واهم نتنياهو حين يظن أن خلطته الجاهزة سوف يجدى استدعاؤها بعد هجوم سيدنى! حكاية العداء للسامية، وإلقاء المسئولية على «الآخر»، وتصدير المظلومية باستعلاء فى تناقض فج، تلك الخلطة أصبحت فاسدة تماماً، لا تكفى لإقناع طفل باللامنطق الذى يعتمده نتنياهو. شأن الصهاينة أفراداً وكياناً وآلة إعلامية جهنمية يعتمدون فى أى طرح على بناء عماده المغالطة، مجموعة من الاستدلالات الزائفة سابقة التجهيز حتى حفظها الجميع، وبات رفضها طبيعياً، ومع ذلك يتصور نتنياهو أنه الأذكى والأقدر على النجاح فى مراده عند استخدامها. أى إنسان سوىّ لا يقر أى فعل إرهابى، بل يسرع لإدانته رفضاً للعنف والتطرف، لكن وفق ذات المعيار، فلا يعقل أن ندين حادثاً ضحاياه بالعشرات، بينما يتم غض الطرف عن مجازر متواصلة على مدى ثلاثة أعوام ضحاياها بمئات الآلاف! نتنياهو الذى يقود ويوجه آلته العسكرية لتحويل غزة إلى خرابة، وسكانها إلى قتلى وجرحى ومشردين، يتصور أن دموع التماسيح على ضحايا حادث سيدنى، سوف تدفع الدنيا إلى نسيان دماء مازالت تنزف فى فلسطين (غزة والقطاع)، وأنهار أخرى من دماء فى ساحات عربية أخرى، يراها نتنياهو بلا ثمن، بينما اتباعه أينما كانوا مستثنون من كل ما يحكم البشر من قوانين، فهم فقط من يستحق الحماية، وهم فقط الذين لا يحاكمون على جرائمهم، وهم فقط الذين لا يتعرضون لأى رد فعل ناجم عن الممارسات الهمجية الوحشية، التى تمارسها حكومة الكيان الصهيونى الذى لا يعرف إلا لغة القوة الغاشمة! حادث سيدنى، مع إدانته، يظل رد فعل لإصرار نتنياهو على ممارساته العدوانية الدموية، وإصراره على تحويل أطماعه المجانية للشرعية إلى أمر واقع مهما أريق من دماء. إلقاء تبعة ما حدث على عاتق رئيس وزراء أستراليا حين اعترف بفلسطين، لأنه قرار يستدعى بالتبعية العداء للسامية ليمثل قمة الفساد فى الاستدلال، الذى ينم عن مغزى آخر لمفهوم الخلط فى عقل نتنياهو، فمن مزج ما لا يمتزج، إلى الخلط فى الأمر أى أفسد فيه، ويقال اختلط عقله أى فسد، كما يقال خولط فلان فى عقله أى اضطرب! ولنتذكر أن هناك من شكك داخل الكيان الصهيونى فى الحالة النفسية والعقلية لنتنياهو، مطالباً بتوقيع الكشف عليه، فالقلة العاقلة هناك تدرك أنه إلى جانب ذكاء وطموح نتنياهو، ثمة خلل فادح فى تركيبته الإنسانية، تفضحها قراراته المخضبة بالدماء. لم تعد خلطة نتنياهو الجاهزة صالحة للاستخدام، وإذا كان هناك من ما يزال يملك قدراً من الحكمة، فعليهم أن يهمسوا فى أذنه أن سمات الكيان الصهيونى، وسلوك سكانه يسهمان فى انتشار الرفض والكراهية لممارستهما التى يدفعها نتنياهو نفسه إلى ذروة غير مسبوقة، عبر خلطته التى يسوقها لقراءة واقع لا وجود له إلا فى مخيلته! خلطة مكوناتها من الزيف والتزوير والأكاذيب والافتراءات، لا ينتظرها إلا السقوط المريع .