فى خطوة وُصفت بأنها ثورة رقمية فى إدارة الثروة العقارية المصرية، بدأت الدولة تنفيذ مشروع الرقم القومى الموحد للعقارات، الذى يمنح كل عقار فى مصر -أرضًا كان أو مبنى أو منشأة- رقمًا قوميًا فريدًا لا يتكرر، يربطه بقاعدة بيانات مركزية موحدة، تمهيدًا لإنهاء فوضى الملكيات وتداخل الملفات العقارية، التى عانت منها البلاد لعقود. المشروع الذى أُقرّ بموجب القانون رقم 88 لسنة 2025، يستهدف بناء قاعدة بيانات وطنية دقيقة لكل العقارات داخل الجمهورية، تتكامل مع خريطة الأساس الرقمية لمصر، وتربط بين جميع الجهات الحكومية المعنية -من الشهر العقارى إلى الكهرباء والمياه والضرائب- عبر رقم واحد يُعرف ب «الرقم القومى للعقار». اقرأ أيضًا | العائد على الاستثمار لشقق دبي: ما الذي يحتاج المستثمرون لمعرفته؟ فى البداية، قال أحمد جابر مهدلى، من قرية ناهيا بمحافظة الجيزة، إن الرقم القومى لكل عقار سيسهم فى الحد من التلاعب فى الأوراق الرسمية، وسيُسهل عمليات البيع والشراء، كما سيعزز من ثقة المواطن فى المنظومة العقارية، مشيراً إلى أن هذا المشروع سيساعد الدولة أيضًا فى حصر الثروة العقارية، وتحديد العقارات المخالفة، وتحقيق العدالة فى تحصيل الضرائب. وأكد جابر ضرورة أن يكون تنفيذ المشروع بسيطًا وواضحًا، دون تعقيدات إدارية قد تُثنى المواطنين عن التسجيل. كما شدد على أهمية التوعية المجتمعية بدور الرقم القومى للعقار، حتى يدرك الناس فوائده على المدى الطويل. بينما قال محمد مصطفى، من إمبابة، إن مشروع «الرقم القومى لكل عقار» خطوة مهمة نحو تنظيم السوق العقارية فى مصر، وتحقيق العدالة بين المواطنين، موضحاً أن العديد من العقارات فى مناطق شعبية مثل إمبابة تعانى من غياب بيانات دقيقة، سواء فيما يخص الملكية أو الترخيص، ما يؤدى إلى مشاكل متكررة فى البيع والميراث، بل وأحيانًا فى المرافق الأساسية. وأضاف محمد أن وجود رقم قومى لكل عقار سيسهل التعامل مع الجهات الحكومية، ويقلل من فرص التزوير أو التلاعب فى الأوراق الرسمية، خاصة فى المناطق التى لم يتم حصرها بشكل دقيق من قبل، وأن هذا النظام سيتيح للدولة معرفة حجم الثروة العقارية الحقيقية، مما يساعد فى تحسين التخطيط العمرانى وتقديم الخدمات. وعلى جانب آخر، قال محمود سمير، من منطقة أرض اللواء، إن مشروع «الرقم القومى لكل عقار» يُعد خطوة فى الاتجاه الصحيح نحو تنظيم العشوائيات وضبط ملف العقارات فى مصر. وأوضح أن أرض اللواء، مثلها مثل كثير من المناطق الشعبية، تعانى من مشاكل فى توثيق العقارات، وتداخل الملكيات، وغياب بيانات واضحة، مما يجعل التعاملات العقارية معقدة وغير مضمونة. وأضاف محمود أن وجود رقم قومى لكل عقار سيساهم فى حماية حقوق الملاك والمشترين، ويقلل من النزاعات القانونية، ويمنع محاولات الاستيلاء على العقارات من قبل بعض المنتفعين أو المزورين. وأشار إلى أن المشروع سيساعد الدولة فى التخطيط بشكل أفضل، من خلال معرفة عدد العقارات القائمة، وحصر المخالف منها، وتوفير قاعدة بيانات دقيقة تُستخدم فى تحسين البنية التحتية والخدمات. واختتم محمود سمير حديثه قائلاً: الرقم القومى للعقار مش رفاهية، ده أمان وضمان للمستقبل، وخطوة مهمة لتقنين أوضاع كتير من الناس اللى بقالها سنين عايشة فى قلق. بينما قال على حسن، من منطقة بولاق أبو العلا، إن مشروع «الرقم القومى لكل عقار» يُعتبر من أهم الخطوات، التى تتخذها الدولة نحو تنظيم القطاع العقارى، خاصة فى المناطق القديمة والتاريخية مثل بولاق، وأن كثيرًا من العقارات فى المنطقة تعانى من غياب التوثيق الدقيق، ووجود عقارات موروثة دون تسجيل رسمى، مما يتسبب فى مشكلات قانونية ومجتمعية كبيرة. وأضاف