الإعلان عن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    الذهب يتراجع وسط ارتفاع الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    أسعار النفط تقفز 3% بعد العقوبات الأمريكية على روسنفت ولوك أويل    محافظ الجيزة يبحث موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي لتلبية احتياجات المواطنين    لزراعة 250 ألف فدان، بدء توزيع تقاوي القمح على المستفيدين في 16 محافظة    الصحة: خفض معدلات الإصابة بمرض الدرن إلى 9 حالات لكل 100 ألف نسمة    ما هي الشهادات المتوفرة الآن في بنك مصر؟ قائمة بأعلى العوائد    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك المصرية.. اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    أمطار غزيرة وعواصف قوية في نوات الشتاء 2026.. والفيضة الكبرى على الأبواب    رابط التسجيل في قرعة الحج على موقع وزارة الداخلية 2026    بهذة الطريقة.. طة دسوقي يحتفل بميلاد زوجته    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    فلسطين.. افتتاح قسم الجراحة العامة بعد الترميم في مستشفى الخليل الحكومي    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    «إنت عايز تهد نادي الزمالك».. ميدو يفتح النار على أسامة حسني    سان دييجو أو اتحاد جدة أو الهلال.. من الأقرب لضم محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول؟    ترامب يدعو مربي الماشية إلى خفض الأسعار ويؤكد استفادتهم من الرسوم الجمركية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية في غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    ختام فعاليات الدورة التثقيفية للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بمكتبة مصر العامة بالمنصورة.. صور    لاعب سابق بالأهلى يدعم محمد صلاح: لولا أنت كان ليفربول بالمركز السابع    ليفربول يفك عقدته بخماسية في شباك آينتراخت فرانكفورت بدوري الأبطال    محمد صلاح يثير الجدل بعد حذف صورته بقميص ليفربول    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    الرئيس السيسى: إنشاء ممر استثمارى أوروبى فى مصر كبوابة للأسواق الإفريقية والعربية    الأصول أهم    نشوب حريق مخزن أخشاب بطريق بلبيس – أبوحماد بالشرقية    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    نفذها لوحده.. كاميرات المراقبة تكشف تفاصيل جديدة في "جريمة المنشار" بالإسماعيلية    مقتل وإصابة 4 من قوات شرطة الطاقة في انفجار أنبوب غاز غربي بغداد    حبس «الجن» 4 أيام بعد إلقاء زوجته من شرفة منزلهما بمحافظة بورسعيد    الرئيس السيسى: مصر تولى اهتماما كبيرا لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى    علي الحجار يطرب جمهور الموسيقى العربية ويحيي تراث أم كلثوم بصوته    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    زوج رانيا يوسف: بناتها صحابي.. وكل حاجة فيها حلوة    الصحف المصرية.. حراك دولى لإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    رئيس الوزراء البريطاني: يسعدني انضمام أمريكا إلينا بفرض عقوبات كبيرة على شركتى النفط الروسيتين    وكالة: كوريا الشمالية تعلن تنفيذ تجارب ناجحة لصواريخ فرط صوتية    اليوم.. «6 مباريات» في افتتاح الجولة العاشرة بدوري المحترفين    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    مدحت عبدالدايم يكتب: محمود ياسين فنان متفرد يقود سيارته ويغنى للعندليب    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    مع اقتراب الشتاء.. خطوات تنظيف اللحاف بسهولة    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى السابع من أكتوبر| مقدمات طوفان الأقصى كانت واضحة.. والطريق إليه كان مخططًا
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 09 - 10 - 2025

◄ حافظ على مصالح حركة حماس لإضعاف السلطة الفلسطينية
◄ نتانياهو مسؤول عما حدث في السابع من أكتوبر: يديم الصراع الإقليمي بهدف إجهاض حل الدولتين
◄ أنشأ أكثر من أربعين مستوطنة خلال السنوات الثلاث الأولى من حكمه
◄ فتح نفق حائط المبكى والبناء فى جبل أبو غنيم استفزازات مقصودة لإشعال الأوضاع
◄ إسرائيل تعرف أن الفلسطينيين لن يتبخروا مع ذلك تواصل احتلالها للأرض
لم يكن السابع من أكتوبر أو عملية «طوفان الأقصى» مفاجئًا تمامًا لبعض المراقبين الإسرائيليين والأكاديميين الذين أنفقوا قسطًا كبيرًا من أعمارهم ودراستهم فى تقصى وتحليل سياسات الحكومة.
