هولندا فرضت حظرًا على دخول «سموتريتش» و«بن جفير» لأنهما يحرّضان المستوطنين ضد الفلسطينيين ويدعوان إلى التطهير العرقى فى غزة يمر مصير الدولة الفلسطينية بلحظة تاريخية أصبح فيها على المحك، مع عودة مستقبل الضفة الغربية إلى بؤرة النقاش العالمى، بسبب طرح مسألة الضم مجددًا على طاولة المناقشات الحكومية الإسرائيلية. تبرز ثلاثة وجوه وزارية تقود حركة تقويض جهود إقامة الدولة الفلسطينية، بحجة الرد على اعتزام عدة دول غربية الاعتراف بدولة فلسطين فى الجمعية العامة للأمم المتحدة. يعتلى هذا الثالوث بنيامين نتنياهو بحكم منصبه كرئيس للحكومة، متكئًا على قاعدة الصهيونية المتدينة بجناحيها الأشكناز والسفارديم. الجناح الأول يقوده بتسلئيل سموتريتش زعيم الحزب الدينى القومى وكتلة (الصهيونية الدينية)، وزير المالية والوزير الثانى بوزارة الدفاع وهو المنصب الأخطر الذى يمنحه السيطرة على مقدرات الضفة الغربية والأراضى الفلسطينية والمستوطنات. ويقود الجناح الثانى إيتامار بن جڤير زعيم حزب القوة اليهودية (عوتسما يهوديت) وزير الأمن القومى الذى أطلق موجة تسليح المستوطنين. كان الاثنان هددا بالاستقالة من الحكومة إذا مضى نتنياهو فى الاتفاق مع حماس على صفقة تبادل الأسرى، ورأى المراقبون أن التهديد مجرد مسرحية متفق عليها بين الثلاثة لتقويض فرص عقد صفقة مع حماس. تصريحات هذا الثالوث وممارساتهم تنضح بالكراهية للعرب والعنصرية المقيتة والرغبة فى محو الهوية الفلسطينية وإحياء فكرة إسرائيل الكبرى. المثير أن أعضاء هذا الثالوث من أصحاب السجلات الجنائية، سبق اتهامهم فى جرائم شغب وبلطجة وإشعال حرائق، وتم احتجاز بعضهم، لايزال رئيسهم يواجه اتهامات بالفساد والرشوة. «الأخبار» تقوم بجولة فى حياة هذا الثالوث وخلفياتهم ودوافعهم. سموتريتش لص الأراضى هو وزير المالية ووزير الدفاع المسئول عن إدارة الاستيطان، ورئيس كتلة «الصهيونية الدينية «. من مواليد فبراير عام 1980 وكان عضوًا فى الكنيست لنحو سبع سنوات عن حزبى البيت اليهودى ويمينا. فى الأصل وقبل مقعده البرلمانى ومنصبه الوزارى هو من غلاة المستوطنين ولد فى مستوطنة «حاسبين» جنوب الجولان السورى المحتل، لعائلة أوكرانية من غلاة القومية الدينية. وفى مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله نشأ فى المدارس التى تجمع بين الديانة اليهودية والفكر الصهيونى. وفى مستوطنة كدوميم المقامة على أرض نابلس شمال الضفة الغربية وهى مستوطنة غير قانونية بموجب القانون الدولى، يقيم مع زوجته وأطفاله السبعة فى منزل أقامه من دون ترخيص حكومى من الدولة على أرض فلسطينية خاصة بعد أن استولى عليها. بحكم أنه مستوطن فى الأساس يؤيد سموتريتش ويعمل على توسيع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، ويعارض الدولة الفلسطينية، وينكر وجود الشعب الفلسطينى. بصفته وزيرًا يتمتع بصلاحيات فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، قاد جهودًا إسرائيلية سرية لضم أراضٍ فى الضفة الغربية، أولاً كأمر واقع، ثم بقوة القانون. تاريخه محمّل بالنشاطات الإجرامية، ففى 2005، أثناء احتجاج ضد خطة فك الارتباط ، ألقى جهاز الأمن العام (الشاباك) القبض عليه، مع أربعة ناشطين من اليمين للاشتباه