رغم أننا مازلنا فى بداية الطريق، فإن ما تحقق فى المرحلة الأولى من اتفاق غزة مهم بلا شك.. إيقاف حرب الإبادة الإسرائيلية، وإنهاء حصار التجويع، والإعلان الأمريكى بأنه لا تهجير لأهل غزة قسرياً، ولا احتلال إسرائيلى دائم، كما كانت حكومة الإبادة الجماعية فى إسرائيل تخطط على الدوام!! الحشد الدولى فى شرم الشيخ لم يكن فقط دعماً لما تحقق، إنما كان تأكيداً بأن الشرعية الدولية لابد أن تكون الضامن الأساسى للحفاظ على ما تحقق، وأيضاً للمُضى نحو المراحل التالية الأكثر صعوبة والأشد أهمية. الوثيقة الصادرة عن المؤتمر حملت توقيع الوسطاء الأربعة (مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة) والحضور الدولى المميز، كان التزاماً يمنع الانقلاب على السلام، ويمهد الطريق نحو اكتساب الاتفاق فى صورته النهائية للشرعية الدولية بقرار من مجلس الأمن، كما سبق أن طالبت مصر. ورغم الصعوبات المتوقعة، فإن الحقائق تفرض نفسها والشرعية تكتسب أرضاً فى مواجهة عربدة القوة والانتهاك المستمر للقوانين الدولية. الموقف المصرى ثابت فى رؤيته للقضية الفلسطينية كقضية أمن وطن ومسئولية قومية لا يمكن التهاون فيها، وما تحقق الآن مع وقف حرب الإبادة، لابد أن يتواصل حتى نصل إلى سلام العدل الذى يُنهى الاحتلال ويُعيد الحقوق لأصحابها. فى خطاب الرئيس السيسى أمام قمة شرم الشيخ، كانت هناك نقطتان أساسيتان للبناء على ما تحقق. هناك أولاً الإعلان عن استضافة مصر لمؤتمر التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة دون إبطاء، وكانت القاهرة قد أعدت من قبل خطة كاملة بهذا الشأن، اعتمدتها الدول العربية ومعظم دول العالم، لأنها تتبنى رؤية مكتملة لبناء غزة وفقاً لاحتياجات أبنائها وبمشاركتهم وفى وجودهم على أرضهم الغالية.. وكان هناك أيضاً هذا التأكيد الحاسم على حق شعب فلسطين فى تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة، والتأكيد على تنفيذ حل الدولتين الذى أصبح محل إجماع عالمى على أنه الطريق إلى سلام عادل واستقرار لأمن المنطقة والعالم بأسره. البناء على ما تحقق مهم، لكن الأهم أن يكون ذلك قائماً على رؤية واضحة بأن استكمال مسيرة السلام مرتبط بوجود أُفق سياسى عنوانه الأساسى والوحيد هو قيام الدولة الفلسطينية على كل غزة والضفة الغربية وبعاصمة تاريخية هى القدس العربية.. كان مهماً أن تُعيد مصر التأكيد فى هذا التوقيت على هذا المبدأ الحاكم لأى تحرك نحو السلام العادل. وكان ضرورياً أن يسمعها زعماء العالم المحتشدون فى قمة شرم الشيخ من رئيس مصر.. وفى حضور الرئيس الفلسطينى الذى يعنى الكثير!!