من هؤلاء مؤلف كتابنا اليوم الباحث الإسرائيلي آدم راز الذي يقول في مقدمة الجزء الأول من كتابه الصادر بالعبرية «الطريق إلى السابع من أكتوبر» : «صحيح أن السابع من أكتوبر فاجأ إسرائيل، ولكن إذا نظرنا إلى الوراء، فمن الصعب القول إن الطريق الذي أدى إلى ذلك لم يكن واضحًا، بل كان مخططًا له إلى حد ما» !.
يعرض كتاب «الطريق إلى السابع من أكتوبر «العلاقة بين حركة حماس وبنيامين نتانياهو، منذ دخوله مكتب رئيس الوزراء عام 1996 وحتى الأيام الأخيرة-أيام الحرب في قطاع غزة».
الفكرة الرئيسية التى يدور حولها الكتاب هى التأكيد على مسؤولية رئيس الوزراء الإسرائيلى نتانياهو عن صعود وتمكن حركة حماس من قطاع غزة، وأن نتانياهو سمح لها بالنمو لأنه يستفيد من الوقيعة بينها وبين السلطة الفلسطينية، مما يطيل أمد الصراع ويستبعد أى حل، وأن إطالة أمد الصراع تصب فى مصلحة الطرفين؛ حماس ونتانياهو فكلاهما فى رأيه لا يرغب فى الحل.
لكن رغم كل الشواهد التى يستند إليها المؤلف لدعم فكرته حول التوافق بين نتانياهو وحركة المقاومة الإسلامية، مع تركيزه على البدايات فإنه يتجاهل-وللأسف- الخواتيم التى تثبت عدم رغبة نتانياهو فى إطلاق العنان لحركة حماس، وأنه إن صحت رعايته لها فى البدايات فلغرض فى نفسه، لتوصيله إلى الهدف النهائى.
قد يشفع للكاتب ما أقر به بأنه تمت كتابة الكتاب على مدى بضعة أسابيع خلال الفترة من يناير إلى أوائل فبراير 2024. «بطريقة ما، يمكنك القول إننى لم أكتبه، ولكنى صرخت به على الصفحة. إن التوضيح الذى سيتم تقديمه هنا، بالطبع، لا يزال بعيدًا عن الاكتمال. آمل أن يساعد التفكير فى الأمور فى هذه المرحلة على إجراء نقاش مثمر حول ما يحدث بيننا».
على أية حال يصف الجزء الأول من الكتاب هوية المصالح بين حماس ونتانياهو فيما يتعلق بمعارضتهما المشتركة لحل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى من خلال اتفاق السلام وتقسيم الأرض. ويثبت راز المصالح المشتركة بين نتانياهو وحماس: فكلاهما عدو للسلام، وبالتالى يعملان معا على إضعاف السلطة الفلسطينية. وكدليل على ذلك، لم يغض نتانياهو الطرف عن تعزيز قوة حماس فحسب، بل شجعها بنشاط أيضًا.
ويظهر تحليل سياسة نتانياهو الخارجية والأمنية أن خط إدامة الصراع الذى قاده فى العقود الأخيرة يتوافق مع تصوره للطبيعة المرغوبة للمجتمع والسياسة الإسرائيلية فى اتجاهات استبدادية ومعادية للديمقراطية. نفس «مفهوم احتواء حماس»، الذى يتحدث كثيرون الآن بإدانته فى الأشهر الأخيرة، هو الوجه الآخر للسياسة التى سمحت لإيران بأن تصبح دولة عتبة نووية.
ومن القضايا الأخرى التى يناقشها هذا القسم الفشل المخزى لنتانياهو فى التعامل مع التهديد الذى تشكله إيران على إسرائيل؛ وعدم ديمومة سياسة «إدارة الصراع» أو «تقليص الاحتلال»، لأن الاحتلال العنيف يتعمق كل يوم. ويذكر كتاب «الطريق إلى السابع من أكتوبر» حلقات وأحداثا من تاريخ السنوات الأخيرة ويظهر كيف يستخدم نتانياهو سياسة الحرب التى لا نهاية لها للحفاظ على حكمه.
