نحن فى لحظة مفصلية من عمر العالم، وما يجرى فى إقليمنا لا ينفصل عن حالة التوتر الدولى التى تسبق لحظة «التحولات الكبرى»، بل لا أبالغ إذا قلت إن ما يجرى فى الشرق الأوسط عبر الأداة الإسرائيلية يعد جزءًا من تمهيد الأرض لتغيرات عالمية عميقة مقبلة. انتهت أعمال قمة الدوحة العربية - الإسلامية الاستثنائية، لكن العمل الواجب القيام به لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية والرد على التحدى الاستراتيجى الذى فرضته حكومة التطرف فى تل أبيب على النظام الإقليمى العربى، لم ولن ينتهى. انعقاد القمة كان ضروريًا فى حد ذاته كرسالة دعم وتضامن لدولة قطر بعد الهجوم الإسرائيلى الغادر والفاشل على الأراضى القطرية. وتصاعد لهجة الخطاب السياسى العربى والإسلامى ضد الاعتداءات الصهيونية المتكررة مسألة لها دلالتها وأهميتها، لكن الأهم هو ما يمكن أن يترافق مع تصاعد لهجة الخطاب السياسى من قرارات وإجراءات قابلة للتنفيذ على الأرض «تغير من نظرة عدونا لنا» كما أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمة مصر القوية أمام القمة، وهى كلمة للتاريخ حقًا، تؤكد تمسك مصر بثوابتها وتجسد قيادتها للمنطقة فى مرحلة العواصف الخطرة، وتكشف بعمق حكمة الرؤية المصرية وقدرتها على التعامل باحترافية شديدة مع حقل ألغام الشرق الأوسط. بالتأكيد لا أحد يريد الحرب وتوسيع الصراع، والأجواء الجيواستراتيجية فى المنطقة تغيرت على مدى الخمسين عامًا الماضية، فالعديد من الدول العربية والإسلامية بات له تحالفاته وحساباته المعقدة بين ضغوط الداخل واستقطابات الخارج، ولا يريد أن يضيف أعباءً جديدة على كاهله. والدول التى لديها أدوات الردع الجماعى تحاذر من مغامرة الدخول فى منزلقات المرحلة الراهنة من عمر النظام الدولى التى تهيمن عليها مخاوف التغيير وانتقال القوة من هيمنة «السوبر باور» أو القوة العظمى والأحادية الأمريكية، إلى عالم متعدد الأقطاب، فأعراض التوتر التى تصاحب عملية الانتقال والتحول فى قمة النظام الدولى عادة ما تكون مصحوبة بحالة خطرة من «جنون رد الفعل»، والذى غالبًا ما يكون خارج أطر تقدير المواقف التقليدية، وربما هذا ما يفسر بعض مواقف وقرارات ولغة الإدارة الأمريكية الحالية المخالفة لما اعتدناه من أنماط وأساليب سابقة. ■ ■ ■ نعم، نحن فى لحظة مفصلية من عمر العالم، وما يجرى فى إقليمنا لا ينفصل عن حالة التوتر الدولى التى تسبق لحظة «التحولات الكبرى»، بل لا أبالغ إذا قلت إن ما يجرى فى الشرق الأوسط عبر الأداة الإسرائيلية يعد جزءًا من تمهيد الأرض لتغيرات عالمية عميقة مقبلة، تحاول خلالها الولاياتالمتحدة تأمين مصالحها الاستراتيجية فى منطقة تمثل واحدة من أكثر الميادين المتوقع أن تكون ساحة لتنافس دولى محموم، ليس فقط بحكم ما تمتلكه من موقع، لكن الأهم بفعل من تملكه من موارد. والحكمة والعقلانية السياسية اليوم تقتضى فعلًا مدروسًا بدقة وردود فعل محسوبة بعناية ووعى، فلا مجال للمغامرات ولا مساحة للعنتريات، فقد يكون الاستفزاز إحدى أدوات تنفيذ مخطط محكم من أجل استدراج قوى بعينها إلى أتون الحرب