فى تنظيمهم حواجز الطرق التى حدثت فى ذلك الوقت. تم احتجازه فى سجن شيكما لمدة ثلاثة أسابيع، ثم تحت الإقامة الجبرية لمدة ثلاثة أسابيع أخرى وبعد ذلك تم إطلاق سراحه دون توجيه أى تهمة إليه. رغم أن هدف الاعتقال والاستجواب كان منع تنظيم مسيرة احتجاجية جماهيرية باتجاه منطقة جوش قطيف «والتى من شأنها شل الحياة فى البلاد». خلال عملية الاعتقال، تم العثور على مواد قابلة للاشتعال ومواد زيتية فى منزل أحد المعتقلين، وأعلن بعد الاعتقال أنه يشتبه فى استخدامها لتنظيم الاضطرابات، وعلى مدى السنوات التالية، وردت اتهامات عدة مرات بأن سموتريتش هو الذى تم القبض عليه مع المادة الحارقة، وأنه كان يخطط لتنفيذ هجوم بها. فى عام 2019، قبيل انتخابات الكنيست الحادية والعشرين، كشف إسحاق إيلان، الذى كان رئيس قسم التحقيقات فى جهاز الأمن العام (الشاباك) وقت الاعتقال أن سموتريتش «أراد تفجير سيارات تسير على طريق أيالون» وتم القبض عليه «بحوزته 700 لتر من المواد». لم ينكر سموتريتش هذه المزاعم لكنه أرسل رسالة تحذيرية إلى إيلان، ولم يجرؤ على رفع دعوى قضائية ضده. فى الأيام الماضية كشف سموتريتش بحكم منصبيه الوزاريين ورئاسته لمجلس الاستيطان فى الضفة عن مقترح لإسرائيل لضم 82% من الضفة الغربية، وتم إقرار خطط لإقامة مستوطنات جديدة، فى إطار «مشروع E1»، الذى يهدف إلى ربط مستوطنة «معاليه أدوميم» بالقدسالشرقية، وفصل القدسالشرقية عن الضفة الغربيةالمحتلة، فى خطوة قال إنها ستقوّض تماماً إمكانية قيام دولة فلسطينية وهو ما يعتبره معظم المجتمع الدولى خرقاً للقانون الدولى، إذ تُعد المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والاحتلال العسكرى للمنطقة منذ عام 1967، غير شرعيين، عند إعلانه عن القرار، قال: إن «هذه الخطة ستدفن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية». وكتب على منصة X فى إشارة إلى هذا القرار «نواصل البناء والتأسيس. نزيل خطر قيام دولة إرهابية عربية من جدول الأعمال». ويرى هو وغيره من المؤيدين المخضرمين بشأن ضم إسرائيل للمنطقة أن لحظتهم قد حانت، على الرغم من التحذيرات الدولية من مثل هذه الخطوة. وقال فى بيان مشترك مع يسرائيل جانتس، رئيس مجلس «يشع» الاستيطاني، وهو هيئة جامعة لمستوطنات الضفة الغربية «إن الإجماع الواسع على السيادة هو نتيجة مباشرة لفهم عميق بأنه لا يمكننا أبدًا السماح لتهديد وجودى بأن يترسخ بيننا، وبعد عقود من التردد، حان الوقت لتوضيح ذلك والتصرف وفقا لذلك»، أعلنت وزارة الدفاع عن مساحة واسعة من الضفة الغربية باعتبارها أراضى تابعة للدولة. بن جڤير من العلمانية إلى التشدد الدينى وزير الأمن القومى الإسرائيلى فى الأساس هو مستوطن فى الضفة الغربيةالمحتلة، وُلد فى ضاحية «مفسيرت تصيون» فى القدسالمحتلة عام 1976. وخلفيته السياسية تكمن فى الكاهانية-وهى حركة عنصرية عنيفة تدعم طرد الفلسطينيين من أراضيهم. لديه تاريخ طويل من النشاط المناهض للعرب مما أدى إلى عشرات الاتهامات وما لا يقل عن ثمانى إدانات بجرائم بما فى ذلك التحريض على العنصرية، فضلًا عن حيازة دعاية، لمنظمة إرهابية (الحزب السياسى غير القانونى الآن كاخ). بصفته محامياً، يُعرف بالدفاع عن اليهود المتهمين بالإرهاب