حماس كان عليها أن تكون حريصة فى مسألة إراقة الدم الفلسطينى وأن تكون هناك محاكمات عادلة حتى لا يتخذ أحد هذا الإجراء حجة للتخلص من منافسيه هل ما تفعله حماس الآن فى غزة هو عين الصواب؟ وهل ما تقوم به الحركة هو انتقام وتصفية حسابات بعد انسحاب الجيش الإسرائيلى إلى الخط الأصفر؟ وهل حماس على حق فى تأكيدها أنها تحاسب الخونة الذين تعاملوا مع الاحتلال؟ أسئلة كثيرة تثار الآن على الساحة فى القطاع المدمر الذى بدأ يتنفس أهله الصعداء وباتوا يحلمون بغد أفضل عقب وقف الحرب.. حماس أكدت أن إجراءاتها ضمن القانون وأنها لم ترتكب جريمة فى ملاحقة من أعدمتهم وهى على صواب بينما أكدت عائلات الضحايا وخاصة عائلة هشام الصفطاوى الأسير المحرر من سجون إسرائيل أنها لجأت إلى النائب العام والقضاء الفلسطينى للتحقيق فى مقتل الصفطاوي. كما أن حماس نفذت عملية اقتحام لبيوت أشخاص من عائلة المجايدة فى غزة ودارت معركة بالأسلحة النارية بين عناصرها وأفراد من العائلة. هل بهذه الأفعال سوف تستطيع حماس حكم غزة فى المرحلة الانتقالية حتى تحديد «اليوم التالي» . أعتقد أن حماس بما تفعله الآن تقضى على البقية من رصيدها الذى نفذ فى غزة بعد عامين من الاحتلال الإسرائيلى عانوا فيها أشد المعاناة ودمرت بيوتهم وسقط منهم عشرات الآلاف من الشهداء نتيجة طوفان الأقصى وتهور حماس فى عملية عسكرية غير مدروسة تماما ونتائجها كارثية على أهل غزة وعليهم أيضا كحركة مقاومة سوف تخرج من المشهد الفلسطينى إلى الأبد أو على الأقل لسنوات طويلة. جماعة اليسار والتابعين فى مصر يصرخون ليلا ونهارا على مواقع التواصل يدافعون عن أفعال حماس ويشيدون بعملية السابع من أكتوبر وأنها أعادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء من جديد ويتهمون من يرفض ما فعلته حماس بالرجعية وعدم الوطنية ويهللون لحماس باعتبار أنها حركة المقاومة الوحيدة ضد الاحتلال الإسرائيلى وينكرون تضحيات الشعب الفلسطينى فى فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية قبل أن ترى حماس النور .. مثل هؤلاء أصابهم العمى وعدم تقدير الأمور لأنهم يتغافلون عن النتيجة الكارثية التى نتجت عن فعل حماس وتشتيت الفلسطينين فى غزة والنزوح القسرى بل وتنفيذ خطة تل أبيب لتهجير أهل القطاع إلى خارج فلسطين وإغلاق ملف قضية الدولة الفلسطينية إلى الأبد والتى كانت على وشك التنفيذ لولا الموقف المصرى الصارم والحاسم لإجهاض المؤامرة الإسرائيلية والخط الأحمر الذى رسمه الرئيس عبد الفتاح السيسى وتمسكه به رغم الضغوطات الكثيرة عليه للوقوف فى وجه إسرائيل لمنع التهجير. حماس كان يجب عليها تحويل من أعدمتهم إلى القضاء الفلسطينى ليقول كلمته فيهم وأن تعطيهم الفرصة كمتهمين ليبرءوا ساحتهم لكن تنفيذ عمليات الإعدام بهذه الطريقة ذكرنا بمحاكمات تنظيم داعش عندما كان لهم دولة فى العراق وسوريا قبل عدة سنوات. حماس كان عليها أن تكون حريصة فى مسألة إراقة الدم الفلسطينى وأن تكون هناك محاكمات عادلة حتى لا يتخذ أحد هذا الإجراء حجة للتخلص من منافسيه أو معارضيه وهى الآن فى عرض تأييد أهل غزة لها بينما تمر بأخطر مرحلة فارقة فى البقاء على الساحة الفلسطينية فى الفترة المقبلة حتى كحركة سياسية. إسرائيل نجحت فى القضاء على حماس كحركة مقاومة مسلحة بعدما فعلت فى غزة من تدمير كل شىء كما لو كانت تعرضت لقنبلة نووية شديدة الانفجار وتشرد الناس فى الشوارع والطرقات يواجهون ظروفا مناخية صعبة جدا، فالشتاء يقترب والأهالى يقيمون فى العراء أطفالا وشيوخا ونساء يحتاجون إلى مئات الآلاف من الخيام والأغطية يواجهون بها البرودة القاسية .. إسرائيل عاقبت أهل غزة عقابا قاسيا بسبب ما فعلته حماس فى خطوة غير محسوبة تماما تدل على جهل كبير بحقيقة الأوضاع على الأرض، فالثمن الذى دفعته غزة ضخم والمقابل صفر وبعض من دراويش اليسار ما زالوا يعيشون فى الوهم وكأنهم هم من يحملون صكوك الوطنية.