ومستنقع الصراع، استغلالًا لواقع إقليمى ليس فى أفضل حالاته، واضطراب دولى فى أعنف موجاته. لكن تلك الواقعية لا تعنى الاكتفاء بالانحناء أمام العاصفة، بل هناك العديد من الإجراءات والقرارات والتنسيقات الواجبة، لتحجيم الغطرسة والصلف الإسرائيلى، فضلًا عن تفعيل قنوات التأثير فى القرار الدولى، سواء على مستوى المؤسسات العالمية، أو حتى داخل «مطابخ» صناعة القرار فى القوى المؤثرة وفى المقدمة منها الولاياتالمتحدة نفسها. ما بعد قمة الدوحة هو الأهم فى مسيرة العمل العربى والإسلامى المشترك، بعدما باتت دول المنطقة هدفًا مستباحًا للتمدد الإسرائيلى ونيرانه المنفلتة وتحركاته ومخططاته الكارثية، ومن وراء هاتين الدائرتين (العربية والإسلامية) تأتى أهمية العمل فى الدوائر المجاورة للمنطقة إفريقيًا وأسيويًا وأوروبيًا. ■ ■ ■ إن إحداث التأثير والفعل وامتلاك أوراق ضغط حقيقية ومؤثرة مسألة ليست بالأمر المستحيل، بعيدًا عن الانزلاق نحو المواجهات العسكرية، وإن كان الاستعداد الدائم واليقظة والتحسب لتلك الأخيرة يمثلون واحدة من أهم أدوات الفعل وردع العدوان، فالاستعداد والجاهزية للقتال هى أفضل السبل لتجنبه، لكن ما أتحدث عنه هو امتلاك أوراق ضغط سياسية واقتصادية ودبلوماسية مؤثرة، تُشعر إسرائيل ومن يدعمها بأن التعدى وتجاوز الخطوط الحمراء لن يمر مرور الكرام. وهذا التحرك يمكن أن يتخذ عدة مسارات متصاعدة، أولها المسار القانونى والدبلوماسى، فرغم تراجع الثقة فى فاعلية المؤسسات الدولية لكن ذلك لا يعنى تجميد التحرك فى المحافل الدولية، بل ينبغى بدء خطة تحرك منسقة بين عشرات الدول المعنية لإطلاق حملة لمعاقبة إسرائيل فى المنظمات الدولية، سواء بتجميد عضويتها، أو بتجميد تنفيذ مشروعات التعاون مع أية مؤسسات إسرائيلية لحين تغير السلوكيات العدوانية من جانب تل أبيب. ويدخل فى هذا الإطار إطلاق حملات منسقة لفتح تحقيقات دولية بشأن الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى والشعوب العربية الأخرى فى مجالات متعددة، فتتم المطالبة بفتح تحقيقات من جانب منظمات حقوق الإنسان فى القتل المتعمد للمدنيين وأطقم الإغاثة، ومن جانب جمعيات الصحافة والإعلام بشأن استهداف الصحفيين والعاملين فى نقل الأخبار وقتلهم عمدًا على يد قوات الاحتلال. ويتضمن هذا المسعى أيضًا تجميد مشاركة إسرائيل فى المؤتمرات العلمية والفعاليات الفنية والثقافية والمهرجانات الدولية بكل تخصصاتها، فضلًا عن السعى لتجميد عضوية إسرائيل فى اللجنة الأوليمبية الدولية ووقف مشاركتها فى أية بطولات دولية، أو دعوة فرق أو ممثلين لها فى أية بطولات تُقام على أراضى معظم دول العالم. ■ ■ ■ كما يضم المسار القانونى رفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل كدولة، وضد قياداتها كأفراد، وضد كل من يشارك بحكم منصبه أو عبر التورط المباشر فى جرائم الإبادة الجماعية واستهداف أراضى وشعوب دول عربية وإسلامية، على أن تتضمن تلك الدعاوى سواء أمام القضاء الداخلى للدول أو أمام الدول الأوروبية والمؤسسات القانونية الدولية، تفعيل أوامر الضبط والتوقيف ضد تلك