لقد بلغنا مرحلة غير مسبوقة من العبث الصهيوني، مرحلة لم يعد فيها لهذا الكيان الغاصب أى التزام بحدود أو قوانين أو حتى اعتبارات إنسانية أو سياسية. إن ما يجرى اليوم فى منطقتنا العربية على يد هذا العدو يمثل قمة الاستهتار بكل المواثيق الدولية، وضربًا صارخًا لكل الأعراف التى تنظم العلاقات بين الدول والشعوب ، نحن أمام مشهد لا يمكن وصفه إلا بالمخجل والمؤلم، الاحتلال الإسرائيلى لم يعد يكتفى باغتصاب الأرض وتشريد الشعوب، بل تجاوز ذلك إلى ممارسة القتل والتدمير الممنهج، دون أن يجد أمامه قوة توقفه أو موقفًا حاسمًا يردعه. والسؤال الذى يفرض نفسه هنا: إلى متى سيستمر هذا الصمت؟ إلى متى سنظل نرى مقدرات أوطاننا العربية تُنهب وتُهدر على مرأى ومسمع من الجميع؟ وإلى متى سيبقى المجتمع الدولي، بمؤسساته ومنظماته، يرفع شعارات زائفة عن حقوق الإنسان، بينما يقف عاجزًا أو متواطئًا أمام أبشع صور جرائم الحرب؟ إن ما وقع مؤخرًا فى الدوحة من اعتداء صهيونى لا يعدو كونه حلقة جديدة فى مسلسل طويل من الانتهاكات ، هذه الضربة لم تكن سوى البداية، وليست النهاية، لأن الكيان المحتل أدرك أن ردود الأفعال لا تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار، وأن الواقع العربى المنقسم يوفر له بيئة آمنة لمواصلة عدوانه. لكن الأمل ما زال قائمًا، والأمل اليوم معقود على القمة العربية الطارئة التى ستُعقد فى الدوحة، لبحث هذه التطورات الخطيرة ، نحن فى أمس الحاجة إلى أن تكون هذه القمة نقطة تحول حقيقية فى مسار الموقف العربى ، لم يعد هناك وقت للانتظار أو للتسويات الهشة أو للخطابات الدبلوماسية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ، المطلوب اليوم موقف عربى موحّد، صريح، وقوي، يعيد للأمة هيبتها وكرامتها، ويؤكد للعالم أن العرب لا يمكن أن يظلوا صامتين إلى ما لا نهاية. إن توحيد الصف لم يعد مجرد شعار نردده، بل أصبح ضرورة وجودية لا غنى عنها ، المرحلة التى نمر بها حرجة للغاية، وأى تهاون أو تراجع ستكون كلفته باهظة على حاضرنا ومستقبلنا.. حفظ الله أوطاننا العربية من كل شر، وحفظ الله شعوبنا من كل عدو يتربص بها.