اتجهت الأنظار إلى الضفة الغربية التي تشهد تطورات سياسية وميدانية متسارعة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وبدء مراحل تبادل الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية. أشار تحليل نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، إلى أن هذه التطورات تعكس مرحلة جديدة في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تتشكل توازنات ميدانية وسياسية قد تؤثر على استقرار المنطقة خلال الفترة المقبلة. تصاعد التوتر في الضفة قبل أشهر من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على الداخل الإسرائيلي، حذر خبراء من احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وزيادة النشاط الاستيطاني/ ومنذ ذلك الحين، تؤكد التقارير أن الأوضاع تدهورت بشكل ملحوظ. أظهرت بيانات «فورين بوليسي»، أن عدد البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية ارتفع من 190 قبل أكتوبر 2023 إلى 304 بؤرة حتى اليوم، ما يعني إنشاء 114 موقعًا جديدًا خلال عام تقريبًا. كما شرعنت الحكومة الإسرائيلية 11 بؤرة استيطانية غير قانونية سابقًا، وقدّمت دعمًا للبنية التحتية في 68 موقعًا زراعيًا. ولتنفيذ هذه الإجراءات، تمت مصادرة نحو 13,600 فدان من الأراضي الفلسطينية عبر أوامر عسكرية إسرائيلية وتصنيفات جديدة لأراضي الدولة الفلسطينية، في خطوة وصفتها المجلة بأنها أكبر موجة توسع منذ سنوات. المنطقة E1.. مشروع يهدد التواصل الجغرافي أعادت إسرائيل مؤخرًا إحياء خطة المنطقة E1 الواقعة بين القدسالمحتلة ومستوطنة معاليه أدوميم، والتي صادقت عليها اللجنة العليا للتخطيط في أغسطس الماضي. وفي احتفال رسمي، وقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المشروع في 11 سبتمبر، ويتضمن بناء 3400 وحدة سكنية جديدة. ويرى خبراء أن تنفيذ الخطة سيجعل التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها شبه مستحيل، وهو ما قد يُضعف أي إمكانية مستقبلية لقيام دولة فلسطينية متصلة، بحسب المجلة ذاتها. اقرأ أيضًا| قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة مدن وقرى بالضفة الغربية حِياد مثير للجدل أشارت «فورين بوليسي»، إلى أن الموقف الأمريكي من المشروع هذه المرة كان أقل حدة من المعتاد، إذ لم تعلن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب معارضتها المباشرة للخطة. فعندما أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بِتسلئيل سموتريتش المضي بالمشروع، اكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالتأكيد على أن "استقرار الضفة ضروري لأمن إسرائيل"، بينما صرّح السفير الأمريكي مايك هكابي بأن بلاده "لا تعتبر المشروع انتهاكًا للقانون الدولي". هذا الموقف بحسب المجلة شجّع إسرائيل على توسيع النشاط الاستيطاني دون قلق من ضغوط خارجية. العنف الميداني بالضفة شهدت الضفة الغربية في عام 2025 حتى اليوم، مستوى غير مسبوق من المواجهات؛ فقد أسفرت العمليات الفلسطينية عن مقتل 41 إسرائيليًا في الضفة و17 داخل إسرائيل، في حين نفذ الجيش الإسرائيلي 7500 مداهمة للضفة خلال العام نفسه. كما تم اعتقال أكثر من 20 ألف فلسطيني، وسُجل استشهاد 999 فلسطينيًا، بينهم 967 برصاص الجيش الإسرائيلي وأكثر من 20 على يد المستوطنين. وأشارت تقديرات الأممالمتحدة إلى وقوع أكثر من 3000 اعتداء من قبل مستوطنين متشددين على مدار العامين الماضيين، ما يعكس حجم التوتر المتصاعد على الأرض. الضفة الغربية.. «التحدي القادم بعد غزة» أوضحت المجلة الأمريكية، أن الضفة الغربية قد تكون ساحة الاختبار الأصعب للسلام بعد اتفاق إنهاء الحرب في غزة، إذ تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية من أطراف يمينية تطالب بتوسيع الاستيطان مقابل استمرار دعمها للائتلاف الحاكم. كل ذلك يجعل الضفة الغربية مرشحة لأن تصبح محور التوتر الجديد في المرحلة المقبلة ما لم تُتخذ خطوات تهدئة عاجلة، وفقًا ل «فورين بوليسي». وخلص التقرير إلى أن إدارة ترامب تقف أمام اختبار حقيقي لقياس قدرتهاا على الحفاظ على زخم نجاح اتفاق غزة وتوسيعه ليشمل الضفة، فحتى الآن، لم تُبدِ واشنطن أي مؤشرات على نيتها الضغط على إسرائيل للحد من الاستيطان، لكنها ألغت العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن على بعض المستوطنين.