فى 1992 انطلق حلم إنشاء أكبر متحف فى العالم، يقتصر على مجد الحضارة الفرعونية فقط، وبعد سنوات طويلة من العمل والاجتهاد شهد العالم خلال الساعات الماضية افتتاح المتحف المصرى الكبير، كحدث تاريخى واستثنائى ترقبه العالم، وهو ليس مجرد صرح ثقافى بل رافعة استراتيجية وفرصة ذهبية تهدف إلى إعادة صياغة الصورة الذهنية لمصر على الساحة الدولية، وتعزيز قوتها الناعمة إعلامياً وفنيًا. ولأن حضارة البلد تقاس من خلال قوته الناعمة، يكشف الفنان هشام عطوة رئيس قطاع المسرح بوزارة الثقافة عن خطة مواكبة الحدث العالمى لافتتاح المتحف المصرى الكبير، والعمل على تحسين صورة مصر عالمياً من خلال الفن المستلهم من الحضارة المصرية القديمة. ويكشف أن هناك اتجاها نحو تقديم عروض مسرحية ذات صبغة مصرية قديمة، مشيراً إلى أن الخطوة تأتى ضمن استراتيجية شاملة لاستغلال الزخم الإعلامى والحضارى لافتتاح المتحف فى التسويق الفنى لمصر. وأضاف أنه سيتم دراسة مشروع إنشاء فرقة لتقديم المسرح المصرى القديم. و وصف عطوة حفل افتتاح المتحف المصرى الكبير بأنه كان بمثابة «رسالة للعالم كله» مفادها أن: «مصر باقية، وإن مصر هى أساس الحضارات».. وشدد على دور الفن والفنانين فى هذه المرحلة، قائلاً: «طبعاً دورنا كفنانين أن نواكب هذا الحدث عالمياً ونستثمره على مستوى العالم، بتقديم عروض تتحدث عن سمات المصرى القديم». وفى سياق الحديث عن أهمية الفن المصرى ك «لغة العالم»، أشار عطوة إلى أن مصر هى من أوائل الشعوب الإنسانية التى قدمت فنًا على كافة أنواعه، كما أن المتحف الكبير إنجاز يتحدث عن مصر الآن ولا بد من استثماره.. وترى د. إيمان نعمان جمعة أستاذة الإعلام السياسى بجامعة القاهرة أن افتتاح المتحف يعد حدثًا عالميًا، لهذا يجب أن نعمل على خطط استراتيجية تسويقية لجذب السياح من كافة أنحاء العالم للمجىء إلى مصر، أهمها استضافة صحفيين دوليين بارزين من قنوات عالمية كبرى مثل «CNN، TV5، BBC» وتسهيل إجراءات الإقامة والتجول فى مصر وزيارة المتحف والأهرامات وسقارة وغيرها من الأماكن الأثرية، واستغلالهم كوسيلة دعائية لمصر فى العديد من دول العالم. وأضافت أنه يجب أيضا الاستثمار فى «السوشيال ميديا»، لأنها أصبحت الأكثر انتشاراً حالياً ولها تأثير أقوى وأسرع بكثير، لذا يجب منح «البلوجرز» المصريين والأجانب تصاريح رسمية للتجول فى جميع أنحاء الجمهورية وكشف «جمال البلد» للأجانب، كما يجب التركيز على المناطق النائية فى مصر، مثل الواحات والإسكندرية، والصعيد الغنى بالآثار، والمناطق الساحلية. وتشير إلى أن تلك الخطط قد تُكلف الدولة، لكن العائد المادى من وراء هذا الاستثمار سيكون أضعافا مضاعفة، تزيد على ما يجرى دفعه وسيحل مشكلات اقتصادية عديدة من خلال العائد السياحى.. وتضيف أن المتحف يقع على مساحة كبيرة ويضم العديد من الأقسام، ولا يمكن للزائرين الانتهاء من التجول به خلال يوم واحد، لذا من الممكن أيضا إطلاق سلسلة من الفيديوهات كحملة ترويجية عالمية قوية، يركز كل فيديو على احد أقسام المتحف، يتحدث بشكل مختصر عن محتوياته وتاريخ القطع الأثرية التى بداخله بعدة لغات، وتستضيف خبراء (أجانب أو مصريين) للحديث عن الحقب والعصور التى يمثلها. وأشارت إلى أن السياحة الناجحة لا تعتمد فقط على الأثرياء، بل تستند بشكل أساسى الى الطبقة المتوسطة أو ما تحت المتوسطة التى تدخر طوال العام للسفر، ولهذا يجب توفير فنادق فى متناول المواطن المتوسط الدخل من الخارج. مع توفير جميع مستويات الإقامة، من الغالى جداً وصولاً إلى «البنسيون»، لكن هذا لا يعنى أن تكون الخدمة به سيئة، لذا يجب على الرقابة أن تزيد من حملاتها لتحسين جودة المرافق والخدمات لضمان نظافة الأماكن وتفادى الشكاوى.. وفى النهاية تقول د. إيمان إن مصر بكنوزها وجمالها تستحق أن تستقبل 100 مليون سائح سنويًا، نظرًا لكونها من أجمل بلاد العالم وأفضلها طقساً، وإذا تم تنفيذ هذه المقترحات فى غضون ستة أشهر إلى سنة فسنلاقى إقبالا كبيراً من السائحين، محذرًا من أن العمل بجهد واحد دون الآخر سيعنى فشل الخطة بالكامل.