منذ البداية.. كانت إسرائيل تعرف أن العثور على جثامين الرهائن القتلى سوف يستغرق وقتاً. وأن الاتفاق الذى وقَّعت عليه كان يتطلَّب منها تسهيل دخول المعدات اللازمة لعمليات البحث عن هذه الجثث التى قُتل معظمها بفعل الغارات الإسرائيلية على غزة طوال عامين.. ومنذ البداية كانت المصادر الإسرائيلية تُقدِّر عدد الجثث التى سيتم تسليمها فى المرحلة الأولى من الاتفاق بما بين تسع، وأربع عشرة جثة على أقصى تقدير.. لكن الغرض.. مرض» كما يقولون، والكل يدرك أن نتنياهو أدمن إفشال الاتفاقيات التى يُوقِّع عليها، وأنه رغم كل الضغوط التى يواجهها، سوف يفعل المستحيل لكى يُعرقِل اتفاق غزة، وأنه سوف يفتعل المشاكل ويختلق الأعذار لكى ينقلب على الاتفاق، أو على الأقل يُعطِّل الانتقال إلى المرحلة الثانية منه. المقاومة سلمت حتى الآن 15 جثة، وتواصل العمل للعثور على باقى الجثث، رغم قلة المعدات والظروف الصعبة وسيطرة الاحتلال على أكثر من نصف مساحة غزة، لكن نتنياهو ومعه بالطبع سيموتريتش وبن غفير، يطلقون صيحات العودة للحرب، ويذرفون الدموع لتأخر العثور على باقى جثث الرهائن.. وهم الذين كانوا منذ أسابيع قليلة يصرخون علناً فى وجه عائلات الرهائن، بأن احتلال غزة أهم من استعادة الرهائن (الأحياء والأموات معاً!) ويرفضون كل الصفقات التى كان من الممكن أن تُوقف حرب الإبادة قبل أكثر من عام على أقل تقدير!! منذ سريان الاتفاق، لم تتوقف المحاولات الإسرائيلية لاختلاق المشاكل وانتهاك الاتفاق. الحد الأدنى للمساعدات التى تدخل غزة وفقاً للاتفاق لم يتحقق، والاعتداءات الإسرائيلية أسقطت نحو مائة شهيد جديد، الآن يحاول نتنياهو مرة أخرى استغلال ملف جثث الرهائن للانقلاب على الاتفاق. والكل يدرك أن التصعيد مُبيَّت، وأن عدم الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، استراتيچية ثابتة لنتنياهو، وأن الرجل يريد أن يقول لليمين المتطرف الذى يقوده، إن القرار مازال فى يده، وإن الحل فى غزة لابد أن يكون بشروطه، وإلا فإنه قادرٌ على تفجير الموقف فى أية لحظة!! يبقى التأكيد على أن نتنياهو يدرك جيداً أن إنهاء الحرب هو إرادة عالمية، وأن إسرائيل المعزولة والمنبوذة، لن تستطيع تحدى العالم، وأن الاتفاق الذى يريد الانقلاب عليه يحمل اسم الرئيس الأمريكى ترامب(!!) ويبقى أيضاً التذكير بأن البحث جارٍ بكل جدية للعثور على جثث الرهائن الإسرائيليين تحت أنقاض ما دمرته الحرب الإسرائيلية على غزة، ومعها جثث نحو عشرة آلاف شهيد فلسطينى، على العالم أن يتذكر أن من قتلهم يريد أن يواصل جرائمه وأن يفلت من العقاب!! ويبقى أخيراً أن نتنياهو يريد أن ينسى الإسرائيليون أنه المسئول الأول والأخير عن قتل الرهائن!!