بقلم: د. أيمن الرقب تعتبر إفريقيا من أهم القارات فى العالم، من حيث تنوع الثروات الطبيعية، وخصوبة تربيتها، وتوافر مصادر مائية عديدة، لذلك عملت الاستعمارات المختلفة على مدار سنوات طويلة على السيطرة على إفريقيا وعدم السماح لأى تغير داخلها، وجعل القارة السمراء بثرواتها حكرا على هذه الدول الغربية التى احتلت إفريقيا وسيطرت على مقدراتها، وعندما خرجت منها خرجت بعد أن جعلت اقتصاد هذا البلد أو ذلك مرتبطا بها، دول عديدة فى إفريقيا تمكنت بعد نضال طويل من الخلاص من هذه الهيمنة والتبعية ولكن مازال العديد من الدول تعانى من سرقة ثرواتها والتحكم حتى فى قرارها السياسي. الاحتلال الإسرائيلى ومنذ عشرات السنين انتبه لأهمية إفريقيا وذلك لابتزاز دول عربية فى ظل استمرار الصراع العربى الإسرائيلي، واستغل بوابات دول صديقة له فى الغرب للتغلغل فى إفريقيا ومحاولة استمالة بعض الدول لصالحه، من خلال التعاون الاقتصادى والعسكرى والأمني، مستغلين بعض الصراعات الداخلية فى بعض هذه الدول، ونجحوا بشكل جزئى نتيجة وعى قيادات وشعوب هذه الدول، ونشاط بعض الدول العربية خاصة جمهورية مصر العربية فى إفريقيا كهدف لحماية الأمن القومى العربى ونجحت فى الكثير من الدول. خلال التصويت على حل الدولتين فى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم كان واضحا تأثير الولاياتالمتحدةالأمريكية والاحتلال الإسرائيلى على عدد محدود من دول إفريقيا، بعضها امتنع عن التصويت وبعضها غاب عن الجلسة رفعا للحرج. بجانب الدول العربية التى عملت على سد الثغرات الخلفية فى إفريقيا، دخلت دول مثل الصين الشعبية وروسيا الاتحادية لفتح علاقات مع دول إفريقيا، ولكن بدوافع تبادل المصالح، وعدم سرقة ثروات هذه الدول، وجدت خطوات الصين وروسيا فى ثمانينيات القرن الماضى ترحابا من دول إفريقيا، ولكن سرعان ما فطنت الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول غربية مازالت تسيطر على إفريقيا لهذا الأمر وعملت على إزاحة جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية من داخل إفريقيا وخاصة فترة الحرب الباردة بين حلف الاتحاد السوفيتى والغرب، ووعدت الدول الإفريقية بمشاريع تطويرية فى البنى التحية والاقتصاد وغيرها. سنوات مضت دون أن تفعل الدول الغربية شيئا ومع وعى شعوب إفريقيا برزت قيادات ثورية عديدة ترغب فى الخلاص من العبء الغربى والتحول نحو التحرر فى كل المجالات، وبناء بيئة خضراء صحية فى إفريقيا مع البحث عن شركاء فى العالم جدد يساعدون دولهم على التخلص من التبعية وسرقة مقدرات البلد فكانت معاهدتا بريكس وشنغهاى ملاذا آمنا مما يفتح المجال بشكل رسمى لشراكات مهمة فى إفريقيا. إفريقيا الآن وفى ظل حالة الوعى العام والرغبة فى السيطرة على قرارها بحاجة لتطلب من الدول الغربيةوالولاياتالمتحدةالأمريكية شطب كل الديون التى كبلتها بها بحجة الإقراض من أجل التطوير وسرقت فى غفلة من الشعوب مقدرات هذه الدول. كما نحن بحاجة كعرب فى إفريقيا وخارجها لفتح أبواب لشراكة كبيرة مع دول إفريقيا وتحقيق تعاون فى مجالات عديدة اقتصادية وأمنية حيث إن إفريقيا أحد أبواب الأمن القومى العربي، وأكبر مثال على حاجتنا لسد هذه الأبواب هو تكشف العلاقات بين دول إفريقية والاحتلال الإسرائيلى و إثيوبيا أكبر نموذج لهذه العلاقة وتأثيرها على الأمن القومى العربي. دول إفريقيا وشعوبها هى الأقرب لنا وبالتالى شراكتنا معها ستعم بالخير للجميع، هذا الأمر يحتاج إلى استراتيجية عربية موحدة لتحقيق هذه الأهداف وسد ثغرات إفريقيا الخلفية بالتعاون والشراكة وخاصة ونحن على أبواب قمة تاريخية عربية روسية.