اليهودى المتطرف أثناء محاكمتهم فى إسرائيل. لديه ستة أطفال، ويعيش مع زوجته وأطفاله فى مستوطنة كريات أربع الإسرائيلية فى الخليل، وهى غير قانونية بموجب القانون الدولى، فى الضفة الغربيةالمحتلة. فى موعده الغرامى الأول مع من أصبحت زوجته زار الاثنان قبر باروخ جولد شتاين، مرتكب جريمة مذبحة الحرم الإبراهيمى عام 1994 التى أطلق فيها النار على المصلين بالمسجد. والده من مواليد كردستان العراق وكانت والدته مهاجرة يهودية كردية نشطة فى سنوات مراهقتها كانت عضوة فى منظمة إرجون الصهيونية الإرهابية. كانت عائلته علمانية، ولكن فى سن المراهقة، تبنى الأفكار والآراء الدينية اليمينية المتطرفة خلال الانتفاضة الأولى، فما إن بلغ السادسة عشرة من عمره حتى أصبح عضوًا فى حزب كاخ القومى المتطرف الذى تزعَّمه الحاخام المتطرف مئير كاهانا، مؤسس رابطة الدفاع اليهودية التى كانت مسئولة عن التخطيط لتفجيرات على الأراضى الأمريكية، ثم الهجمات على كلٍّ من العرب واليهود «المعتدلين» فى إسرائيل، وقد صَنَّفت الولاياتالمتحدة حركته الكاهانية باستمرار بوصفها جماعة إرهابية. رفض جيش الاحتلال تجنيد بن جڤير عندما بلغ سن 18 عامًا بسبب سجله الجنائى. وصفت صحيفة هآرتس العبرية نجاح بن جڤير وحزبه فى انتخابات الكنيست التى جرت فى نوفمبر 2022 ب«اليوم الأسود فى تاريخ إسرائيل». حذر الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج فى تسجيل صوتى مسرب من النائب «اليمينى المتطرف» إيتمار بن جڤير ومن مشاكل قد تواجهها الحكومة المقبلة بشأن المسجد الأقصى بسبب بن جڤير قائلًا: إنّ «العالم كله يخاف منه». فى منتصف شهر أغسطس 2023 أطلق بن جڤير، تصريحات عنصرية، قال فيها إن «حقه فى الحياة يفوق حق العرب الفلسطينيين فى حرية التنقل» فى الضفة الغربيةالمحتلة. وأضاف فى مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، أن «حقى وحق زوجتى وأطفالى فى التنقل فى يهودا والسامرة (أى الضفة الغربية) أهم من حرية التنقل للعرب الفلسطينيين، الحق فى الحياة يأتى قبل حرية التنقل»، وأثارت تصريحات بن جڤير موجة من الانتقادات، إذ أدان الاتحاد الأوروبى تصريحات وزير الأمن القومى الإسرائيلى بشدة، وكذا فعلت وزارة الخارجية الأمريكية. من جانبها، قالت صحيفة «هآرتس»: «وزير الأمن القومى إيتمار بن جڤير ليس أب الفصل العنصرى الإسرائيلى. وإن كان أى شىء، فالأصح أن يقال إنه ولده. من طريقة تفكيره وحديثه وتصرفاته، يتضح أن لغة الفصل العنصرى هى لغته الأم. لا يعرف غيرها. لقد نشأ على أفكار التفوق اليهودى. واليوم، فى مرحلة البلوغ، يجسد رؤيته للعالم». فى أعقاب عملية «طوفان الأقصى»، أطلق بن جڤير موجة من تسليح المستوطنين، فى أنحاء فلسطينالمحتلة، أعلن عدة مرات عبر منصة «إكس»، قيامه بنشر الأسلحة بين المستوطنين وتوزيعها عليهم. نتنياهوبراعة التهرب هو أول رئيس وزراء يولد فى إسرائيل بعد إعلان إنشاء الدولة (من مواليد أكتوبر 1949) رئيس حزب الليكود يشغل منصب رئيس وزراء إسرائيل منذ 29 ديسمبر 2022، وكان قد شغل المنصب سابقًا من 2009 وحتى 2021، وسابقًا منذ 1996 وحتى 1999، ليُعتبر رئيس الوزراء الأطول مدةً فى تاريخ إسرائيل حيث خدم لأكثر من 17 عامًا. لذلك أطلق عليه المعلقون لقب «مستر إكس» الذى لا يفنى ولا يموت تهكمًا على طول فترة رئاسته للحكومة، فعلى مدى ست فترات ترأس الحكومة فى ثلاث فترات غير متتالية: بين عامى 1996 و1999، ثم على فترات متتالية كرئيس للحكومة الإسرائيلية السابعة والعشرين؛ بين عامى 2009 و2021، كرئيس للحكومات الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين والرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين؛ ومنذ ديسمبر 2022، كرئيس للحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثين. كما شغل أيضًا منصب وزير المالية ووزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الاتصالات ومناصب أخرى، بعضها كان متزامنًا مع فترة ولايته كرئيس للوزراء. فى الفترات التى لم يكن فيها جزءًا من الحكومة، شغل منصب زعيم المعارضة، باستثناء الفترة من 1999 إلى 2002، عندما تقاعد عن السياسة. بارع فى النفاق وازدواجية التصريحات والنكوص عن التعهدات والالتزامات؛ كلامه فى العلن يناقض أفعاله وقراراته السرية، بصفته رئيسًا للوزراء فى أواخر التسعينيات، كان هو من وقع اتفاقية الخليل واتفاقية واى ريفر مع السلطة الفلسطينية، وهى مذكرة موقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، تهدف إلى تفصيل خطوات تنفيذ اتفاقيات أوسلو ووضع جدول زمنى دقيق لتنفيذ الخطوات المطلوبة فى الاتفاقيات. على الرغم من أنه عارض اتفاقات أوسلو منذ بدايتها، وفى كتابه «مكان بين الأمم» الصادر عام 1993، خصص فصلاً بعنوان «حصان طروادة» للمجادلة ضد عملية أوسلو للسلام. عن موقفه الحقيقى من اتفاقات أوسلو وقيام الدولة الفلسطينية أجاب: «سألونى قبل الانتخابات إذا كنت سأحترم اتفاقات أوسلو. لقد قلت إننى سأفعل ذلك، لكننى أوضحت أيضًا أننى سأفسر الاتفاقات بطريقة تسمح لى بوقف التحرك السريع نحو حدود عام 1967. كيف فعلنا ذلك؟ لم يحدد أحد ما هى المناطق العسكرية المحددة، فالمناطق العسكرية المحددة هى مناطق أمنية، وبالنسبة لى فإن وادى الأردن بأكمله هو منطقة عسكرية محددة». خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء فى أواخر التسعينيات، تراجع نتانياهو باستمرار عن الالتزامات التى تعهدت بها الحكومات الإسرائيلية السابقة كجزء من عملية أوسلو للسلام. وفى مقطع فيديو يعود إلى عام 2001، قال نتنياهو (الذى لم يكن على علم بأنه سُجِّل) ما يلى: «والآن انظروا ماذا سيحدث عندما نبرم السلام مع السعودية» وعندها قلب اللوحة على وجهها الثانى فظهرت منطقة واسعة باللون الأخضر محيطة بإسرائيل وأجاب: «سيتغير الشرق الأوسط كله». وأشار إلى إبرام 4 اتفاقات سلام خلال 4 أشهر- قبل أعوام- مع دولة الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب. مبشرًا بقرب التطبيع مع السعودية، وقال إن ذلك سيبنى ممرًا من السلام والرخاء يربط آسيا عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل وصولًا إلى أوروبا. فى تصريحاته للصحفيين خلال زيارة منطقة إى وان كشف الوزير سموتريتش عن موقف نتنياهو المساند له وقال: إن «كل ما نفعله هنا يتم بتنسيق كامل مع رئيس الوزراء، مضيفًا أن «نتنياهو يدعمنى فى الخطط المتعلقة بالاستيطان فى الضفة». وقال إن «نتنياهو يعمل على إدخال مليون مستوطن جديد» إلى الضفة.