أبناء جيلى والجيل الذى سبقنا تربينا على حواديت جداتنا وأمهاتنا عندما كنا لا نسمع الكلام فتروى لنا حواديت « أمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة « ، والتهديد بدهن أجسادنا بالعسل وحبسنا فى « الصندرة « لتلحس الفئران أجسادنا ، فتربينا على حواديت تؤرق نومنا ! لكن عرض «حواديت « للمخرج الكبير خالد جلال الفائز بأفضل عرض جماعى فى المهرجان القومى للمسرح المصرى ، هى حواديتى وحواديتك وحواديت جيراننا وأصدقائنا وأقاربنا ومعارفنا التى تتشابك فيها العلاقات وتتضارب فيها المصالح ، وتختلط فيها الأنانية بالتضحية ، حواديت تتنوع بالاحباط واليأس والتفاؤل والأمل والمرض والموت والطمع والجشع والوجع ! 40 ممثلاً وممثلة يتحركون فى 20 متراً بانضباط مُتقن يديره مخرج متمكن يمسك بخيوط اللعبة .. وتعاونه فى انضباط العرض المخرج المنفذ علا فهمى لصناعة سيمفونية من المتعة المتناسقة فى الإضاءة والدلالات الرمزية فى المشهد المسرحى والذكاء فى اختيار المقاطع الغنائية التى تعبر عن خلاصة اللوحات الدرامية ، وكل ممثل فى العرض لديه « حدوتة « يرويها ويشارك الجميع فيها ، الحواديت منا ومن واقعنا ، تُبكينا وتضحكنا ، تُشعرنا بالأسى كما فى لوحة رائعة « أصبح عندى الآن بندقية .. إلى فلسطين خذونى معكم « لأم كلثوم ونزار قبانى وعبد الوهاب ، ووفاة مؤديها فى نهاية اللوحة يحمل إسقاطاً على المأساة الفلسطينية !! فشل «الجن « فى تحقيق طلبات أصحاب الحواديت لا يعنى فقط أنها مستحيلة ، وإنما يعنى أن الارتكان للخرافة لن يحقق طلباتنا ، نحن من نصنع حواديتنا فنجلب السعادة لأنفسنا والعكس صحيح ، شكراً للأداء المُتقن الذى قدمه 40 فناناً وفنانة وُلدت نجوميتهم على يد صانع النجوم الذى وُلد على يديه عشرات من قبلهم تفجرت مواهبهم من خلال مركز الإبداع الذى يضخ من خلاله خالد جلال دماء متجددة فى شرايين الدراما ، فشكراً له .