شرع الله الزواج ليأنس الرجل بزوجته وتطمئن الزوجة بوجود زوجها بجوارها، وبالطبع تتمتع الاسر المصرية بميزة مهمة وهي الاهتمام البالغ بتأثيث عش الزوجية والحفاظ على قدسيته واستقراره، لكن هناك بعض الحالات الشاذة التي ظهرت داخل أروقة محاكم الأسرة تستغيث فيها الزوجة بأمر غريب للغاية وهي أن زوجها اختفى من حياتها فجأة ولا تعرف له طريقًا. هل يمكن أن يصدق عقل تلك المقولة العجيبة؟، الحقيقة المرة أننا التقينا ببعض القضايا بطلتها تشتكي من نفس الأمر وهو أنها استيقظت فجأة لم تجد زوجها موجودًا ولم تتمكن من الوصول اليه، وعند سؤالها عنه تكتشف أنه حيا يرزق لكنه قرر الابتعاد عن الحياة الزوجية معها هاربًا من مسئوليات أسرته، الأغرب أن بعضهن تلقين رسالة من أزواجهن مفادها: «كملوا حياتكم من غيري»! وما أثار دهشتنا أن هناك زوجة قالت لنا: إن زوجها لم يكتف برحيله بل سرق منها راتبها ومصوغاتها الذهبية وترك لها منزل الزوجية تاركًا أطفاله وأسرته في مهب الريح، وبصرف النظر عن أن هذا النوع يندرج تحت مسمى – الطلاق للضرر كما قالت لنا المحامية فيروز الصافي – أن هذه الدعوى صارت متكررة أمام محاكم الأسرة. بين أوراق القضايا وجدنا مآسي؛ أزواج تركوا وراءهم الديون وحكايات تتعالى بها زوجات أمام المحكمة بعد أن تحول الزواج من مودة ورحمة إلى مغامرة مالية نهايتها الطلاق. بداية تقول «منى» 38 سنة موظفة: زواجي كان تقليديًا أثمر عن طفلين، خرجت للعمل لمساعدة زوجي في تحمل نفقات الحياة، لكن بعد فترة ماتت مشاعر زوجي نحوي وبدأ يتذمر من كل شيء وبدأت المشكلات تشتعل بيننا، يترك منزل الزوجية كثيرًا ويهددني بالطلاق، لكن كان يعود بعد فترة ونضع اتفاقيات بالمشاركة وتحمل صعاب الحياة، وقبل بداية العام الدراسي الحالي عندما أخبرته بأننا على وشك دفع المصاريف الدراسية، قال إنه لا يمتلك ما يكفي لدفعها، جن جنونه واشتعلت المشكلات بيننا من جديد، ذكرته لما اتجوزنا بكل وعوده، لكن لم يرد إلى أن فوجئت حين عودتى من عملي به وقد حمل كل ملابسه وأخذ كل متعلقاته ورحل من منزل الزوجية، وعندما حاولت البحث عنه لدى عائلته واشقائه اكتشفت أن لا أحد يعرف مكانه، حتى ارسل لي رسالة بعد أيام قليلة يقول لي فيها: «كملي حياتك من غيري فلن أعود مرة اخرى» لانه لم يعد يقوى على الحياة ونفقاتها. حاولت الاتصال به والوصول اليه دون جدوى ومرت اشهر وتمكنت من دفع أول قسط من مصاريف مدرسة ابنائي، لكن هناك شيئا انكسر داخلي وداخل ابنائي الصغار الذين يسألوني عن والدهم باستمرار، فتوجهت إلى محكمة الاسرة بعد أن فقدت كل أمل لعودته وطلبت التقدم بدعوى الطلاق للضرر بسبب غياب الزوج، وكذلك تمكين من منزل الزوجية لاني حاضنة، ولا اعرف المجهول الذي ينتظرني. وأمام محكمة أسرة الجيزة وقفت الزوجة الشابة «ريهام» تبكي بدموع عينيها وتقول بأسى:رزقني الله بثلاثة ابناء هم سر تحملي لزوجي طوال سنوات زواجي به التي تخطت ال 12عامًا، فهو كسول لا يحب الخروج للعمل وفاشل بشكل مبالغ فيه، فكان كل ما يخرج لوظيفة لا يستمر فيها أكثر من يومين، ثم يتحجج بأنها لا تناسبه ويجلس في البيت معتمدًا على خروجي للعمل، تحملت نفقات البيت كاملة، لكن لم أرغب في طلب الطلاق يومًا حتي يبقى أمام أبنائه، وفي يوم قررت شراء سيارة بعد أن وفرت مبلغا ماليا كمقدمة لها، حتى يخرج للعمل عليها، طلب مني أن أسجلها باسمه حتى يتمكن من العمل عليها دون مشكلات، وبسذاجة كبيرة مني سجلتها باسمه، حتى هذه السيارة فشل في الخروج للعمل عليها ودفع أقساطها وكالعادة تحملت أنا دفع الأقساط من راتبي بجانب الإنفاق على كل ما يحتاجه ابنائي والبيت، حتى جاءت المفاجأة التي سقطت على رأسي كالصاعقة؛ عندما استيقظت من النوم وفوجئت بزوجي غير موجود في البيت، وهاتفه المحمول مغلق، فأخبرني ابني الصغير أنه رآه يفتح حقيبتي ويأخذ منها الأموال وخرج مسرعًا من المنزل وفي يده حقيبة ملابسه. وتضيف الزوجة في صحيفة دعواها التي قدمتها للمحكمة من خلال محاميتها: اكتشفت أنه أخذ راتبي بالكامل من حقيبتي كما استولى على مصوغاتي