سلسلة من الأزمات التي تعاني منها السينما بسبب حالة التخبط الإداري والفني الذي نعيشه في الفترة الأخيرة، كانت أخر هذه الأزمات "أزمة ترشيح الفيلم المصري لجائزة الأوسكار". و تعتبر نقابة المهن السينمائية المسئولة عن هذا الملف، وقد قامت بتشكيل لجنة لاختيار الفيلم، وبالرغم من ذلك تم ترشيح فيلم "بتوقيت القاهرة" في وقت متأخر بعد أن أعلن "الأوسكار" عن قائمة الأفلام المشاركة في أوائل أكتوبر، المثير في الأمر أن جميع الأطراف تلقي بالاتهامات على الطرف الآخر، حيث أن النقابة تحمل اللجنة مسئولية التأخير واللجنة تلوم النقابة على تقاعسها في إدارة الأمور، وفي النهاية النتيجة سلبية ومحاولة اللحاق ب"الأوسكار" ضعيفة إذا زاد الإهمال ولم يلحق بالقائمة النهائية للأوسكار في 30 أكتوبر. كان ترشيح الفيلم المصري للأوسكار مسئولية المهرجان الكاثوليكي للسينما، الذي كان يتحمل مسؤولية تشكيل لجنة من الخبراء يتم من خلالها اختيار الفيلم، وبعد فترة قررت وزارة الثقافة أن يتم إسناد المهمة إلى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي باعتباره يتواصل بشكل كبير مع أكاديمية الفنون والعلوم، وفي نهاية الأمر تم الاستقرار على نقابة المهن السينمائية كونها الجهة المسئولة بشكل مباشر عن السينما، فضلا عن أن أغلب دول العالم يتم ترشيح الفيلم المحلي للمشاركة في مسابقات "الأوسكار" عن طريق نقابة السينمائيين. وتتقدم كل دولة بفيلم ذو ثقل إلى الأكاديمية للمشاركة في "الأوسكار"، التي بالرغم من كونها جائزة محلية داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أن لها أهمية كبيرة على مستوى التغطية الإعلامية والشهرة، ويتم اختيار فيلم واحد عن طريق اختيار مجموعة من الفنيين المحليين, ثم تعرض هذه الأفلام القادمة من البلاد الأجنبية أمام لجنة خاصة ترشح بدورها 5 أفلام فقط ليفوز أحدها بالجائزة, وتمنح الأربعة أفلام الأخرى شهادة ترشيح, أما بقية الأفلام التي مثلت بلادها فتمنح شهادة اشتراك فقط. وعلى مدار تاريخ السينما المصرية لم ينجح فيلم مصري في الوصول إلى درجة الترشح ل"الأوسكار", باستثناء الفيلم الوثائقي "الميدان" للمخرجة جيهان نجيم الذي يدور أحداثه حول أيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011. ومنذ أن آلت المسؤولية إلى نقابة المهن السينمائية لاختيار الفيلم المصري ل"الأوسكار"، وتسببت في أزمتين متتاليتين، الأولى كانت العام الماضي من خلال ترشيح فيلم "فتاة المصنع"، حيث تم الإعلان عن فيلم آخر قبل أن يعاد التصويت مرة أخرى ليتم الإعلان عن "فتاة المصنع" ليمثل مصر في "الأوسكار". أما الأزمة الثانية، فهي التي نحن بصددها، وهي أزمة تأخر الإعلان عن الفيلم المرشح حتى تسبب ذلك في إعلان الأكاديمية القائمة الخاصة بالأفلام المشاركة في "الأوسكار" ليس من بينها مصر، وبالرغم من ضعف المشاركة، إلا أن النقابة أعلنت أخيرا عن ترشيح فيلم "بتوقيت القاهرة" للمشاركة لحفظ ماء الوجه، المثير في الأمر أيضا غياب تام للجنة، التي لم تجتمع مرة واحدة من أجل أن تقر وتختار الفيلم، لدرجة وصلت أن عدد من أعضاء اللجنة قرروا رفع المسؤولية عن أنفسهم بسبب عدم تحديد موعد لعقد الاجتماع، لذلك قرروا إرسال خطاب رسمي به ترشيحا تهم للأفلام التي يمكن أن ترشح ل"الأوسكار"، وبناءً عليه قررت النقابة الإعلان عن فيلم "بتوقيت القاهرة"، ورغم عدم تصويت بعض أعضاء اللجنة التي شكلتها النقابة برئاسة المخرج علي بدرخان، الناقد سمير فريد، الناقد طارق الشناوي، الناقد كمال رمزي، الناقد محمود عبد الشكور، مدير التصوير سعيد شيمي، المنتج محمد العدل، المخرجة هالة خليل، السيناريست عبد الرحيم كمال، مهندس الديكور فوزي العوامري، ومدير التصوير محسن أحمد. قائمة أولية يقول المخرج مسعد فودة، نقيب السينمائيين: "رشحنا فيلم (بتوقيت القاهرة) بناءً على اختيار اللجنة، ومن المقرر أن نرسل الفيلم إلى الأكاديمية، أتصور أن فيلم "بتوقيت القاهرة" الأنسب لتمثيل مصر في الأوسكار". وعن الأزمة الأخيرة يقول مسعد فودة: "ليس هناك أي أزمة، حيث أنه تم اختيار الفيلم، ولم يتم غلق باب الترشح حتى الآن، حيث أن القائمة التي تم الإعلان عنها في الفترة الماضية هي القائمة الأولية، وسيتم الإعلان عن القائمة النهائية في 30 أكتوبر الحالي". لا أعلم يقول الناقد كمال رمزي، عضو اللجنة الخاصة بترشيح الفيلم المصري: "لم أشهد أي اجتماع للجنة، ولم يتم إخطاري باختيار الفيلم المرشح للأوسكار، فكل ما شاركت فيه الخطاب الرسمي الذي تلقيته من النقابة بشأن انضمامي للجنة، وعموما بالرغم من تأخرنا كثيرا في الإعلان عن الفيلم المرشح، إلا أن من الصعب أن ينافس الفيلم ضمن المسابقة لأننا نفتقد للكثير من التقنيات والفنيات والمضمون الجيد من أجل المنافسة على الأوسكار، لكن يبقى أيضا أنه من المهم أن نشارك". غياب النقابة ويصف الناقد عصام زكريا أزمة اختيار الفيلم المصري للترشح ل"الأوسكار" أنه تقاعس من جانب النقابة واللجنة التي تم تشكيلها، حيث أن النقابة تقاعست عن تأدية واجبها في ترشيح الفيلم في موعده حتى تم إغلاق باب التقدم في بداية أكتوبر الحالي، وتم ترشيح جميع الأفلام الأجنبية منذ فترة، وترشيح الفيلم في هذا التوقيت يعني أمرين الأولى: أنها مفارقة مضحكة، والثاني: أنهم تعمدوا إعلان نشر الخبر لتغطية على فضيحة تأخرهم عن الاختيار والتقدم بالترشيح.