◄ دولة «مجذومة»
الجزء الثانى الذى يشغل الثلث الأخير من الكتاب من الكتاب يتناول « حالة الجذام: -حسب وصف المؤلف- للحالة الإسرائيلية فى الأيام الأولى للقتال فى قطاع غزة» ، يناقش الأسابيع الأولى من الحرب-وخاصة حملة القصف الاستراتيجى من الجو، التى نفذها الجيش حتى الدخول البرى.-ويظهر كيف استغل نتانياهو مشاعر الانتقام التى غمرت الإسرائيليين بشكل طبيعى بعد موسم الحصاد وسفك الدماء فى مستوطنات النقب الغربى والمنطقة المحيطة بها، من أجل تعزيز سياسة تسعى، عمليا، إلى مواصلة الحفاظ على الصراع الإقليمى والمصالح التى تمثلها حماس.
إن الطريقة التى يدير بها نتانياهو الحرب تظهر أنه يعمل عن علم على إدامة دائرة سفك الدماء وتحويل إسرائيل إلى دولة مصابة بالجذام: سواء فيما يتعلق بمكانتها فى أسرة الأمم، أو من حيث طبيعة المجتمع الإسرائيلي.
نفيًا لاتهام نتانياهو دافع حزب الليكود عن رئيسه ونشر على منصة X تويتر سابقًا تغريدة تقول: « لم يدع رئيس الوزراء نتانياهو قط إلى تقوية حماس، بل على العكس تماما، فقد وجه لحماس ضربات موجعة فى ثلاث عمليات. فى «عامود الدخان» و«تسوك إيتان» و«حارس الجدران»-حيث تم القضاء على آلاف « الإرهابيين» وكبار قادة حماس.
بنسبة ما يمكن الاتفاق مع الجزء الأخير من دفاع الليكود فسياسة تصفية قيادات حماس التى ينتهجها نتانياهو لا تدع مجالًا للشك فى نواياه.
نمضى مع المؤلف: «إن معارضة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لتقسيم الأرض وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل هى التى ميزت مساره السياسى منذ البداية. وهذه المعارضة واضحة للجميع حتى خلال الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس (2023-2024)، عندما يعلن نتانياهو تكرار معارضته لعودة حكم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بشكل خاص والدولة الفلسطينية بشكل عام.
دعونا نفترض فى المرحلة الحالية أسباب معارضته طويلة الأمد للاستقلال الفلسطينى، لكن من المهم التأكيد على أن هذه السياسة تم اتباعها أيضًا خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء فى الفترة 1996-1999. وقد رافق هذا أيضًا مساره السياسى لفترة طويلة.
يستشهد المؤلف بما كتبه عامى إيلون، رئيس الشاباك فى ذلك الوقت لاحقًا أنه لم يكن مطلوبًا منه «أن يشرح لنتانياهو، وهو خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن الهجمات الانتحارية ساعدته على الفوز فى الانتخابات ولخص رونين بيرجمان الأمر بهذه الكلمات: «نتانياهو مدين لحماس بانتخابه».
وهذا هو السبب فى الماضى على مدى 14 عاماً-باستثناء عام ونصف من عمر «حكومة التغيير»-عندما يطبق سياسة «فرق تسد» فى ما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة، أن يقاوم نتانياهو أى محاولة عسكرية أو سياسية من الممكن أن تؤدى إلى نهاية حكم حماس فى القطاع! ويزعم المؤلف أنه من الناحية العملية، منذ 2008، فى نهاية حكومة أولمرت، لم يواجه نظام حماس أبدًا تهديدًا عسكريًا أو سياسيًا. تضر بشكل خطير بمكانتها وقدرتها.
وبعد الانتخابات التى أجريت فى فبراير 2009، ومع دخول نتانياهو إلى منصب رئيس الوزراء للمرة الثانية بعد حوالى شهر، عادت هذه السياسة إلى حيز التنفيذ الكامل، ووجهت تصرفات الحكومات الإسرائيلية تحت قيادته لنحو عقد ونصف عقد من الزمن. لكن اتخذت السياسة شكلاً مختلفاً عن الشكل الذى اتخذته قبل عقد أو أكثر، فى أعقاب التطورات السياسية الإقليمية التى حدثت. وقد ساعدها على وجه الخصوص سيطرة حماس على قطاع غزة فى يونيو 2007، وإبعادها بعنف شديد لأعضاء فتح من المكان، وكان هذا شرطاً ساعد على السياسة التى مثلها نتانياهو، والتى رحبت باستمرار تصعيد الصراع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
من وجهة نظر المؤلف، الذى يركز على جانب مركزى من سياسة نتانياهو؛ تعزيز حماس-فإن معارضة الدولة الفلسطينية ليست سوى لغة أخرى للحفاظ على الصراع. ففى نهاية المطاف، يعرف أى شخص عاقل مطلع ولو قليلاً على ما يحدث فى منطقتنا أن هذه الأرض مقسمة بالفعل بين البلدين، وأن أياً منهما لن يتبخر من جزء الأرض الذى يقع عليه. ومع ذلك، تحتفظ إسرائيل بسيادتها على الأراضى الفلسطينية. ولذلك فإن معارضة تقسيم الأرض يجب أن تكون واضحة للجميع، تعنى استمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى التى احتلت عام 67.