الذهبية التي كنت أخفيها في ملابسي وأخذ السيارة وهرب من منزل الزوجية، بحثت عنه في كل مكان لكن دون جدوى، فأسرعت إلى قسم الشرطة بنصيحة من بعض معارفي وحررت محضر اختفاء لزوجي، وبعد ايام قليلة ارسل لي من رقم غريب انه بخير لكني أدركت أنه لن يعود مرة أخرى إلى منزل الزوجية ولا يريد حياتنا، في البداية قلت لنفسي لا يستحق أن اتقدم ضده بدعاوى قضائية لكن بعد فترة شعرت بإرهاق شديد من تحملي كل شيء بمفردي أحسست بتعب نفسي رهيب فقررت التقدم بطلب طلاق للضرر لعدم معرفتي مكانه والحصول على المنقولات الزوجية، ولن أتقدم بأية دعاوى نفقة لاني أدرك تمامًا أنه لا يمتلك حتى تمن بنزين السيارة، وربما باعها. قضايا في مكتبى بسؤال المستشارة القانونية فيروز الصافي «محامية الستات» قالت لإخبار الحوادث:هناك الكثير من قضايا هجر الأزواج لزوجاتهم في مكتبي، مثلًا موكلة زوجها سافر لإحدى الدول الخليجية ولم يخبرها مكانه حتى عرفت بالصدفة من خلال أحد معارفه الدولة التي سافر إليها، فأقمت لها بناءً على طلبها دعوى خلع ضده ورفضت أن تنتظر أى شيء منه وبالفعل حصلت على الطلاق خلعًا. وأخرى سافر زوجها أيضًا الى إحدى الدول دون معرفتها وظلت المسكينة تبحث عنه في كل مكان،استخرجنا شهادة تحركات بقرار من المحكمة لمعرفة إذا كان داخل البلاد أم لا واكتشفنا انه سافر إلى بلد عربي منذ عدة أشهر دون إخطارها وقطع علاقته بها وكأنه ليست زوجته ولها عليه واجبات مثلما له حقوق؛ فقررت طلب الطلاق للهجر. وحالة ثالثة لزوجة تدعى دينا، خدعها زوجها بزعم أنه مسافر إلى اليابان للعمل، بل واشترى هاتفا برقم ترحال وكان يراسلها على فترات ببعض الرسائل على «الواتس آب»، ثم يختفي ويظهر فجأة يتحدث اليها، فاستخرجنا شهادة تحركات لنكتشف أنه ليس في اليابان بل في إحدى الدول الخليجية، وفي أول محادثة بينهما عندما سألته زوجته عن سبب هروبه قال لها:»انه لن يعود إليها مرة أخرى واغلق هاتفه ولم تعرف عنه شيئا بعدها، فأقمنا دعوى طلاق للضرر. الطلاق للهجر وعن الجانب القانوني للطلاق للهجر قالت محامية الستات «فيروز الصافي»:نص قانون الأحوال الشخصية، وفقًا للمادة رقم (25) لسنة 1929 أحوال شخصية، أن هجر الرجل لزوجته يعتبر من الأضرار الموجبة للتفريق، إذا لم ترض الزوجة بغياب زوجها أكثر من 6 أشهر ورفعت أمرها إلى القاضى ليقوم بمراسلة زوجها وإلزامه بالعودة، فإن لم يرجع حكم القاضى بما يراه من الطلاق أو الفسخ. هناك زوجات فضلن التقدم بدعوى خلع حتى يحصلن على حريتهن سريعًا ولا يبقين تحت وطأة زوج تركهن ولم ينظر حتى خلفه، لكن هجر الزوج هو أحد أهم أسباب الطلاق للضرر والذي تتمكن فيه الزوجة من الحصول على كافة حقوقها من مؤخر ونفقة عدة ومتعة وغيرها من الحقوق المترتبة على الطلاق. ولإثبات هجر الزوج، على الزوجة أن تتقدم بدعوى طلاق للهجر فيتم عمل تحريات المباحث التى تثبت فيها هجر الزوج من سؤال الجيران وغيرها، ثم يتم إحالة الزوجة للتحقيق فتقدم شهادة الشهود وهى أهم خطوة لإثبات صحة كلامها، أو تقوم بعمل شهادة تحركات له إذا كان خارج البلاد، ومن اللازم أن تقيم دعاوى نفقة لإثبات أن الهجر ليس من أجل العمل للإنفاق على ابنائه، لأن هناك بعض الزوجات يتقدمن بطلاق للضرر بسبب هجر الزوج وسفره للخارج، لكن في المقابل نرى الزوج يقدم اثباتات أنه يرسل لها النقود كنفقة لها ولأبنائها ليثبت أن سفره للعمل للخارج وبرضاء منها وليس هجرًا لها دون رغبتها. وأنهت المستشارة القانونية «فيروز الصافي» كلامها قائلة:الطلاق للهجر لا يعني سفر الزوج خارج البلاد لكنه ممكن يكون مختفى داخل البلاد وهاربًا من مسئولياته، فالهجر باختصار هو إهمال الشخصِ للطرفِ الآخر، أو تجاهُلُه، أو الامتناع عنه بالكلمة أو النظرة، وفي العلاقة الزوجية أي المعاشرة، ويمكن اثبات ذلك من خلال التحريات والاستماع للجيران، وأن تأتي الزوجة بشهادة الشهود ليثبتوا بأن هناك مشكلات كثيرة ولا يوجد تواصل بينهما ولا يأتى لمنزل الزوجية. اقرأ أيضا: زوجة من داخل محكمة الأسرة: بخيل زي الجلدة وبنتي هي الضحية