سنوات طويله مضت ، عانى فيها الانسان المصرى من الفساد على كافة الاصعده ، فساد سياسى ، اقتصادى ، اجتماعى ، ادارى ، ولم يكن قطاع الاسكان بمنأى عن هذا الفساد ، رغم سلسلة القوانين والاجراءات المسنونة فى هذا الاطار ، الا انه لا قانون ولا اجراء نجح فى منع استغلال النفوذ والوساطة والمحسوبية فى الاستيلاء على الشقق التى كانت مخصصه من قبل وزارة الاسكان للشباب والفقراء والطبقات المتوسطه ، فامتدت الايادى السوداء التى تفننت فى نهب اقوات وحقوق البسطاء وامتصاص دماءهم ، امتدت لتستولى على هذه الشقق ، وتوزيعها على الاقارب والمحاسيب ، وبلطجية الحزب الوطنى المنحل ، اما لبيعها والاتجار بها ، او الاحتفاظ بها للاحفاد واحفاد الاحفاد ، ليزداد عدد من ليس لهم مأوى ، ويزداد سكان العشوائيات وسكان المقابر المستحقين الحقيقيين لتلك الشقق المنهوبة . وعندما هل علينا قانون الاسكان الجديد قبل ايام ، توسمت فيه كغيرى الخير ، لرعاية وتسكين الفقراء والاسر البسيطة الكادحه من محدودى الدخل ، حيث ستباع لهم الشقق باسعار التكلفه ، نظرا لاستبعاد الشركات الاستثمارية من بناء التجمعات السكنية الشعبية المرتقبه ، كما نص القانون على حظر انتفاع اى مواطن باكثر من شقه ، او حصوله على اكثر من قطعة ارض من برنامج الاسكان الاجتماعى ، كما يحظر على اى موطن حصل على قرض تعاونى او وحده سكنية او قطعة ارض بناء بالتخصيص المباشر او القرعة ، يحظر عليه الحصول على وحدة سكنية من برنامج الاسكان الاجتماعى ، وكلها بنود رائعة لو تم تطبيقها وافلح ان صدقوا فى التنفيذ ، ولكن كيف يتم تنفيذ كل هذا بشفافية ، دون تلاعب او تحايل من قبل جماعات المنتفعين من كل نظام وفى كل زمان ، هؤلاء الذين يلعبون على حبائل القوانين ، وفوق خطوط الاجراءات ، ويلعبون بالبيضة والحجر . لا مخرج من اى تلاعب او تحايل مع تنفيذ قانون الاسكان الجديد الا انشاء بنك للمعلومات يضم قاعدة بيانات ، تقوم من خلالها وزارة الاسكان بالاشراف على بنك المعلومات هذا ، بتغذيته من قبل مجالس الاحياء ، والجهات المعنية الاخرى بالاسكان الشعبى ، لتسجيل المواطنين الذين سبق وان حصلوا على سكن شعبى ، او الذين سيحصلون على سكن بمشروع الاسكان الاجتماعى ، لمنعهم من الحصول على مزيد من الشقق فى المشروعات الاخرى المستقبليه . واعجبنى فى هذا الاطار تجربة تطبق فى عدد من دول الخليج اذكر منها الكويت ، حيث توجد جهة واحده مختصه بتسجيل عقود البيع والشراء وعقود الملكية للعقارات ، ولا يتم الا من خلال هذه الجهة بيع اى مسكن او شراء اى عقار ، وتختص محكمة بهذه الجهة فى توثيق عقود البيع والشراء ، والبت فى اى مخالفات او عمليات تزوير لبيع العقارات ، كما يتم ادراج كل هذه المعلومات والبيانات فى قاعده واحده للمعلومات ، اى يمكن لاى انسان اللجؤ الى هذه المحكمة للتأكد والحصول على معلومات موثقة قبل شراءه اى عقار او استئجاره ، وبالتالى لايقع مواطن كويتى ضحية نصاب باع شقة ما اكثر من مره ، ولا يتمكن مواطن من النصب على الدولة بالحصول على اكثر من شقه من الشقق الشعبية التى تبيعها الدولى للمواطنين البسطاء ، ويمكن لاى شخص الكشف بسهولة عن التاريخ العقارى لاى وحدة سكنية او عقار ، من كان يمتلكها ومن باعها ومن اشتراها منذ نشأتها . وهى فكرة رائده ورائعة ، تحمى المواطنين من الوقوع فى براثن وحبائل النصب والاحتيال ، وتحمى الدوله ايضا من المتحايلين فى مجال الاسكان ، واذا قال لى قائل ان تعداد الكويت الذى لم يصل الى 4 ملايين بعد ، لا يمكن مقارنته بتعداد المصريين ، فارد عليهم بانه يمكن عمل قاعدة بيانات فى كل محافظه على حدا ، وتقسيم القاهره الى مناطق وفقا لتقسيماتها الحاليه ، وانشاء بنك وقاعدة بيانات لكل قسم منها ، بحيث لا يتم بيع او شراء اى عقار الا من خلال تلك الادارة الحكومية التى تتضمن قاعدة البيانات ، ويتم فى ذلك تعاون مكاتب الشهر العقارى ، والتى يجب ان تختفى فى المستقبل ، وتتوحد داخل بنك المعلومات هذا ، على ان ينبثق منها قسم لتوثيق العقود ، وادارج تلك العقود فى قاعدة البيانات عبر الكمبيوتر ، بحيث لا يمكن تزوير او تغيير اى معلومة بها ، على ان يتم تحويل اختصاصات الشهر العقارى الى مجالات اخرى ، كان يختص بتوثيق اى وصيه ، او استخراج الوثائق الاخرى التى تطلبها جهات رسمية وحكومية ، وبهذا يتم رفع عبء تسجيل بيع وشراء العقارات او التنازل عنها عن مكاتب الشهر العقارى ، واسنادها الى تلك المحكمة المقترحة وبنك المعلومات بها . وكما نجحت مصر ونفذت فكرة الرقم القومى بالبطاقات ، لن يكن من المستحيل تنفيذ تلك الفكره ، لتسهيل حصول المواطنين على شقق من وزارة الاسكان او مشروعات الاسكان الاجتماعى دون تحايل ، ولحماية المواطنين انفسهم من الوقوع فرائس للنصابين الذين يبيعون شققهم لاكثر من مشتر فى ذات الوقت . انها فكرة تحتاج الى بعض الوقت والجهد والتنظيم ، ولكننا سنرتاح جميعا وعلى رأسنا المسؤلين فى الدوله ، لوجود جهة اختصاص واحده لتوثيق عقود البيع والشراء للعقارات وتوثيق عقود الملكية ، واعتبار هذه الجهة المرجعية الوحيدة التى لا يمكن اتمام بيع اى عقار بعيدا عنه ، انها فكرة اطرحها امام وزارتى الاسكان والعدل ، عسى ان تجد قبولا ورواجا فى مرحلة التغيير ما بعد الثورة ومكافحة كل اسباب الفساد واستغلال النفوذ والمحسوبية .