في الوقت الذى كانت فيه الأزمات تتلاحق إلى حد اختلاف المواقف، ظلت مصر وحدها صوت الحكمة والعقل في منطقة حافلة بالصراعات والتوترات ، حتى عندما قابلت الإتهامات والمزايدات، تأتى قمة شرم الشيخ للسلام لتُعيد التأكيد على أن مصر ما زالت قلب العروبة النابض ورمانة الميزان في الشرق الأوسط ، بل مسمار فى نعش الحاقدين.. لأن الوقت الذي وُجّهت فيه أصابع الإتهام إلى الدولة المصرية، زاعمةً أنها تبارك التهجير أو تقف موقف المتفرج، جاءت مصر لتثبت للعالم أجمع أنها صاحبة الكرامة والمبادئ الثابتة. فبدلًا من الانسياق وراء الإشاعات، تحركت القيادة السياسية المصرية بحكمة وحنكة بالغة لتدعو قادة ودول العالم إلى قمة شرم الشيخ للسلام، في رسالةٍ واضحة ترجمتها أن مصر ستظل دائمًا وأبدًا الداعم الأول للقضية الفلسطينية. حيث لم تكن الدعوة إلى القمة مجرد حدث سياسي، بل تجسيدًا لدور مصر المحوري في الشرق الأوسط، فهي الركيزة الأساسية بالمنطقة ، و صمام الأمان الذي يحفظ توازنها. فعندما تتأثر مصر، يتأثر العالم من حولها، وحين تتحرك، يُصغي الجميع لصوتها لأنها ببساطة الدولة التي لا يُكتب استقرار المنطقة بها إلا بتوازنها، ولا يتحقق السلام إلا من خلال حكمتها . كما أن اختيار مدينة شرم الشيخ تحديدًا لعقد القمة لم يأتِ صدفة، فهو اختيار له دلالة رمزية يعكس روح مصر التي تحتضن الجميع. فهذه الأرض التي جمعت على مرّ السنين القادة والزعماء، هي نفسها التي فتحت ذراعيها للاجئين من مختلف دول العالم، يعيشون فيها بسلام وأمان، ومنهم من جاء للعلاج أو للدراسة في جامعاتها. مصر كانت وما زالت أرض السلام والعطاء والإنسانية . لقد أثبتت مصر أيضا أنها دولة أفعال و أقوال، وأنها قادرة على الجمع بين الواقع السياسي والمواقف الإنسانية المختلفة. ومن يتجاهل هذا الدور أو يقلل من شأنه، فهو لا يعرف شيئًا عن معنى أن تكون مصر الدولة التي تحمل همّ الأمة كلها و على الرغم من ذلك تبقى رمزًا للحكمة والإستقرار . ومهما تغيرت موازين العالم وتبدلت المواقف، ستظل مصر بعقلها، وحنكتها، وتاريخها الممتد عبر العصور الركيزة الأساسية التي يقف عليها استقرار المنطقة... فهي التي لا تعرف الحيادية في القضايا العادلة، ولا تتخلى عن مبادئها مهما اشتدت العواصف...مصر التي احتضنت الجميع، ستبقى دائمًا الحضن الآمن للأمة العربية، ونبض العدل والسلام في هذا العالم المتوتر .