أحمد سيد فى نفس هذا التوقيت من كل عام، تعلن نقابة المهن السينمائية ترشيحها لفيلم مصرى للمنافسة على جوائز الأوسكار، وقررت اللجنة هذا العام ترشيح فيلم «هابى برث داى» ممثلًا عن مصر لأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية، ورغم أن هذه الترشيحات لم يكتب لها التوفيق من قبل فإن هذا التقليد تتبعه النقابة لحفظ الحق فى الترشيح كل عام، ولكن هناك عدة علامات استفهام نطرحها من خلال هذا التحقيق ونحاول الإجابة عنها، ولعل من أبرزها ما آلية اختيار أعضاء اللجنة التى ترشح الفيلم للأوسكار، وما آلية عملها، وما المعايير التى تعتمد عليها اللجنة فى اختيار الفيلم المشارك فى الأوسكار؟ فى البداية يقول المخرج مسعد فودة نقيب المهن السينمائية إن النقابة هى الجهة المسئولة رسميًا عن اختيار الفيلم الذى يمثل مصر فى المنافسة على جائزة الأوسكار، وتحديدًا فى فئة أفضل فيلم دولى (غير ناطق بالإنجليزية)، ويشير إلى أن هذا التقليد بدأ منذ سنوات طويلة، وأصبح معمولًا به بشكل مستمر، حيث يتم تشكيل لجنة متخصصة كل عام لمهمة التقييم والترشيح، وهى لجنة تختلف تركيبتها جزئيًا من عام لآخر بحسب ما تقتضيه الظروف والاعتبارات الفنية.. ويضيف مسعد: منذ أن تم إسناد هذا الملف إلى النقابة، تقوم الأخيرة بإرسال قائمة مفصلة إلى اللجنة العليا بأكاديمية الفنون والعلوم المسئولة عن الأوسكار، وتتضمن أسماء عدد كبير من النقاد السينمائيين والمبدعين، حيث يصل عددهم فى المعتاد إلى حوالى 60 أسمًا، يمثلون نخبة من العاملين فى المجال النقدى والفنى بمصر. وتعد هذه القائمة بمثابة الإطار المرجعى لاختيار أعضاء لجنة التصويت، والذين يكونون مسئولين عن مشاهدة الأفلام المتقدمة، ثم التصويت لصالح أحدها ليكون هو الممثل الرسمى لمصر فى تلك الجائزة العالمية الرفيعة.. ويشير فودة إلى أن هناك بعض المرونة فى تشكيل اللجنة، حيث يتم فى بعض الأحيان إضافة عدد من الكتاب المبدعين والفنانين أو الأكاديميين المتخصصين فى النقد أو السينما، إذا رأت النقابة أن إضافتهم ستثرى النقاش وتضفى طابعًا أكثر تنوعًا على عملية الاختيار، مؤكدُا أن هناك نظامًا داخليًا معمولًا به يخص مدة العضوية فى اللجنة، إذ يسمح للناقد أو العضو بالبقاء فيها لمدة تصل إلى سبع سنوات متواصلة، وبعد انقضاء هذه المدة، يتم استبعاده مؤقتًا لمدة عامين متتاليين على الأقل، ثم يعاد إدراجه فى القائمة لاحقًا إذا اقتضت الحاجة. معايير فنية ومهنية أما المونتيرة رحمة منتصر عضو لجنة الأوسكار، ترفض بشكل قاطع الإفصاح عن تفاصيل آلية عمل اللجنة، أو المعايير الفنية والمهنية التى يتم اعتمادها عند تقييم الأفلام المشاركة، وترجع ذلك إلى أن هذه المعلومات تعد من ضمن الأسرار الداخلية الخاصة باللجنة، والتى لا يجوز الإعلان عنها للرأى العام أو الإعلام، حفاظًا على سرية الإجراءات وضمانًا لنزاهة العملية برمتها. وأكدت أن اللجنة تمارس عملها باستقلالية تامة، وأن نشر مثل هذه التفاصيل قد يفتح الباب أمام التأثيرات الخارجية. معايير فنية بحتة بينما يقول الناقد طارق الشناوى عضو لجنة الأوسكار، أن أعضاء اللجنة يتم ترشيحهم بداية من قِبل نقابة السينمائيين، وذلك بناءً على سيرهم الذاتية ومكانتهم فى الوسط الفنى، ثم ترفع هذه الترشيحات إلى اللجنة العليا بأكاديمية الفنون والعلوم المسئولة عن الأوسكار لاعتمادها بشكل نهائى.. ويوضح طارق: أن مسعد فودة نقيب السينمائيين لا يتدخل بأى شكل من الأشكال فى تحديد الأسماء أو التأثير على عملية الاختيار، مؤكدًا أن اللجنة تعمل بشكل مستقل تمامًا عن النقابة أو أى جهة تنفيذية، وأن قراراتها تتخذ من خلال نقاشات جماعية تنتهى بالتصويت، حيث يتم اعتماد الرأى الذى يحصل على الأغلبية المطلقة.. ويضيف طارق: أما عن آليات عمل اللجنة، فنحن نجتمع مرتين الأول يتم فيها اختيار قائمة قصيرة للأفلام الأفضل التى يمكن أن ترشح للأوسكار، والاجتماع الثانى يتم فيه اختيار الفيلم الأفضل، وأما بالنسبة للمعايير التى يمكن الاعتماد عليها فى اختيار الفيلم، فهى معايير فنية بحتة ورؤية كل عضو فى العمل الفنى، فضلًا عن أنه يمكن أن نعتمد فى الاختيار على مدى تأثير الفيلم على الغرب، حيث بفضل اختيار أفلام شاركت فى مهرجانات عالمية وحققت جوائز، وهذا يدعم موقفه كثيرًا فى الاختيار، حيث نضع أنفسنا موضع المحكم الأجنبى بلجنة الأوسكارونأمل أن يحقق فيلم هابى برث داى ما فشلنا فيه سابقاً خاصة أن محمد دياب وزوجته لهما علاقات جيده فى أمريكا. تذوق شخصى وانطباع ذاتى من جهته، يشير الناقد عصام زكريا عضو لجنة الأوسكار إلى نقطة محورية، وهى أن عملية اختيار فيلم يمثل دولة بأكملها فى مناسبة دولية كجائزة الأوسكار، لا يمكن أن تخضع لمعايير فنية جامدة أو معادلات ثابتة، وذلك لأن الفن بطبيعته هو مجال للتذوق الشخصى والانطباع الذاتى.. ويضيف عصام : أن كل عضو فى اللجنة له رؤيته الخاصة، وخلفيته الثقافية، وميله الشخصى لبعض الأنماط الفنية دون غيرها، وهو ما يجعل الاختيارات دائمًا نسبية، موضحًا أنه من الممكن أن تجتمع اللجنة نفسها بعد شهرين أو ثلاثة، وفى ظل مزاج عام مختلف أو مناقشات أكثر عمقًا، قد ينتهى بها الأمر إلى ترشيح فيلم مختلف تمامًا عما تم الاتفاق عليه مسبقًا، وهو ما يعكس الطابع المتغير والمرن لهذه العملية.