◄ رسالة سلام ومحبة للعالم.. ودعوة للحوار والتعاون من أم الدنيا ◄ الأحفاد حافظوا على تراث أجدادهم العظام.. وشيدوا صرحا عملاقا يخلد حضارتهم «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» هكذا كرّم الله عز وجل مصر فى كتابه الكريم، ووصفها بأنها أرض الأمن والطمأنينة والسكينة، أرض المحبة والسلام، أرض العلم والعلماء، أرض الحضارة والكرامة. وهذا ما وجده ضيوف مصر الحضارة من ملوك ورؤساء ورؤساء وزراء دول والوزراء المشاركين فى احتفالية افتتاح المتحف المصرى الكبير درة المتاحف الأثرية فى العالم، وهو ما يجده ويشعر به زوار الكنانة باستمرار، حيث يوجد الأمن والطمأنينة وكرم الضيافة فى كل مكان. المبهر للمتحف الجديد أثار إعجاب الملايين حول العالم، كما بعث عدة رسائل إيجابية للعالم والإنسانية، رسائل محبة، وسلام، ودعوة للحوار، والإخاء، والتعاون. انبهار ودهشة كبار الضيوف بما شاهدوه داخل أروقة المتحف المختلفة من قطع أثرية نادرة تظهر لأول مرة أمام الجمهور، انبهروا بدقة النحت، والألوان، والبراعة، والإتقان، ليتأكد الجميع أن مصر نبع الحضارة والتقدم، وأنها سبقت الدنيا بعلومها المتقدمة، وحضارتها المتفوقة، وأنها جاءت.. وجاء من بعدها التاريخ، كما تأكدوا أن أحفاد ملوك الفراعنة العظام استطاعوا الحفاظ على تراث الأجداد، وأنهم بنوا صرحا عملاقا يخلِّد قصة الحضارة المصرية، ليكتب المصريون فصلا جديدا فى تاريخ الحضارة، يعبِّرون من خلاله عن حبهم واعتزازهم بتاريخهم غير المسبوق فى حضارات العالم، وعن اهتمامهم بالحفاظ على كنوز الأجداد، وصيانتها، والاعتناء بها، وعرضها فى أبهى صورة أمام المهتمين بالتراث والفنون والآداب والثقافة من مختلف أنحاء العالم. «متحف الخلود» يقدم رسائل عديدة عن تقدم وريادة الحضارة المصرية القديمة فى مختلف المجالات والعلوم، كالهندسة والفلك، حيث برعوا فى توظيفهما فى مناحى الحياة المختلفة، فمصر هى أول من قسّمت العام إلى 365 يوما، وهى من صممت وربطت آثارها بالظواهر الفلكية ومواقع النجوم، واعتمدت على الحسابات الفلكية والهندسية عند بناء المعابد والأهرامات، فمثلا نرى تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى معبد أبوسمبل مرتين كل عام فى نفس التوقيت. ◄ أول معاهدة سلام فى التاريخ مصر أول من أبرمت معاهدة سلام مسجلة فى تاريخ العالم، معاهدة السلام المصرية الحيثية «معاهدة قادش»، وهو ما يثبت أن مصر تسعى دائما للسلام، معركة قادش نشبت عام 1258 قبل الميلاد بين مملكة مصر الجديدة بقيادة رمسيس الثانى، والإمبراطورية الحيثية بقيادة الملك مواتلى الثانى، وكانت معركة شرسة فى قادش على نهر العاصى قرب حمص اليوم، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السورية اللبنانية، وبعد كر وفر تم توقيع المعاهدة التى تعد مقدمة لإقامة علاقات دبلوماسية بين الشعوب قائمة على التعايش السلمى، كما تعد هذه المعاهدة أقدم وثيقة من نوعها فى التاريخ الدولى العام، وتم نقشها على لوح من الفضة، إلى جانب أنها نُقشت باللغة الهيروغليفية على جدران معبدى الكرنك والرامسيوم بالأقصر، كما توجد نسخة طبق الأصل من معاهدة قادش فى مقر الأممالمتحدة باعتبارها أول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة فى التاريخ، كما توجد نسخة منها معروضة فى متحف الآثار بمدينة إسطنبول. ◄ دستور العدل كانت مصر أول دولة تضع دستورا للعدل من خلال قانون ماعت «إلهة العدل عند الفراعنة»، التى وضعت وثيقة المبادئ الأساسية فى الدولة المصرية القديمة، وهى عبارة عن 42 وصية، وهى، أنا لم أرتكب خطيئة، أنا لم أسلب الآخرين ممتلكاتهم بالإكراه، أنا لم أسرق، أنا لم أقتل، أنا لم أسرق الطعام، أنا لم أختلس القرابين، أنا لم أسرق ممتلكات المعبد، أنا لم أكذب، أنا لم أخطف الطعام، أنا لم ألعن (أشتم)، أنا لم أغلق أذنىّ عن سماع كلمات الحق، أنا لم أزنِ، أنا لم أتسبب فى بكاء الآخرين (إيذاء مشاعر الآخرين)، أنا لم أنتحب (أبكى) بدون سبب، أنا لم أعتدِ على أحد، أنا لم أغش (أخدع) أحدا، أنا لم أغتصب أرض أحد، أنا لم أتنصت (أتجسس) على أحد، أنا