رحل السلطان قابوس عن دنيانا فجر الحادى عشر من يناير الجارى ليخلفه ابن عمه هيثم بن طارق آل سعيد فى تولى السلطة بعد أن أوصى السلطان قابوس بذلك، فلقد كان مقربًا منه وبالتالى فمن المنتظر أن يسير على الدرب نفسه درب السلام والتنمية والحياد الإيجابى واستقلالية القرار. هذا مع الاستمرار فى لعب دور الوسيط بين الكثير من دول المنطقة. وهو الدور الذى قام به السلطان قابوس النموذج المثالى المبهر الذى يظل المرء يحلم بأن يمتد هذا النموذج إلى دول المنطقة كى يبعد بها عن الصراعات وإشاعة التوتر وبث الإحن، فطوال سنوات حكمه حرص قابوس على اتباع سياسة الحياد إزاء الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، وطبع بلاده الواقعة فى منطقة تضج بالصراعات والتوترات بهذا الطابع الحيادى. عرف عنه تركيزه على الشئون الداخلية لبلاده وتجنب التدخل فى شئون الدول المجاورة. ولهذا ظفر السلطان قابوس بحب الجميع طوال فترة تقلده للسلطة على مدى خمسة عقود نسج خلالها معايير الأداء الراقى المثمر الذى كانت حصيلته السلام والتنمية والاستقرار. وحمدًا لله أن أوصى السلطان قابوس بمن يخلفه ليتأكد أنه سيسير على نهجه ويتبنى حكمته فى إدارة أمور سلطنة عمان الأبية. دولة السلام الحديثة، والصرح الذى يعكس النماء والتسامح والإخاء والإنسانية الرحبة التى تعطى مثالاً ساطعًا لكيف تدار الدولة بالحكمة والحنكة تثبيتا لبنيانها وتخليدا لكل ما تقدمه من إنجازات. اليوم يتطلع الشعب العمانى الأبى إلى السلطان «هيثم بن طارق آل سعيد» الذى التزم بمواصلة التوجه السياسى الذى سار عليه سلفه قابوس، وبمقتضى ذلك سيتولى مسئوليات واسعة، ففضلا عن كونه السلطان فهو رئيس الوزراء وقائد القوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير المالية ووزير الخارجية. سيتبنى نفس النهج الذى تبناه السلطان قابوس طوال فترة حكمه، نهج البناء وصولاً إلى النهضة الشاملة والمستقبل الزاهر لسلطنة عمان الأبية. ويسود التفاؤل فى أن السلطان هيثم سيسير على نفس الدرب الذى اتبعه السلطان الراحل قابوس، فهو محب للسلام وسياسى محنك واقتصادى مخضرم وهو ما يبشر بأنه سيسعى جاهدا نحو اكمال مسيرة دولة المؤسسات والقانون والعمران. سيجسد نفس الحكمة التى أرساها السلطان قابوس، سيمد يد العون لكل من يبحث عن حل لقضية ما فى المنطقة، سينأى بنفسه بعيدًا عن اضرام النزاعات وسيطرح الحلول الناجعة ويوثق علاقات المحبة والتقارب مع الأشقاء. إنها نفس القيادة التى تعالج القضايا بالسلاسة وبالحكمة وتعمل فى هدوء بدون صخب أو ضوضاء. سيتبنى السلطان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد نفس الأطر التى توجت السلطان قابوس وصنفته كزعيم حكيم استطاع أن يبنى نهضة عمان واعتمد فى أدائه على الحكمة والتسامح والأصالة. وتكفى دبلوماسية الحياد الإيجابى التى التزم بها والسعى للوساطة بين مختلف الفرقاء، وبذلك تمكن من أن يحقق نجاحا غير مسبوق فى معالجة القضايا الإقليمية. يحمد لسلطنة عمان أنها نأت بنفسها بعيدًا عن جميع الحروب والصراعات فى المنطقة، وظلت على مسافة واحدة من جميع الخصوم. واليوم يسود التفاؤل فى ظل ما عرف عن السلطان هيثم بن طارق آل سعيد من الحكمة والتسامح والأصالة فهو خير خلف لخير سلف. وبالتالى سيظل إرث سلطنة عمان مبهرًا لدولة عكست روح التسامح والترفع عن المماحكات السياسية واعتمدت الحوار السبيل الأمثل لحل الأزمات. رحم الله السلطان قابوس بانى دولة السلام والاستقرار والنمو، ووفق خليفته السلطان هيثم لتستمر سلطنة عمان تفتح أبوابها ونوافذها أمام التطور والرقى والنور الوضاء.