تحول الحلم إلى حقيقة والجمهورية الجديدة تؤتى ثمارها قريباً كانت أحلامنا أكبر بكثير من الواقع. مازلنا نتذكر صواريخ الرائد والقاهر والظافر، وشعار من الإبرة للصاروخ، وهى الشعارات التى واكبت قيام ثورة 1952. وبعيداً عن الأسباب التى حالت دون تحقيقها فإن الأحلام بدأت تتحول إلى حقيقة تدخل بها مصر إلى عصر الصناعة بمفهومها الواسع والمتجدد والقادر على مواكبة متطلبات التكنولوجيا، وبالتالى القدرة على المنافسة. كانت سعادتى غامرة وأنا أشترى جهاز موبايل جديداً. نصحنى البائع بجهاز معين يمتلك عشرات المزايا، ويلبى كل ما يخطر على بالك من خواص جعلته ينافس أغلى أجهزة الموبايل بالأسواق. مثل الصغار عندما يشترون شيئاً جديداً بدأت دراسة الموبايل الجديد وما يتمتع به، وكانت مفاجأة كبيرة عندما وجدت «استيكر» داخلياً مكتوباً عليه بعض الأرقام الكودية، وبخط واضح وجدت شعار «صنع فى مصر». ساعتها راودتنى مشاعر فرحة مقرونة بالخوف الشديد من أن يكون كما نقول «أى كلام». أسرعت بالاتصال بالبائع، وسألته عن حقيقة نوع الجهاز، فقال لى: نعم إنه مصرى الصناعة، وبنسبة تقارب مائة بالمائة، وقال لى إنه الجهاز الوحيد بالأسواق الذى يوجد له ضمان لمدة 3 سنوات. بعد عدة أيام اتصلت بالبائع لكى أشكره، لأن الجهاز بالفعل كان تحفة، سواء فى إمكانياته أو سعره المنخفض. أقول ذلك وأنا أتابع ما يحدث الآن فى سوق السيارات، ووجود أكثر من سيارة مصرية الصنع. وقبل أن تقول لى إنها مجرد تجميع لماركات عالمية، أقول لك عندك حق، ولكن نسبة التجميع لا تمثل سوى ما يقرب من 25 بالمائة، هناك بالفعل اليوم مئات المصانع التى تقوم بإنتاج قطع غيار السيارات، وهناك مخططات للوصول لنسبة مائة بالمائة، والتى تنتقل بها مصر إلى مكانة لم تكن سوى أحلام وأمنيات. حقيقة سوف تجدها فى آلاف المصانع الجديدة التى تعمل فى كافة المجالات، والتى دخلت بها مصر عصر التنمية الصناعية من أوسع أبوابه، وخلال ما يقل عن عام واحد بدأ العمل فيما يزيد على 6 آلاف مصنع جديد، بالإضافة لإعادة تطوير وتشغيل 987 مصنعاً متعثراً، وفرت أكثر من 230 ألف فرصة عمل مباشرة، بالإضافة لعشرات الآلاف من فرص العمل المؤقتة. تم إطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية التى تشمل تخصيص الأراضى وإصدار التراخيص والتسجيل الصناعى والدفع الإلكتروني. كما تم طرح مجموعة متكاملة من الحوافز الضريبية والجمركية، بالإضافة لمنح القروض الميسرة لدعم المصنعين، خاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ونتيجة مباشرة، ارتفعت الصادرات الصناعية فى النصف الأول للعام الحالى إلى ما يقارب 18 مليار دولار، بزيادة تقارب 10بالمائة عن نفس الفترة من العام السابق. شهد العام الحالى تطويراً شاملاً فى بعض الصناعات الاستراتيجية، مثل الزجاج الهندسى، والتوسع بقطاعات المعادن والحديد وخطوط إنتاج صفائح الصلب المعدنى، وإنشاء أكبر مدينة للجلود، وإنشاء مجمعات صناعية متخصصة فى كل ربوع مصر. كان أكبر إنجاز يؤكد الفكر الصناعى الجديد هو التنسيق بين مشروعات البنية التحتية، كالطرق والموانى، وبين المناطق الصناعية الجديدة. حدثت هذه الطفرة فى الوقت الذى انخفضت فيه الواردات، وتوطين عدد من الصناعات الكبرى، مثل صناعة الدواء، والأجهزة المنزلية، وصناعة السيارات، والصناعات الكيماوية والغذائية. نعم كان حلماً تحول إلى حقيقة وفكر جديد كسر كل أنياب الروتين «وعدى علينا بكرة ياسيد». فكر يتعرض للهجوم، والذى يحوله إلى طاقة ايجابية فى جمهورية جديدة سوف نجنى ثمارها قريباً. شكراً لكل الرجال الذين حولوا الحلم لحقيقة. شكراً للفريق كامل الوزير الذى يسارع الزمن لكى يحقق لمصر كل ما تنشده من رفعة وحداثة، يقودها ربان ماهر يحلم بأن تكون مصر «زى الكتاب ما بيقول».