قال الدكتور محمد عسكر، استشاري نظم المعلومات والأمن السيبراني، إن التعامل مع الألعاب الإلكترونية ومن بينها «روبلوكس» لم يعد خيارًا بسيطًا بين المنع أو السماح، بل أصبح تحديًا تربويًا يحتاج إلى وعي وإدارة حكيمة من جانب الأسرة والمدرسة. وأوضح عسكر، في تصريحات خاصة ل«بوابة أخبار اليوم» أن الرسالة الأساسية التي ينبغي أن تصل إلى أولياء الأمور هي أن الرقابة وحدها لا تكفي، بل يجب أن تمتزج بالمتابعة المستمرة والتوعية الصريحة. وتابع على الأهل أن يفهموا طبيعة هذه الألعاب قبل أن يحكموا عليها، من خلال الاطلاع على محتواها، آليات التفاعل داخلها، وأنظمة الشراء، كل هذا يساعدهم على تقييم ما إذا كانت اللعبة مناسبة لأعمار أبنائهم أم لا، كما يُنصح باستخدام أدوات الرقابة الأبوية (Parental Controls) المتاحة داخل الألعاب، وتحديد أوقات ثابتة للعب لا تؤثر على الدراسة أو النوم أو الحياة الاجتماعية. اقرأ أيضًا: لحماية أطفالك.. تعرف على طرق تفعيل «الرقابة الأبوية» على هاتف الآيفون واستكمل أنه ينبغي فهم أن التواصل المفتوح مع الأبناء هو المفتاح، فعندما يتحدث الوالدان مع أطفالهما عن تجاربهم داخل لعبة «روبلوكس» التي تحولت لطوفان يهدد عقولهم، وعن الغرباء الذين قد يتواصلون معهم، يصبح الطفل أكثر وعيًا وحذرًا، وأقل عرضة للابتزاز أو الاستغلال. وتطرق إلى أن المدارس لها دور محوري في هذا الإطار، ويمكنها إدراج موضوعات عن الأمان الرقمي في المناهج أو الأنشطة التوعوية، بحيث يتعلم الطلاب مهارات مثل كيفية حماية بياناتهم، التعرف على محاولات الخداع الإلكتروني، وأهمية الإبلاغ عن أي محتوى مسيء، كما يمكن للمدرسة تنظيم ورش عمل لأولياء الأمور لتبادل الخبرات حول كيفية إدارة استخدام الأبناء للتكنولوجيا. اقرأ أيضًا: مخاطر جسيمة تهدد أبناءنا.. الأزهر العالمي للفتوى يُحذِّر من لعبة «Roblox» وأكد عسكر، على أنه لا بُد من إحداث توازن صحي بين العالم الإفتراضي والأنشطة الواقعية، وتشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة، الفنون، والهوايات المختلفة ما يخلق بدائل جذابة، ويقلل من احتمالية التعلق المفرط بالألعاب الرقمية. واعتبر عسكر، أن الرسالة الأهم هي أن التكنولوجيا ليست عدوًا في حد ذاتها، لكنها أداة تحتاج إلى إدارة واعية، فالأسرة والمدرسة معًا يشكلان خط الدفاع الأول لحماية الطفل من المخاطر، وضمان أن يظل العالم الرقمي مساحة آمنة للتعلم والتسلية، لا مصدر تهديد أو عزلة. واستكمل أن الوصول إلى بيئة رقمية آمنة لا يعني مجرد الحماية من المخاطر، بل يتطلب بناء منظومة متكاملة تساعد الأجيال الجديدة على الابتكار والإبداع وإدارة المحتوى بشكل مسؤول وفعّال، والسبيل إلى ذلك يبدأ من ثلاثة مستويات رئيسية: التشريعي، التربوي، والتقني ويمكن تفنيدها على النحو التالي: على المستوى التشريعي، لا بُد من تطوير إطار قانوني مرن يوازن بين الحماية والحرية، وحماية الأطفال والمراهقين من المحتوى الضار يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع تمكينهم من التعبير عن أنفسهم، وتجربة أدوات رقمية جديدة، والقوانين ينبغي أن تشجع على الابتكار المحلي في صناعة الألعاب والتطبيقات التعليمية، بحيث يكون للطفل المصري بدائل آمنة ومفيدة بجانب المنصات العالمية. أما المستوى التربوي، فيتمثل في دمج التربية الرقمية في المناهج التعليمية، بحيث لا يقتصر الأمر على تعليم مهارات تقنية سطحية، بل يشمل التفكير النقدي، أخلاقيات النشر والمشاركة، كيفية التحقق من المعلومات، وفنون إدارة المحتوى، وبهذا الشكل، يتحول الطالب من مجرد "مستهلك" للمحتوى إلى "منتج" ومبدع رقمي قادر على المنافسة. من الناحية التقنية، الدولة مطالَبة بالاستثمار في بنية تحتية ذكية وآمنة، مع توفير أدوات رقابة متقدمة للأسر، وتشجيع الشركات المحلية الناشئة على تصميم تطبيقات ومنصات ترفيهية وتعليمية تحاكي اهتمامات الشباب، وتضمن لهم بيئة رقمية متوافقة مع الخصوصية الثقافية والاجتماعية المصرية. وأخيرًا، البيئة الرقمية الآمنة لا تُبنى بقرارات فوقية فقط، بل بمشاركة الأسر، المدارس، الإعلام، والقطاع الخاص في عملية توعية شاملة، تُعلي من قيمة الاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا، وحينها فقط يمكن للأجيال الجديدة أن تنطلق نحو الإبداع والابتكار بثقة، وأن يتحول الفضاء الرقمي من مصدر تهديد إلى فضاء رحب لبناء المستقبل.