ومن الجدير بالذكر أن الحديث عن «الحفاظ» أو «إدارة» الصراع يخلق أيضاً نوعاً من التشويه فى فهم الواقع. فالصراع لا «يستمر» ويتوقف، بل يتطور ويتغير بشكل متكرر ويستهلك حياة الكثيرين. ولذلك قالوا: إن أولئك الذين يرغبون فى منع قيام دولة فلسطينية يدعمون أيضًا بوعى الحفاظ على الاحتلال والضيق الذى خلقه وكرره لأجيال. وفى الظروف الحالية فإن أى وصف آخر هو بمثابة ذر للرماد فى العيون.
بالنسبة لرجل الدولة نتانياهو، فإن الوسائل فقط هى التي تغيرت على طول الطريق وتكيفت مع الظروف الجديدة التي تعتمد على تطورات مختلفة لا حصر لها.
يمكن تلخيص سياسة نتانياهو تجاه الفلسطينيين فى ولايته الأولى بأنها صراع ضد العناصر البناءة داخل منظمة التحرير الفلسطينية، ومحاولة متواصلة لتخريب العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية الفتية، التى تأسست منذ زمن طويل بعد اتفاقيات أوسلو. لقد تحول الصراع إلى نوع من التعاون مع حركة حماس فى الولاية الثانية وما بعدها، وعلى الرغم من تغير اللاعبين السياسيين والمعطيات الجيوسياسية، إلا أن الأساس المنطقى ظل على حاله لمدة ثلاثين عامًا تقريبًا: إبقاء الصراع على حاله.
◄ أنفاق حائط المبكي والمستوطنات
من الضرورى أن نذكر بإيجاز بعض الحقائق عن الفترة الأولى لتولى نتانياهو رئاسة الحكومة والأحداث الرئيسية التى جرت خلالها: (أ) أعمال الشغب فى نفق الجدار، (ب) البناء فى المستوطنات و«قضية هار حوما» و(ج) سحب طلب تسليم موسى أبو مرزوق، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس وهذه الحالة الأخيرة، لها مدلول يؤكد فكرة الكتاب.
كانت قضية فتح نفق الجدار فى نهاية سبتمبر 1996، والتى تسببت بحوادث عنف خطيرة، أول مواجهة بين إسرائيل والآليات الأمنية الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو قبل ثلاث سنوات.
ويهدف فتح النفق إلى تعطيل عملية البناء والتعاون الذى تم بشكل جدى وفعال بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية في أعقاب اتفاق المبادئ الموقع فى حديقة البيت الأبيض. كتب رونين بيرجمان: «حتى حادثة نفق حائط المبكى فى سبتمبر 1996، كان هناك تعاون وثيق إلى حد ما بين أجهزة المخابرات فى إسرائيل والسلطة الفلسطينية كل أسبوع، وعُقدت اجتماعات على أعلى المستويات، أحيانًا بشكل متكرر مع تبادل منتظم للمعلومات.» كان هذا أول حدث أمنى إقليمى كبير «يفوز به نتانياهو»، والذى يمكن من خلاله تحديد جانب مركزى من سياسته: الاستعداد لاستفزاز المنطقة بهدف تخريب تحركات الاستقرار الإقليمي.
ثم جاء قرار رئيس الوزراء، الذى تولى منصبه قبل عدة أشهر، بفتح نفق الحشمونائيم عند حائط المبكى، وهو نفق لنقل المياه تم حفره فى عهد حزقيا ملك يهوذا والذى كان لسنوات عامل جذب فى الحى اليهودى -رغم معارضة معظم الأجهزة الأمنية ووزراء الحكومة، وفى تجاهل صارخ لتوصيتهم بضرورة فتح النفق ضمن اتفاق مع الأوقاف الإسلامية التى تسيطر على الحرم القدسى.