الشخصيات ودعاوى التعويض للضحايا، وهو الأمر الذى من شأنه تقييد حركة شخصيات إسرائيلية عديدة وإلقاء القبض على جنود الاحتلال المشاركين فى قتل وإبادة المدنيين الفلسطينيين. والأهم هو إطلاق مسار قانونى ودبلوماسى يستهدف حشد جهود عشرات الدول الفاعلة فى إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعليق عضوية إسرائيل فى الأممالمتحدة، إذ تسمح المادة السادسة من ميثاق المنظمة الأممية بطرد العضو الذى «ينتهك المبادئ الواردة فى الميثاق باستمرار». صحيح أن هذا المسار بالتأكيد سيصطدم بالغطاء الأمريكى المنحاز دائمًا لإسرائيل، لكنه على الأقل سيمثل أداة ضغط قوية وتعزيزًا لعزلة إسرائيل وإحراجًا للسياسة الأمريكية الداعمة لدولة مارقة. وأقترح فى هذا الصدد تشكيل فريق قانونى دولى تتولى جامعة الدول العربية تنظيم عضويته وتنسيق عمله، وتوفير الموارد المالية والبشرية والفنية اللازمة لانطلاق مهمته، بالتعاون مع مكاتب ومحامين دوليين من ذوى السمعة الاحترافية، وفتح مجال التطوع من جانب محامين ومؤسسات قانونية فى مختلف دول العالم، لإطلاق أكبر حملة قانونية قد يشهدها العالم لمعاقبة إسرائيل على جرائمها وانتهاكاتها، مع تركيز تلك الحملة على رفع دعاوى قضائية فى الدول الأوروبية التى تمنح قوانينها لمحاكمها الداخلية اختصاصًا للنظر فى جرائم حقوق الإنسان الدولية، والتى كانت دائمًا سيفًا مصلتًا على رقاب الدول النامية، وقد آن الأوان لاختبار مدى صدق تلك المنظومة القانونية الغربية أو فضح ازدواجيتها. ■ ■ ■ المسار الثانى لا يبتعد كثيرًا عن التحرك القانونى، لكنه يتخذ بعدًا اقتصاديًا وتجاريًا، فمن حق جميع دول العالم التى ترى أن ما ترتكبه إسرائيل يعد جرائم بحق الإنسانية اتخاذ قرارات سيادية، سواء على المستوى الفردى أو فى إطار المنظمات الإقليمية، بحظر تصدير أية أسلحة أو مواد قد تستخدم لدعم قدرات جيش الاحتلال، فضلًا عن حقها فى منع استخدام موانيها ومطاراتها وأراضيها من جانب أية وسائل نقل لتلك المواد فى طريقها إلى إسرائيل. وفى هذا الصدد يمكن كذلك اتخاذ إجراءات عقابية تتعلق بتقييد وتقليص التعاون الاقتصادى والتجارى مع مؤسسات الحكومة الإسرائيلية، أو مع شركات لها علاقة بأعمال الحكومة الإسرائيلية، سواء بشكل مؤسسى أو من خلال شخصيات مرتبطة بالحكومة والأحزاب والقوى المشاركة فى الحرب، وفرض عقوبات على هذه الشخصيات وتجميد أرصدة تلك الشركات من خلال تحركات قضائية منسقة فى عشرات الدول، وهو الأمر الذى من شأنه أن يمثل ضغطًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية ومن يدعمها. يُضاف إلى ذلك إطلاق حملات قوية حول العالم لوقف التعامل مع الشركات والمنتجات الإسرائيلية التى تأتى من مستوطنات على الأراضى الفلسطينية، ووقف تمويل أية منظمات تعمل فى تلك المستوطنات وتجميد أى أطر للتعاون معها باعتبارها كيانات غير شرعية مقامة على أراضٍ مغتصبة بطريق الاحتلال، ولا تخدم سوى أهداف التوسع اليمينى المتطرف. ■ ■ ■ الأفكار كثيرة ومتشعبة، وهناك من الخبراء والمختصين والمؤسسات المعنية من هم أقدر على تقديم مسارات