ترى مصر أن هذا حق أصيل للفلسطينيين ولهم أن يختاروا من يدير أمورهم فى القطاع، وحتى لا تتم إعادة الإعمار فقط فى الأراضى التى تسيطر عليها قوات الاحتلال أكثر من عقبة تعترض الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب لتحقيق السلام فى المنطقة، أولها تسليم بقية جثامين المحتجزين الإسرائيليين القتلى، وثانيها حل مشكلة مقاتلى حماس المحتجزين فى رفح، وثالثها الاتفاق على قرار لمجلس الأمن خاص بتشكيل القوة الدولية التى ستتواجد فى القطاع مرحليًا لضمان وقف إطلاق النار والأمن حتى تتسلم قوات فلسطينية مهامها. وإذا كان تسليم الجثامين كاد أن يكتمل ومشكلة مقاتلى حماس المحتجزين فى رفح قد تشهد حلًا قريبًا بعد زيارة ويتكوف ومعه زوج ابنة ترامب لإسرائيل، فإن تشكيل القوة الدولية مازال يخضع لنقاش أعضاء مجلس الأمن ومعهم الأطراف المباشرة غير الأعضاء فى المجلس.. خاصة وأن إقرار قرار من المجلس يقتضى أولًا حصول القرار على تسعة أصوات من أصوات أعضائه وعدم استخدام الدول صاحبة الفيتو خاصة روسيا والصين حق الاعتراض والرفض على القرار، وقبل ذلك يقتضى لضمان نجاح تنفيذ رضاء الفلسطينيين والعرب عليه وعدم رفض الإسرائيليين له. وكشف النقاش الدائر الآن فى نيويورك حول مشروع القرار الذى تقدمت به أمريكا لتشكيل القوة الأجنبية التى تسميها قوة الاستقرار عن تحفظات عديدة فلسطينية ومصرية وعربية وأيضًا دولية، خاصة وأن المشروع الأمريكى لا يخص فقط تشكيل القوة ومهامها، وإنما يتضمن أيضًا إدارة قطاع غزة فى المرحلة الانتقالية وعملية إعادة إعمار القطاع ومن يشرف عليها، ودور السلطة الفلسطينية. بل إن إسرائيل تتحفظ أساسًا على تشكيل القوة الأجنبية بقرار من مجلس الأمن أساسًا حتى لا تخضع لأحكامه.. أما الفلسطينيون والعرب فإنهم إذا كانوا يريدون تشكيل القوة الدولية بقرار من مجلس الأمن إلا أنهم لا يريدون قرارًا يخرج عن الثوابت الفلسطينية أو يحقق المطالب والرغبات الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية الأساسية وأهم التحفظات الفلسطينية والمصرية والعربية على مشروع القرار الذى تقدمت به أمريكا هى فترة بقاء هذه القوة الدولية فى القطاع، ومهامها واللجنة التى ستدير القطاع خلال المرحلة الانتقالية ومن سيتولى تشكيلها، والإشراف على عملية إعادة الإعمار وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من القطاع. فإن المشروع الأمريكى يحدد فترة بقاء هذه القوة الدولية بعامين قابلة للتمديد بينما ترى مصر أن هذه الفترة يجب ألا تزيد عن العام حتى لا يتأخر جلاء قوات الاحتلال عن القطاع.. أما مهمتها فإنها يجب أن يتصدرها الحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع خرقه من قبل قوات الاحتلال، بينما المشروع الأمريكى يحدد مهمة هذه القوة فى نزع سلاح حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، أى تحقيق لإسرائيل ما أخفقت فى تحقيقه بالقتل والتدمير والتخريب والتجويع. كما أن المشروع الأمريكى يمنح ترامب ولجنته التى سيرأسها لحكم غزة حق اختيار أعضاء اللجنة التى ستدير أمور القطاع وأهله خلال المرحلة الانتقالية بعيدًا عن السلطة الفلسطينية، بيننا ترى مصر أن هذا حق أصيل للفلسطينيين ولهم أن يختاروا من يدير أمورهم فى القطاع، وحتى لا تتم إعادة الإعمار فقط فى الأراضى التى تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلية ويتم تجاهل بقية الأراضى فإن مصر تريد أن يراعى مشروع القرار الأمريكى ذلك وأن ينص عليه. وهكذا تدور المناقشات فى نيويورك حول مشروع القرار الأمريكى حتى لا يتحول هذا المشروع بمثابة تفويض دولى من مجلس الأمن بفرض وصاية أمريكية على القطاع وأهله، بينما المفترض أن يكون مشروعًا لتخلص أهل غزة من الاحتلال وإعادة مقومات الحياة الآدمية لهم التى حرموا منها عمدًا وبشكل ممنهج وتحت سمع وبصر العالم كله على مدى عامين عانوا فيها من القتل والتجويع والتدمير. وإذا حدث ذلك فسيلقى مشروع القرار الأمريكى موافقة دولية عليه.