لم ألفق تهمة لأحد، أنا لم أغضب بدون سبب، أنا لم أغوِ زوجة أحد، أنا لم أدنس (ألوث) جسدى، أنا لم أقم بإرهاب أحد، أنا لم أخالف القانون، أنا لم أتماد فى الغضب، أنا لم ألعن (أشتم) النترو، أنا لم أستخدم العنف ضد أحد، أنا لم أهدد السلام، أنا لم أتصرف بغوغائية (بدون تفكير)، أنا لم أتدخل فيما لا يعنينى، أنا لم أتحدث بالمبالغة (النميمة)،أنا لم أفعل الشر، أنا لم يصدر منى أفكار/كلمات/أفعال شريرة، أنا لم ألوِّث ماء النيل، أنا لم أتحدث بغضب أو استعلاء، أنا لم ألعن أحدا بكلمة أو فعل، أنا لم أضع نفسى موضع شبهات،أنا لم أسرق ما يخص النترو، أنا لم أنبش القبور ولم أسئ إلى الموتى، أنا لم أخطف لقمة من فم طفل، أنا لم أتصرف بكبر وغطرسة، أنا لم أخرب المبانى الدينية (المعابد). هذه المبادئ ال42 للنظام تمت كتابتها قبل كتابة الملك حامورابى لقوانينه الحاكمة، على الرغم من معرفة الحكمة عنه، وكانت مبادئ ماعت هى الدليل للعيش فى المجتمع، وكانت مطاعة من قبل الفرعون والشعب. ◄ أول وثيقة زواج أول وثيقة زواج فى التاريخ كُتبت باللغة الهيروطيقية فى الأقصر خلال القرن الثامن قبل الميلاد فى عهد الملك أوزركون الرابع الأسرة 22، ويُطلق عليها الآن «بردية برلين 3048»، وذلك حسب مكان تواجدها وعرضها الحالى. ◄ التقويم استخدم المصريون القدماء ثلاثة طرق أساسية للتقويم، وهى التقويم القمرى، والشمسى، والمدنى، أما بالنسبة للشهور فقد قسّم المصريون القدماء كل فصل إلى أربعة شهور، وكل شهر إلى ثلاثة أسابيع وكل أسبوع إلى عشرة أيام (منها يوم للراحة) ليصبح المجموع 360 يوما للسنة المصرية، وقد أضافوا لها خمسة أيام فى نهاية العام تسمى أيام النسىء وجعلوها أيام احتفالات ليصبح المجموع 365 يوم بالسنة، كما قاموا بتقسيم الوقت إلى 24 ساعة، اثنتى عشر ساعة، منها لليل ومثلها للنهار، والتقويم المدنى أشهر التقويمات المصرية التى عُرفت على مدار التاريخ، هو الذى يبدأ فيه العام بظهور نجم الشعرى اليمانية، وهو التقويم الأشهر والمعروف عن الحضارة المصرية، ولكن الأدلة الأثرية تشير إلى معرفة المصريين القدماء التقويم القمرى، واستخدامه منذ عصور مبكرة هو الآخر. ولاحظ المصريون القدماء أن للقمر منازل ثابتة تبلغ دورتها تسعة وعشرون يوماً ونصف تقريبا، وكذلك نجم الشعرى اليمانية يظهر تقريباً فى موعد ثابت كل عام فى أواخر شهر يونيو فى حوالى 3000 ق.م، ومع الفيضان الذى يعقب ظهور النجم كان هذا مؤشر بداية الاحتفال بالعام الجديد. ولم يكن لدى المصريين القدماء وسيلة لتعويض كل يوم إضافى مفقود فى ربع السنة، مما جعل التقويم المدنى والشمسى غير متزامنين كل عام، وهى العملية التى سُميت بالعام المتجول، ولحل هذه المشكلة تم إضافة يوم إضافى لأيام النسىء كل أربع سنوات فى العصر البطلمى لضمان تزامن التقويم المدنى والشمسى. ◄ الطب والتشريح جاء أول ذكر للأطباء فى التاريخ المسجل فى عصر الدولة المصرية القديمة، وهو العصر الذى تم فيه بناء أهرامات الجيزة العظيمة، فى حوالى القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد، حيث إن أحد الأطباء قد عالج الفرعون من مرض فى أنفه، وفى وقت سابق ونال أمنحوتب، الذى كان مهندسًا معماريًا وكاهنًا ومستشارًا سياسيًا، شهرة كبيرة كممارس طبى لدرجة أنه تم تأليهه فى النهاية كإله للطب. كما اكتسب الأطباء المصريون سمعة طيبة من حيث الكفاءة الطبية، مما دفع القادة من بلاد فارس وأماكن أخرى إلى البحث عنهم، وكتب الشاعر اليونانى «هوميروس» فى الأوديسة - وهى إحدى القصيدتين الملحميتين الأهم فى اليونان القديمة - أن المصريين «أكثر مهارة فى الطب من أى نوع بشرى». وكتب المؤرخ اليونانى هيرودوت عن بعض الأطباء المصريين القدماء عملوا كمتخصصين، قائلا: «كل طبيب هو معالج لمرض واحد لا أكثر، وإن البلاد كلها مملوءة من الأطباء، منهم العيون، والأسنان، والبطن، والأمراض الخفية»، كان هناك حتى أطباء القولولون. وقال إدجارد كاماروس عالم الحفريات فى جامعة سانتياجو دى كومبوستيلا الإسبانية: «نحن نتحدث عن مجتمع كان يمتلك فى ذلك الوقت الطب الأكثر تقدمًا على الإطلاق».