غير عسكرية للضغط على إسرائيل ومن ورائها الولاياتالمتحدة، التى آن الأوان للعرب والمسلمين أن يكون لهم نفوذ أكبر وأقوى فى التأثير على صناعة القرار فيها على غرار ما يفعله «اللوبى» الداعم لإسرائيل، فالأمر يتطلب إرادة سياسية جادة وتنظيمًا وتنسيقًا للقدرات والأدوات سواء السياسية أو الإعلامية، والجاليات العربية والمسلمة ومن ذوى الأصول الإفريقية يمكنها أن تلعب أدوارًا حيوية فى هذا المجال إذا ما وجدت الإطار المنظم لتحركاتها والقادر على توجيهها فى المسار الصحيح. نعم يستطيع العالم إذا ما أراد بحق - أن يعاقب إسرائيل، ويجبرها على الامتثال لقواعد القانون الدولى، وإذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو معجبًا بتجربة «إسبرطة» ويريد تكرارها، فعليه أن يقرأ التاريخ بصورة صحيحة ليجيب عن سؤال: أين هى إسبرطة اليوم؟ وكيف زالت من خريطة العالم رغم كل ما أحدثته من ضجيج فى عصرها؟! رسائل النجم الساطع تدريب النجم الساطع هذا العام مختلف، ليس فقط بسبب حجم المشاركة الدولية الواسعة (44 دولة) أو بسبب استخدام أحدث المعدات والتقنيات العسكرية، ولكن لأنه يأتى فى ظل مرحلة بالغة الدقة من عمر المنطقة والعالم، وقدرة كل هذه الدول ممثلة فى عناصر من جيوشها الوطنية على العمل معًا والمشاركة فى مهام تدريبية وقتالية متقدمة تمثل رمزية خاصة ودليلًا على إمكانية العمل معًا من أجل أهداف تخدم مصالح الجميع. أحد أهم التدريبات ضمن تدريب «النجم الساطع» كان التصدى لبؤرة إرهابية، وهى إشارة ولمحة بالغة الدلالة على أن مصادر الخطر على العالم لا تزال موجودة ويتمثل أحدها فى التنظيمات الإرهابية التى تحولت فى العقود الأخيرة إلى خطر عالمى يستوجب أيضًا مواجهة جماعية دولية، والتعاون العسكرى فى قلب تلك المواجهة المطلوبة. عمليات التفتيش البحرى وتأمين الشواطئ والتى كان لى شرف متابعة جانب منها من على ظهر حاملة المروحيات المصرية «جمال عبد الناصر» - جسدت أيضًا أحد مشاهد التعاون الدولى فى التصدى لعصابات تهريب البشر، وأبرزت قدرات التعاون بين الدول على التصدى لهذا الشكل من الجريمة المنظمة الذى يستفحل جراء ظروف سياسية وأمنية واقتصادية مضطربة فى العديد من دول العالم. الرسالة الأهم - فى تقديرى - والتى يمكن استخلاصها من هذه النسخة المتميزة من تدريب «النجم الساطع» هى قدرة مصر على بناء تحالفات استراتيجية بناءة ومثمرة، ومد جسور التواصل والتعاون مع العديد من دول العالم، فى لحظة مليئة بصخب الاستقطابات الدولية، وأبواق الدعوة إلى الصراعات والصدام بين الدول والحضارات والأديان، وهى رسالة بالغة الأهمية تعكس تمسك مصر وإيمانها بقوة المنطق فى مواجهة منطق القوة. فضلًا عن تأكيد وتجسيد قدرة الجيش المصرى الوطنى على العمل مع الأشقاء والأصدقاء من أجل خدمة أهداف السلامة والاستقرار، فهو يمتلك القوة ليحمى الأرض لا ليهدد الجيران، ويطور قدراته ليصون الأمن القومى المصرى ويردع كل من تسول له نفسه أن يمس أمن مصر وأهلها. الإعلام والحكومة.. حوار بنّاء وإصلاح منتظر على مدى أكثر من ثلاث ساعات دار حوار شامل بين عدد من