على أن تطبيق هذا النظام سيساعد على إنهاء حالة الفوضى العقارية، ويمنع التلاعب فى عقود الملكية، ويُعطى كل عقار هوية واضحة يمكن الرجوع إليها فى أى وقت، حيث إن بولاق أبو العلا، بحكم قدمها، تضم عددًا كبيرًا من العقارات، التى تحتاج إلى تقنين أوضاعها، وأن المشروع سيكون فرصة لحماية السكان وتنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن. وأكد على حسن أن الدولة يجب أن تُراعى ظروف المواطنين فى المناطق الشعبية، من خلال تقديم تسهيلات فى إجراءات التسجيل، وتوفير وحدات دعم فنى تساعد الأهالى على فهم خطوات التقديم.. واختتم حديثه قائلًا الرقم القومى للعقار مش بس مشروع إدارى، ده مشروع أمان اجتماعى، وهيخلى كل واحد حاسس إن بيته معترف بيه ومحمى قانونًا.. بينما قالت مدام وداد عبد القادر إنها تعرّضت لعملية نصب من قِبل أحد الأشخاص، وهو مقاول يعمل باتفاق مع أصحاب البيوت فى شارع البحر الأعظم، حيث يقوم بهدم البيت القديم وإنشاء عمارة سكنية جديدة مكانه. العملية تتم بنظام النسبة والتناسب بينه وبين أصحاب العقار، حيث اشترت شقة من هذا المقاول، وكانت تتابع مراحل البناء بنفسها، وكانت تزور العقار من حين لآخر، حتى إن سكان المنطقة عرفوها جيدًا الشقة كانت فى الدور الثامن وعندما اكتشفت أنها وقعت ضحية نصب، حررت محضرًا، وذهب معها وكيل النيابة بنفسه، وسأل السكان الموجودين، فأكدوا له أنها كانت بالفعل تملك الشقة وكانت تزورها بشكل منتظم وبناءً على ذلك، دوّن وكيل النيابة هذه الشهادة فى تقريره الرسمى ولكن المفاجأة أن المقاول باع نفس الشقة لشخص آخر، وحينما تم التحقيق، لم يكن هذا الشخص موجودًا، وقيل إنه «مسافر»، حيث إن الشراء تم باستخدام تواريخ متلاعب بها، على الرغم من أن مدام وداد كانت قد وثّقت صحة التوقيع من المحكمة بعد شرائها الشقة. وتقول إنها ما زالت تحلم باستعادة شقتها، خاصة بعد وفاة زوجها، حيث مرّت بظروف صعبة جدًا، وما زال الوضع كما هو عليه. وتضيف أن الشقة حاليًا تُقدّر قيمتها السوقية بمليون ونصف المليون جنيه. وقالت منة محمد إنها تعرّضت لعملية نصب من قبل أحد الأشخاص، الذى كان يبيع شققًا فى برج سكنى والشقة التى كانت تنوى شراءها كانت ضمن برج مكوّن من نحو 40 شقة، يقع فى منطقة الفسطاط القديمة وقبل أن تدفع أى أموال، سألت هى وأسرتها عن الشخص نفسه، وليس عن وضع الأرض أو العقار فى الشهر العقارى وجميع مَن سألتهم قالوا إن سمعته طيبة، ولم يكن هناك ما يدعو للشك وللأسف، لم يخطر ببالهم التحقق من المستندات القانونية أو الملكية العقارية. وقالت: عندما ذهبت لمعاينة البرج، كان المبنى عبارة عن أعمدة خرسانية وبعض الأسقف، وتم تقسيمه من الداخل إلى شقق وغرف، وكان البناء قد وصل إلى الدور الثانى عشر تقريبًا وأخبرهم البائع أن الشقة ستكون جاهزة للاستلام خلال عدة أشهر، وأنها ستكون «نصف تشطيب». بينما قالت منى سيد موظفة إنها قامت بعمل قرض من البنك بقيمة 250 ألف جنيه، وبدأت بدفع الأقساط بانتظام، ودفعت أضعاف هذا المبلغ على مدار 7 سنوات، إلى أن فوجئت بعد مرور عام كامل من الدفع، بأن الشخص يماطل ويسوّف فى التسليم وبدأت تشك، ثم تأكدت أنه يتهرب، فقامت بعمل محضر ضده فى قسم شرطة مصر القديمة، وهناك اكتشفت المفاجأة الصادمة أن هناك أكثر من 100 شخص قد سبقوها وحرروا محاضر نصب ضده لنفس العقار. تقول منى إن البرج بالكامل غير مسجل فى الشهر العقارى، وإنه تم بناؤه على أرض مخالفة. حتى الآن، تعيش فى شقة إيجار، وحياتها انقلبت رأسًا على عقب والقصة حدثت فى عام 2023، لكنها لا تزال تعانى من آثارها النفسية والمادية حتى اليوم، وتشعر بالندم لعدم توثيق الأمور قانونيًا منذ البداية.