وكتب عامي أيالون، رئيس الشاباك فى ذلك الوقت، «لقد أخبرت نتانياهو أنه إذا أراد فتح النفق دون التسبب فى أزمة، فيجب التنسيق مع الأوقاف الإسلامية التى تدير الحياة على الجبل، مع عرفات». كشريك فى العملية السياسية، ومع الملك الحسين [...] وطالما أن التحرك يتم بالتنسيق وليس من جانب واحد، فإنه فى تقديرى سيكون من الممكن خلق واقع يكون فيه ذلك ممكنا « . إن فتح النفق من جانب واحد ينتهك مبادئ الاتفاقيات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأوقاف الإسلامية، والتى تم وضعها فى عهد إسحق رابين.
◄ استفزازات مقصودة
نتانياهو، بشكل أو بآخر من تلقاء نفسه، متجاوزاً السلطات المخولة، ومع علمه أن أى تغيير فى الحرم القدسى دون التنسيق مع السلطة الإسلامية فى الموقع هو بمثابة عود كبريت مشتعل بجوار برميل متفجرات، اختار التصرف بشكل منفرد ودون أى استعدادات أولية سواء على المستوى الدبلوماسى أو الأمنى. فى الواقع، فهو لم يأمر فقط بفتح النفق دون دعم الهيئات المهنية، بل حرم أيضًا قوات الأمن الإسرائيلية من إمكانية الاستعداد وفقًا للصراع المتوقع من العمل غير المنسق. وقد دفع مائة فلسطينى و11 جنديًا وستة مدنيين إسرائيليين حياتهم ثمنًا لها فى الأيام التالية، عندما انتشرت أعمال الشغب فى جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
إن مراجعة عملية اتخاذ القرار فى قضية نفق حائط المبكى تكشف جانبًا مثيرًا للاهتمام فيما يتعلق بأسلوب نتانياهو فى السيطرة: فى جلسة مجلس الوزراء التى عقدت قبل أيام قليلة من قرار فتح النفق، تقرر عدم فتحه وكان وقرر عقد مناقشة أخرى لمجلس الوزراء، حيث ستواصل الأطراف المعنية مناقشة هذه القضية. لكن المناقشة المذكورة لم تتم واتخذ نتانياهو القرار بمفرده. ولم يشارك وزير الدفاع إسحق مردخاى فى المناقشات إطلاقا؛ تم إبلاغ رئيس الشاباك فى اللحظة الأخيرة، وسمع رئيس جهاز الأمن، موشيه يعلون، عبر الراديو بقرار فتح النفق - وذلك بعد أن تم افتتاحه بالفعل. «لم أصدق ما كنت أسمعه»، كتب أيالون عندما علم من مسؤول فى الشاباك أن العمل سيبدأ فى ذلك اليوم. ومن أجل إبعاد نفسه عن الانفجار المتوقع، غادر رئيس الوزراء البلاد بعد قليل وبعد ساعات من افتتاح النفق، لم يكن نتانياهو موجودا، واختفى، كما صرح لاحقا رئيس الشاباك أيالون. وكما هو معروف، فقد أضرت هذه القضية بالتنسيق الأمنى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، الذى كان لا يزال فى بداياته، بل وعرضت استمراره للخطر. حماس، من جهتها، اكتسبت قوة من هذه القضية واستخدمتها أمام الجمهور الفلسطينى، مدعية أن السلطة دمية في يد إسرائيل.
