كان السلطان هيثم خير خلف لخير سلف. تلعب سلطنة عمان دوراً بارزاً فى محيط السياسة الخارجية انطلاقاً من المصداقية التى تحظى بها لدى كل دول العالم وسعيها الدائم لإعلاء سياسة الحوار وتحقيق السلام وهى السياسة التى وضعها الراحل العظيم السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه ويستكملها اليوم بكل نجاح وتقدير السلطان هيثم بن طارق بكل ما له من خبرة وحنكة ورؤية ثاقبة والذى كان أحد الرواد الأوائل فى مدرسة الدبلوماسية العمانية وتوليه العديد من المواقع القيادية بوزارة الخارجية. كانت عيون الراحل الكبير السلطان قابوس ترصد عن قرب شخصية ابن عمه سمو السيد هيثم والذى عرف بالذكاء الشديد وقدرته الفائقة على التفاوض والتمسك بالأخلاقيات الرفيعة فى ممارسته لعمله كوكيل لوزارة الخارجية وممثل خاص للسلطان قابوس فى العديد من المهام الخارجية وقبل ذلك كله دماثة أخلاقه وتواضعه الجم الذى جعله قريباً من أبناء شعبه. خلال أيام قليلة من توليه المسئولية سلطاناً لعمان بدأت عملية تطوير وتحديث شملت كل مجالات الحياة بالسلطنة وكان بحق خير خلف لخير سلف. كما نقول فى مصر فسوف يفوتك نصف عمرك إذا لم تقم بزيارة لسلطنة عمان أو حتى مجرد قراءة ما كتب عنها وعن آصالة وعراقة شعبها وأيضاً طبيعة الحكم فيها. سلطنة عمان التى تحتفل هذه الأيام بذكرى نهضتها التى قادها الراحل الكبير السلطان قابوس بن سعيد قبل وفاته فى يناير 2020 وتولى ابن عمه السلطان هيثم مقاليد الحكم. ولعلى لا أخفى حقيقة مشاعر البعض فى الدول الخليجية والعربية والذين كانوا يترقبون القادم الجديد ومدى التغير الذى قد يطرأ. لكن الترقب لم يستغرق وقتاً طويلاً لأن السلطان الجديد كان بالفعل يتولى عشرات الملفات سواء الاقتصادية أو السياسية والاجتماعية وكان هو صاحب رؤية عمان 2040 والتى تعتمد على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. بدأت مسيرة بناء جديدة تعتمد على الحداثة واستيعاب كل المتغيرات الدولية والإقليمية. بدأ تأسيس هيئة للاستثمار ودعم كل المشاريع الابتكارية والتحول الرقمى والذكاء الصناعى ورقمنة الخدمات الحكومية وتنفيذ خطط مالية تؤدى لتقليص الدين وبناء مدينة جديدة وعشرات المشروعات للطاقة المتجددة كما بدأ تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والعديد من الإصلاحات لتحسين الأداء الحكومى وتطوير النظام القضائى وتطوير التشريعات ودعم المشاركة الشعبية. حفر السلطان هيثم اسمه فى قلوب كل العمانيين وخاصة الشباب بما له من رصيد رياضى. فى أروقة الدبلوماسية الخليجية والعربية والدولية عرفت سلطنة عمان بقدراتها الفائقة على الوساطة وتقريب وجهات النظر. ولا نبالغ عندما نقول إن مشاركة السلطنة فى أى وساطة كانت تعنى النجاح وحل أى نقاط للخلاف ولأن المجال قد لا يتسع لإطالة سريعة على بعض أدوار الوساطة نتذكر جميعاً الوساطة العمانية فى المفاوضات النووية بين إيرانوالولاياتالمتحدة. نتذكر الدور الكبير الذى قامت وتقوم به السلطنة فى تقريب وجهات النظر بين إيران وبعض الدول العربية. نتذكر الدور الناجح الذى تقوم به عمان كجسر دبلوماسى فى النزاع اليمنى من جهة وتوترات منطقة الخليج. نتذكر الوساطة بين الولاياتالمتحدة وجماعة الحوثى والتى نجحت خلالها سلطنة عمان فى وقف العمليات العسكرية ضد السفن الأمريكية بالبحر الأحمر وغيرها من أدوار الوساطة والدبلوماسية الهادئة. فى عيدها الوطنى تتحول السفارة العمانية بمصر إلى بيت كبير يضم كثيراً من كبار المسئولين والمستثمرين والإعلاميين انطلاقاً من علاقة خاصة تربط مصر بعمان التى كان لها مواقف كثيرة تأييداً لموقفها تجاه عملية السلام. سفارة عمان حولها السفير الشيخ عبدالله الرحبى إلى بيت للعرب وفى عيدها الوطنى تتجدد الذكريات لبلد حضارته كانت تواكب حضارة المصريين القدماء. بلد له علاقة قوية بكل أو معظم دول العالم.