أعاد خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى ألقاه أمام القمة الاستثنائية لتجمع البريكس قبل أسابيع، تسليط الضوء على حساسية المرحلة الراهنة، خاصة مع تصاعد العدوان الإسرائيلى على غزة واتساع نطاقه ليطال قطر، فى مشهد يكشف بوضوح ازدواجية المعايير التى تحكم النظام الدولى، فبينما ترفع بعض القوى العظمى شعارات الدفاع عن سيادة الدول واحترام القانون الدولى، فإنها تغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، وهو ما يضرب مصداقية هذا النظام فى الصميم. منذ الحرب العالمية الثانية، قام القانون الدولى على مبادئ أساسية، أبرزها احترام السيادة وعدم التدخل وحماية الشعوب من العدوان، غير أن الممارسة أثبتت أن هذه المبادئ غالبًا ما وُظفت بانتقائية لخدمة مصالح القوى الكبرى، وقد شدد الرئيس السيسى فى كلمته، على ضرورة إعادة الاعتبار لمقاصد النظام الدولى فى حفظ الأمن والسلم، محذرًا من خطورة الانزلاق نحو مزيد من الفوضى ما لم يُستعَد التوازن. كما أكد الرئيس الدور المصرى المتوازن فى القضايا الإقليمية، داعيًا إلى تغليب الحوار والدبلوماسية باعتبارهما السبيل الوحيد لتجنب صراعات أوسع، ويبرز فى هذا السياق دعم القاهرة لمسار التفاهم بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذى تُوّج بالاتفاق التاريخى الموقع فى القاهرة، عقب اجتماع ثلاثى جمع وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى ونظيره الإيرانى والمدير العام للوكالة الدولية، بما يمهد الطريق لاستئناف التعاون وضمان الاستخدام السلمى للطاقة النووية. أخيرا.. بهذا الموقف، تثبت مصر مرة أخرى أنها صوت العقلانية فى بيئة إقليمية ودولية مضطربة، داعيةً إلى نظام دولى أكثر عدلًا وفاعلية، يطبق القانون الدولى بلا انتقائية، ويحمى حقوق الشعوب المشروعة فى الأمن والسلام.