وكان التوسع فى المشروع الاستيطانى أيضًا بمثابة تغيير كبير عن سياسة رئيس الوزراء السابق، إسحاق رابين، الذى رأى جزءًا كبيرًا من المستوطنات بمثابة عائق أمام أى تسوية سياسية مستقبلية. وبالعودة إلى نوفمبر 1992 - بعد خمسة أشهر من تأسيسها - قررت حكومة رابين الامتناع عن إقامة مستوطنات جديدة وأمرت بوقف البناء فى معظم المستوطنات القائمة. ومن ناحية أخرى، قررت حكومة نتانياهو الجديدة-وكان ذلك تمريناً للخارج، وخاصة للحكومة الأمريكية-أن إنشاء المستوطنات الجديدة لن يتم إلا بقرارات حكومية، ولكن القرار تم انتهاكه فعلياً بسرعة من خلال إنشاء العشرات من المستوطنات. إقامة مستوطنات جديدة أو توسيع سلطات المستوطنات القائمة بشكل وهمى. رسميا، تم اتخاذ هذه الخطوة ضد قرار الحكومة، لكن اللوبى الاستيطانى كان يعلم أن نتانياهو يدعمهم، وبالتالى لم يخش الإخلاء. وقال أحد قادة المستوطنين لموظفى الإدارة المدنية المسؤولين عن تطبيق القانون: «لن تتمكنوا من إيقافنا. لدينا مساعدة من أعلى». «المساعدة من الأعلى» قدمها نتانياهو، الذى أمر بنفسه فى بعض الأحيان بمنع مفتشى الإدارة من تطبيق القانون وإخلاء البؤر الاستيطانية. خلال السنوات الثلاث من ولاية نتانياهو الأولى، تم إنشاء أكثر من أربعين مستوطنة.
وعلى الرغم من فتح مئات القضايا المتعلقة بالبناء غير القانونى والاستيلاء على الأراضى فى تلك السنوات، قررت السلطة الفلسطينية ابتلاع الضفدع، ودفعت القضية فى الغالب خارج الأجندة السياسية فى اتصالاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل. على الأقل كانت هذه هى الممارسة حتى اندلاع الأزمة فى فبراير 1997، عندما وافقت حكومة نتانياهو على بناء 6500 وحدة سكنية فى الحى الجديد فى مستوطنة هار حوما على مشارف القدس. وكما فعل قبل نصف عام فى قضية نفق الجدار، قرر نتانياهو هذه المرة أيضًا انتهاك التفاهمات المتفق عليها بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والتى بموجبها لن تكون هناك تغييرات جوهرية فى الوضع الراهن فى المناطق المتنازع عليها خارج الحدود. المفاوضات (اتفقت الأغلبية فى الاتفاقيات الدائمة على بقاء الأحياء اليهودية فى شرق المدينة فى أيدى إسرائيل).
وكانت تلك محاولة أخرى من جانب نتانياهو لإثارة المنطقة وتقوية العناصر المتطرفة فى الجانب الفلسطينى. وأوضح فيصل الحسينى، وزير القدس فى السلطة الفلسطينية، لكل من يرغب فى الاستماع، أن البناء على جبل حوما (جبل أبو غنيم) «قد يؤدى إلى انفجار، خاصة عندما لا يكون هناك تحول سياسي». ولكن هذا هو بالضبط ما كان نتانياهو يسعى لتحقيقه. ولم تنجح محاولات الرئيس بيل كلينتون لاسترضاء ياسر عرفات وتأخير قرار رئيس الوزراء الإسرائيلى. وأوضح نتانياهو: «أنا أقوم بالبناء هذا الأسبوع فى هار حوما، ولن يحركنى شىء من ذلك». وفى وقت قصير أوقف الفلسطينيون مفاوضات التسوية المؤقتة والدائمة.. نجح نتانياهو فى الحصول على ما أراد وأقنع أنصاره بأنه «قوي» فى مواجهة الفلسطينيين والعالم.
وفي الوقت نفسه الذى ينتهج فيه سياسته الرامية إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وتقويض مكانة بعض قادتها، تصرف نتانياهو بحكم الأمر الواقع بطريقة عززت قوة منظمة حماس-عدو السلطة الفلسطينية-التى احتفلت فى تلك الأيام بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسها. وكانت فى أدنى مستوياتها عندما سُجنت المجموعة الرئيسية من قادتها فى إسرائيل. 19 أحد الأمثلة المنسية لبداية علاقة أصحاب العمل معنا هى حالة (عدم) تسليم موسى من الولايات المتحدة إلى إسرائيل. أبو مرزوق فى الفترة 1995-1997، حيث شغل الأخير منصب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس.
◄ الكتاب:
الطريق إلى السابع من أكتوبر
المؤلف:
آدم راز
تاريخ الإصدار:
مايو 2024
لغة الكتاب:
العبرية
◄ عن بالمؤلف
آدم راز 1982
مؤرخ إسرائيلى يتعلق مجال بحثه بالتاريخ السياسى والأيديولوجى فى القرنين التاسع عشر والعشرين.
باحث فى معهد دراسة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى ومحرر تيلم: مجلة لليسار الإسرائيلى تابعة لمؤسسة بيريل كاتسنلسون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.