سعى الإخوان منذ تأسيس جماعتهم قبل قرابة قرن مضى إلى أن يكون فى حوزتهم أموال كبيرة لتحقيق هدفهم الأساسى وهو الوصول إلى الحكم ما أبعد الليلة عن البارحة! البارحة كانت أمريكا تسعى بحماس لتمكين الإخوان من حكم مصر ومعها عدد من البلاد العربية.. والليلة تسعى أمريكا إلى ملاحقة الإخوان لأنها تعد منظمة إرهابية.. فبعد ولاية تكساس أعلنت ولاية فلوريدا الإخوان جماعة إرهابية، وقبلها أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا للسلطات الفيدرالية لبحث إدراج جماعة الإخوان فى ثلاث دول عربية هى مصر والأردنولبنان ضمن قوائم الاٍرهاب!. وبالطبع ثمة فارق عظيم وضخم بين دعم الإخوان للوصول إلى الحكم فى مصر ودول عربية وبين أن يصيروا ملاحقين من السلطات داخل أمريكا التى للجماعة فيها تواجد كبير منذ عدة عقود مضت يتمثل فى نحو 29 منظمة اجتماعية وخدمية وخيرية ودعوية.. وهذا الفارق يوضح لنا حجم الضربة التى تلقتها جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى من أمريكا بتحولها من مساند وداعم إلى ملاحق ومطارد لهم. فإذا انتهى تنفيذ الأمر التنفيذى لترامب إلى اعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية فهذا معناه أن تغل كل السلطات الأمريكية الفيدرالية وفى كل الولايات أيديها عن دعم كل نشاط إخوانى معلن أو مستتر.. وهذا تحول كبير وضخم. نعم لقد نجحت مصر فى تصفية جماعة الإخوان تنظيميًا وقضت على كل نشاط لها خلال السنوات التى مضت، وهذا ما فعلته الأردن مؤخرًا مع جماعة الإخوان لديها، بينما تواجد جماعة الإخوان فى لبنان يتسم بالضعف ولذلك التحقت بحزب الله هناك.. ولكن إعلان أمريكا جماعة الإخوان منظمة إرهابية هو بمثابة ضربة قوية جدًا ومؤثرة للجماعة التى انقسمت تقريبًا إلى ثلاث جماعات تتنافس الآن ليس على القيادة وحدها ومنصب المرشد وإنما على الأموال الضخمة التى تمتلكها فى بقاع شتى من عالمنا مترامية الأطراف!.. وهذه الضربة ستجهز على الخطر السياسى للإخوان الذى يعبر عن نفسه فى مناهضة نظم المنطقة إعلاميا واستخدام منابرها الإعلامية لاستعادة الحكم الذى انتزع منهم شعبيًا فى مصر وضاع من بين أيديهم فى دول عربية أخرى مثل تونس!. ولكن.. وآهٍ من لكن هذه.. إن لدى الإخوان شبكة أخرى من المنظمات التى لا تحمل اسم جماعتهم منتشرة فى أوروبا تعمل بهمة ونشاط طوال الوقت ولم تتأثر كثيرًا بتصفية تنظيمهم داخل مصر لأن أوروبا لا تعتبر الإخوان جماعة إرهابية مثلما قد تفعل أمريكا ذلك.. وهذا التواجد فى أوروبا يمكن الإخوان من تنمية وإدارة الثروة الضخمة التى يملكونها وراكموها على مدى نحو تسعة عقود من الزمان. لقد سعى الإخوان منذ تأسيس جماعتهم قبل قرابة قرن مضى إلى أن يكون فى حوزتهم أموال كبيرة لتحقيق هدفهم الأساسى وهو الوصول إلى الحكم فى العديد من البلاد لإقامة دولة الخلافة الموعودة.. ومبكرًا جدًا اهتم حسن البنّا مؤسس الجماعة إلى جمع الأموال عبر عدة مصادر مهمة هى الهبات والمنح وكانت فى عهده بريطانية وأمريكية وخليجية، والتبرعات التى امتدت من الإسماعيلية إلى شتى أرجاء مصر، ثم إلى أوروبا وأمريكا من خلال منظمات مجتمع مدنى أنشئت خصيصًا لذلك تجمع التبرعات لأغراض متنوعة آخرها إغاثة أهل غزة وكانت تصب فى خزانة التنظيم الدولى للإخوان، وأخيرًا الاستثمارت المتنوعة من خلال شركات متعددة الأغراض ومتنوعة المجالات يديرها أعضاء فى الجماعة والتنظيم الدولى أو مقربون لهما وتصب أرباحها فى خزانة التنظيم الدولى أيضًا. وكل هذه الثروة الضخمة لن يسهل ملاحقتها حتى داخل أمريكا إذا ما ضمت الجماعة إلى قوائم الإرهاب لديها، لأنها ثروة سرية غير معلومة، وهذا هو ما استند إليه الإخوان فى اللجوء إلى القضاء فى فلوريدا لمنع حظر منظمة كير المعروف أنها إحدى منظماتهم المهمة، فلا توجد صلة قاتونية لهم بها!.