رؤساء التحرير والإعلاميين فى حضور رؤساء الهيئات الإعلامية، مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، فى تقليد يحرص عليه رئيس الوزراء حتى وإن فرضت التزامات العمل وانشغالاته أن يُعقد هذا اللقاء على فترات متباعدة. وإلى جانب الكثير من المعلومات الضرورية والمهمة التى طرحها الدكتور مدبولى على طاولة النقاش البنّاء، ورده على عشرات الأسئلة باستفاضة وشفافية، لكن كان الحديث عن علاقة الحكومة والإعلام ربما هو القاسم المشترك فى معظم مداخلات المتحدثين، الذين شرفتُ بأن أكون من بينهم. والحقيقة أن ملف العلاقة بين الحكومة وبين وسائل الإعلام ذو شجون، فالحكومة بما تمتلكه من مؤسسات ووزارات وأجهزة تنفيذية هى المورد الأهم للمعلومات، وأهمية هذه المعلومات لا تقتصر فقط على مبدأ الإتاحة، بل يرتبط أيضًا بأولوية توقيت تلك الإتاحة، وجودة المعلومات المتاحة. فلا يكفى على سبيل المثال أن يكون رد كثير من المتحدثين الإعلاميين فى الوزارات والجهات المعنية - إذا تفضلوا بالرد - أنه سيصدر بيان من الوزارة به ما تريد نشره من معلومات لوسائل الإعلام، قد يكون البيان الصحفى أداة مهمة فى بعض الأحيان، لكنه غير كافٍ فى معظم الأحيان، فأسئلة الرأى العام الذى تعبر عنه وسائل الإعلام متعددة ومتنوعة، وأحيانا يكون توقيت الرد بمعلومات أولية أفضل كثيرًا من الرد المتأخر حتى ولو جاء تفصيليًا. كما لا يجوز اختصار العلاقة بين مؤسسات الدولة وبين وسائل الإعلام فى مجرد إصدار بيانات مقتضبة أو معلومات جامدة لا تسمن ولا تغنى من جوع دائم لدى الصحفيين والإعلاميين لمعرفة تفاصيل ضرورية، وبناء معالجات متنوعة تمنحها التفرد والتميز فى تقديم خدمتها الصحفية لجمهور القراء والمشاهدين والمتابعين. المسألة - فى ظنى - تتجاوز حدود مراجعة منظومة التواصل الحكومى مع وسائل الإعلام، بما فيها مراجعة تجربة المتحدثين الإعلاميين للوزارات وما قدمته من خدمة حقيقية للطرفين معًا: الحكومة والإعلام، بل يمتد الأمر إلى ضرورة تغيير الفكرة الحاكمة لطبيعة العلاقة بين الجانبين. يجب أن تنطلق الرؤية لدى الحكومة من أن وسائل الإعلام شريكة فى بناء المعرفة وتشكيل الوعى الإيجابى لدى الجمهور، وهو أمر بات بمثابة «فرض عين» على الجميع فى هذه المرحلة بالغة الأهمية، وما لن يجده المواطن فى وسائل الإعلام الوطنية بمحتوى مهنى يحقق الهدف المنشود، سيبحث عنه فى وسائل وقنوات ومنصات أخرى قد لا تكون على نفس القدر من المهنية، ولا بنفس الدرجة من نزاهة الأهداف! وأتصور أن التكليف الصادر من الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة وللهيئات الإعلامية بطرح خريطة طريق لتطوير الإعلام فرصة لنا جميعًا، فى الحكومة وفى وسائل الإعلام لمراجعة جادة وشاملة وموضوعية لمنهج وأساليب العمل. ولا بد أن نتحلى جميعًا بالشجاعة على النقد الذاتى ومعالجة مواطن الخلل، ليس من قبيل تصيد الأخطاء، بل بهدف الإصلاح والتطوير الجاد، فكلنا فى خندق واحد، وكل منا يسعى لتأدية واجبه تجاه وطنه ومسئوليته ومهنته، والتعاون والتقدير المتبادل هو جسر الوصول إلى النجاح المشترك.