الإحساس بأن إدارة ترامب تضغط على إسرائيل إحساس خادع الضغط الأمريكى على إسرائيل أصبح مقولة تتردد كثيراً هذه الأيام وخاصة من جانب الإدارة الأمريكية وأيضاً من جانب العديد من المسئولين العرب، هذه المقولة تخفى بذكاء شديد حقيقة هذه الضغوط والتى تهدف فى البداية والنهاية لمصلحة إسرائيل. أكاد أجزم أن مواقف الإدارة الأمريكية تجاه مختلف القضايا الشائكة بمنطقة الشرق الأوسط تأتى نتيجة اتفاقات مسبقة بين الجانبين الأمريكى والإسرائىلى على عكس كل ما يتردد من أن الرئيس الأمريكى ترامب يمارس ضغوطاً شديدة على رفيقه وتابعه نتنياهو وخاصة فيما يتعلق بمستقبل غزة وأيضا الوضع فى لبنان وموقف حزب الله مروراً بعمليات الغزل الصريح مع سوريا. الترويج لأكذوبة الضغوط الأمريكية على إسرائيل يؤدى نتائجه فى قناعة الأطراف العربية بأن ثمة تغييراً يحدث فى علاقة البلدين والشعور الكاذب بأن هناك تفهماً أمريكياً لمطالب العرب وعلى حساب بعض المطالب الإسرائيلية!! لا شك أننا أصبحنا فى حاجة ملحة لإعادة تقييم الموقف وبمنطق المكسب والخسارة الذى تعتمد عليه سياسة عقد الصفقات التى يجيدها الرئيس ترامب وإدارته. لقد راودتنا جميعاً أحاسيس النشوة بالنصر السريع الذى حققته حماس والذى سرعان ما تحول إلى كارثة قد تعانى منها المنطقة لسنوات كثيرة. بمنطق الصفقات والمكسب والخسارة كادت غزة تضيع وتحول حلم إقامة الدولتين لسراب حتى وإن كان قد حظى بتأييد دولى يظل مجرد حبر على ورق تجيد إسرائيل تمزيقه. لقد أعلن الرئيس ترامب خطة للسلام تعتمد على 20 إجراء بدأت بتبادل الأسرى مع وقف جزئى للعمليات العسكرية. تدخل الخطة مرحلتها الثانية والتى تشمل خروج مقاتلى حماس من الانفاق التى يحاصرون داخلها مع إعلان الاستسلام وتسليم أسلحتهم وهى المرحلة الخطيرة والتى قد تغلق ملف السلام بغزة خاصة انه يرافقها سيل من التهديد والوعيد لحماس ورفض مبطن برفض حماس لها. وفقاً لسياسة الصفقات ستبدأ مرحلة جديدة من إذكاء الخلافات بين حماس وما يسمى بالسلطة الفلسطينية على حين تستمر ممارسات تهويد ما تبقى من الضفة الغربية. إن الإحساس العربى بأن مواقف ترامب تميل إلى الضغط على إسرائيل إحساس خادع كما أن القول بأن هناك تحولاً كاملاً فى وجهات النظر الدولية قول تنقصه الدقة ويجافى حقيقة الانحياز الاعمى لإسرائيل فى خضم الاتفاقات المسبقة بين ترامب ونتنياهو ومع الإحساس الخادع بأن ثمة تغيراً فى المواقف وبهدوء شديد تدخل سوريا إلى مزاد الصفقات فيما سمى بالضمانات الأمنية بين سوريا وإسرائىل والتى أعلن عنها خلال زيارة الرئيس السورى الشرع لواشنطن والتى تمثل اتفاقية للسلام بين البلدين. بالطبع سوف يلحق بها قريباً اتفاقات مماثلة مع لبنان ولكن بعد تدمير كامل للبنية العسكرية لحزب الله والتى حتماً سوف تمتد إلى داعميه فى إيران وانصاره من جماعة الحوثيين فى اليمن. فى الأيام القليلة القادمة سوف تشهد المنطقة تحولات كثيرة تتطلب الحكمة والحذر وقد كان من أقدار مصر أن تكون فى بؤرة الأحداث انطلاقاً من مكانتها وإمكانياتها وخبرتها الكبيرة فى التعامل مع كل التحديات. وهى الحقيقة التى يجب أن يعيها كل الأشقاء العرب، وخاصة من يريدون التغريد خارج السرب أو الذين تخدعهم أكذوبة الضغوط على إسرائيل. فى زمن المصالح لا يجب أن نغفل حقيقة أن مصر قد دفعت غالياً الجزء الأكبر من فاتورة الصراع العربى الإسرائيلى والذى يبدو أن نهايته لن تكون قريبة!!