مصر ستظل تدهش العالم على الدوام؛ فهي مهد الحضارة التي منحت البشرية أول معاهدة سلام، ومنها انطلقت القيم الإنسانية النبيلة التي شكّلت أساس كل ما تلاها من حضارات. فعلى جدران معبد أبو سمبل سُطّرت منذ آلاف السنين أول معاهدة سلام في التاريخ — معاهدة قادش — التي عقدها الفراعنة مع الحيثيين في بلاد الأناضول، ونصّت على السلام الدائم، والصداقة، وسلامة الأراضي، والدعم المتبادل في مواجهة الأعداء، بل وتضمّنت أحكامًا لتسليم اللاجئين. إقرأ أيضًا| اتفاق شرم الشيخ: تتويج للدور المصري الريادي في إحلال السلام وإنهاء الحرب في غزة وكما كتب أجدادنا معاهدة قادش، تعود مصر اليوم لتجدد رسالتها إلى العالم: أن السلام يصنعه الأقوياء بإيمانهم، بالحكمة والإرادة، وبقوة المنطق لا منطق القوة. بالأمس، أعادت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي كتابة فصول المجد، بإعلان التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب على غزة، لتعيش فلسطين أسعد لياليها، وتنبض الحياة من جديد، ويرتفع علم مصر إلى جانب علم فلسطين داخل القطاع، بعد 733 يومًا من الصعاب لم تتخلَّ فيها مصر لحظة عن أشقائها في غزة. لقد كانت مصر — كعادتها — سندًا للعروبة وحائط صدٍّ ضدّ محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية ، وأعلنها الرئيس السيسي منذ اللحظات الأولى لأحداث السابع من أكتوبر 2023 بكل وضوح وقوة :«تهجير الفلسطينيين ظلم لا يمكن أن نشارك فيه». إقرأ أيضًا| رفض التهجير وانتصر للحق الفلسطيني.. قراءة في جهود الرئيس السيسي لإنقاذ غزة اليوم، يشعر المصريون جميعًا بفخر مستحق؛ لأن لديهم قيادةً حكيمةً تمسكت بإرادة صلبة ويقين لا يتزعزع في مكانة مصر كقائدة وصانعة للسلام، حتى وصلت بأشقائنا في غزة إلى برّ الأمان. ومن حقنا أن نفخر بقواتنا المسلحة التي وقفت بحزم في مواجهة محاولات توسيع رقعة الصراع، فعزفت سيمفونية الردع والحكمة، وأكدت أن مصر لا تُهادن في أمنها القومي ولا تساوم على مبادئها. كما نفخر ببراعة المفاوض المصري الذي أدار مفاوضاتٍ شاقةً في أجواء معقدة حتى وصلت إلى مفاوضات شرم الشيخ. وقد عبّر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "ويتكوف"، عن تقديره قائلًا:«لا أعرف إن كان التاريخ سيسجل تفاصيل تلك اللحظات، لكن بدون سيادتكم وفريقكم المذهل — مشيرًا إلى اللواء حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة، مهندس اتفاق غزة — لم نكن أبدًا لنتمكن من إبرام اتفاق سلام. ولذلك أقول لك: شكرًا لك». إقرأ أيضًا| عامان على طوفان الأقصي |مصر.. حائط صد منيع أمام مخطط التهجير ويحق لنا أيضًا أن نفخر بالدبلوماسية المصرية التي رسّخ قواعدها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ 2014، حين أكد ثوابت السياسة المصرية القائمة على احترام سيادة الدول، ورعاية المصالح الوطنية، وحماية الأمن القومي في مقدمة الأولويات. ولعبت وزارة الخارجية المصرية العريقة بقيادة الوزير النشط السفير بدر عبد العاطي دورًا بارزًا في توحيد الصفوف العربية والدولية لدعم القضية الفلسطينية، حتى حصلت مصر على دعم واعتراف متزايد من كبرى الدول بحق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة، تمهيدًا لسلامٍ عادلٍ وشاملٍ في المنطقة. ستظل مصر — بقيادتها الحكيمة — صانعةً للسلام وحصنًا منيعًا للأمة العربية، ترسخ المبادئ وتفتح أبواب الأمل، وتؤكد في كل لحظة أن مكانتها التاريخية ودورها الإقليمي ليسا إرثًا من الماضي، بل مسؤولية حاضرة ومستقبل يصنعه الإيمان والعزيمة.