تعد الانتخابات البرلمانية من أهم المحطات الديمقراطية في حياة أي دولة، حيث تشكل مرآة حقيقية لرغبات وتطلعات الشعب، وتساهم بشكل مباشر في بناء مستقبل الوطن. وفي الوقت الذي تشهد فيه بلادنا تطوراً ملحوظاً على كافة الأصعدة، تبرز أهمية مشاركة المواطنين في هذه العملية الانتخابية كضرورة حتمية لا بد من الوعي بأبعادها، إذ أن هذه المشاركة لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب المجتمعية، الوطنية، والشرعية التي تؤثر بشكل مباشر في تشكيل النظام التشريعي والرقابي في الدولة. من الجانب المجتمعي المشاركة في الانتخابات البرلمانية تعد مسؤولية جماعية، حيث يؤثر كل فرد في المجتمع بشكل كبير في تحديد من سيمثلهم في البرلمان. من خلال اختيار الأفراد الأكفاء القادرين على فهم قضايا المجتمع والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، يتحقق التقدم والتطور في كافة المجالات. مشاركة المواطنين في الانتخابات تساهم في تعزيز ثقافة الديمقراطية في المجتمع، إذ تكسب الأفراد الوعي الكامل بحقوقهم وواجباتهم، وتجعلهم أكثر إلماماً بالقضايا الوطنية والاجتماعية التي تهمهم، كما أن هذه المشاركة تشجع على الحوار بين الأفراد، مما يساهم في نشر الوعي العام وتحقيق الوحدة المجتمعية. من الجانب الوطني من أبرز الأبعاد التي تظهر من خلال المشاركة الفعالة في الانتخابات هو الدور الوطني الذي يقوم به المواطن. فهذه الانتخابات تُمثل أداة فاعلة لتحقيق التغيير في السياسات العامة للدولة، حيث يتمكن المواطنون من اختيار ممثليهم في البرلمان الذين يتخذون القرارات التي تؤثر في كافة جوانب حياتهم. الانتخابات البرلمانية هي الوسيلة التي تُعبر من خلالها الأمة عن إرادتها، ما يجعلها أداة حيوية في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة. كما أن الإقبال على المشاركة يعزز استقرار النظام السياسي، ويسهم في تعزيز مكانة الدولة على الساحة الدولية من خلال إظهار ممارستها الديمقراطية ونزاهتها. من الجانب الشرعي تولي الشريعة الإسلامية أهمية كبيرة للمشاركة في شؤون الأمة واتخاذ القرارات التي تهم المجتمع، وقد أشار العديد من علماء الدين إلى أن المشاركة في الانتخابات هي واجب شرعي في ظل الأنظمة الديمقراطية، التي تسمح للمواطنين بالمساهمة في تحديد مصيرهم. ةفي الفقه يعتبر التفاعل مع قضايا الأمة أمراً مهماً، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، هذا التوجيه النبوي الشريف يدعو المسلمين إلى المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية، وبالتالي فإن المشاركة في الانتخابات البرلمانية تعتبر جزءاً من واجب الفرد تجاه المجتمع والوطن.