساعدات. نجحت منذ وقف إطلاق النار فى فتح 330 موقعًا تدريسيًا. يدرسون الناس على التراب، على الأرض، فى هذا البرد.. لا كراسى ولا طاولات. لديهم الآن مائة ألف طالب يتلقون التعليم.. وهذا هو رأسمال الفلسطيني.
للأسف منذ عامين ونصف لا يوجد تعليم.. سيصبح لدينا جيل وضعه التعليمى صعب جدًا.
ليس ملف التعليم فقط الذى تأذى.. نحتاج وبسرعة إعادة تأهيل القطاع الصحي. عندنا 15 ألف حالة بحاجة للعلاج بالخارج. نحاول توطين هذه الخدمات الطبية بإعادة بناء المؤسسات والتي تحتاج بحسب الدراسات إلى 8 مليارات دولار. على الأقل حتى يتعافى القطاع الصحى عليهم أن يسمحوا لنا بنقل مرضانا من غزة إلى مستشفيات الضفة. لدينا هناك مستشفيات قادرة وتخصصية. يعمل على ذلك معنا منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة الصحة العالمية ومقرها هنا.. لكن للأسف إسرائيل تعيق كل شيء.
يريدون فقط إخراجنا من أرضنا سواء كان ذلك فى غزة أو الضفة.. لكن هذا لن يحدث رغم كل المعاناة الإنسانية. لن نكرر خطأ عام 1948.. قاعدين لهم.
◄ كيف سينعكس تدمير البنية التحتية في غزة على الزراعة والسواحل والبيئة والموارد الطبيعية؟ هل هناك دراسات فلسطينية جاهزة لتفادى كارثة بيئية طويلة المدى؟
الشواطئ الفلسطينية منطقة ثروات طبيعية غنية جدًا بالغاز والنفط. فى الحيز الإقليمى لغزة وطوله 45 كيلومترًا هناك 4 تريليونات قدم مكعب من الغاز. لو كانت لدينا سيادة على حقولنا فى مياهنا الإقليمية لكنا استفدنا منها. جاءت شركات للتنقيب مع دخولنا غزة عام 1994 بعد أوسلو، للأسف بعد ذلك كل هذا ضُرب من الإسرائيليين. فى طولكرم يوجد بئر نفط يسمى «رنتيس» سرقوه. عندنا أهم منابع المياه الطبيعية موجودة فى مناطق C.. كذلك بعض المعادن الخفيفة. معظم الأشجار كثافتها فى المناطق C. الإسرائيليون يسرقون كل شيء ولا أحد يراقبهم. سرقوا الأرض والموارد الطبيعية حتى فلوس الضرائب والمعونات التى يجمعونها وفق اتفاقية باريس وتُقدَّر ب 4 مليارات دولار. يسرقون كل شيء ونحن لا نجد 50٪ من رواتب موظفينا.
◄ ما أكثر ما يقلقكم شخصيًا.. مستقبل غزة؟ أم مستقبل الضفة الغربية؟ أم مستقبل منظمة التحرير؟ ولماذا؟
أكثر ما يقلقنى التهجير. رغم موقف مصر الواضح وكذلك الأردن والذى أكدت عليه القمة العربية والقمة العربية الإسلامية.. مازال الإسرائيليون يعملون على هذا المخطط. هؤلاء لا يريدون فقط ترحيلنا من غزة والضفة.. فهؤلاء يحكون عن «إسرائيل الكبرى» يريدون أجزاء من العراق والسعودية والأردن ولبنان وسوريا وأيضًا مصر.. هؤلاء يفكرون كالمجانين.
ترامب تحدث عن رفضه ضم الضفة وهذا جميل.. لكن على الأرض هو يسمح ببناء مزيد من المستوطنات. وأقول له: إذا كنت لن تسمح بضم الضفة.. أوقف الاستيطان. أوقف عربدتهم اليومية التى جعلت الحياة غير قابلة للحياة.
56 مجموعة فلسطينية هُجّرت من الضفة الغربية من البدو والرحّل بالاعتداء اليومى عليهم وعلى مواشيهم. فى مخيم طولكرم لم يبقَ به أحد.. كل من فيه ذهب إلى القرى المجاورة والمدينة. الناس تريد العودة لبيوتها المهدّمة حتى ذلك لا يسمحون به. كذلك أخشى على الأرض.. كل ما يحدث فى غزة بالنسبة لهم ليس هو المطلوب.. المطلوب الضفة وهذا ما ندركه جيدًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.