كوب الماء البارد فى تلك اللحظة أنفع وأجدى، وأظنه أيضًا أعمق ثوابًا كم أنت رائق يا على !، هكذا وجدت نفسى أرد على مكالمة صديقى الجميل على أبو الخير الذى أيقظنى منذ يومين من عز النوم لأفاجأ به يقول لى: اصحى يا إتش العالم كله بعتلى يهنئنى بعيد ميلادى وأنت تغط فى سبات عميق؟! قم يا رجل لتقول لى كل سنة وأنا طيب..ألا يكفيكم أيها الأصدقاء أنى لا أكلفكم هدايا ولا حتى تورتة أو شمعة يتيمة ولا بلالين ولا غيره؟!..لبيت النداء طبعا وهنأت عليًا بعيد ميلاده وأغلقت السماعة وأنا أضحك مع نفسى من هذا التصرف الطفولى من صديقى على الذى لم يفقد بعد براءة الأطفال حتى وهو يطفىء الشمعة الرابعة والستين من عمره ومع ذلك يحتفل بعيد ميلاده بل ويطلب من أصدقائه أن يهنئوه ولو تليفونياً عاتباً علينا لو نسيناه. وعندما اقول له يا رجل أنا أنسى ماذا تناولت فى طعام الغداء فكيف تتوقع منى أن أتذكر تاريخ ميلادك؟ فيرد غاضبا: فلتنس غداءك وعشاءك وأنس لو شئت اسمك لكن لا تنس عيد ميلاد صاحبك وأخوك يا جدع انت!. لا أبالغ لو قلت أن عليا ينطبق عليه حقا تعريف رسول الله صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح الذى مثله مثل حامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة- هذا هو على أبو الخير بكل تفاصيله فلن تجده إلا وهو يمسك بيده كولونيا جميلة يحذيك منها أنت وكل من يقابله فى طريقه عرفه أو لم يعرفه. وهب وقته كله ليسعد الناس كل الناس ولا يغلب فى إيجاد طريقة يومية لذلك مثل أن يستعين بصديقنا طارق الطاهر ليقوما بتسقيع بعض زجاجات المياه لتوزيعها على العطاشى فى الشارع وفى المواصلات والسيارات ليطفئ بها لهيب حر شمس أغسطس. اداعبه قائلًا لماذا لا توزع على الناس نقودًا ستكون أفضل لهم فى هذه الظروف التى يعانى فيها الجميع يقول بثقة: كوب الماء البارد فى تلك اللحظة أنفع وأجدى، وأظنه أيضًا أعمق ثوابًا. لم أقابل فى حياتى شخصًا بارعًا فى اكتساب الأصدقاء الجدد مثل على، منحه الله تعالى قبولًا غير عادى، أحسبه من هؤلاء الذين يحبهم الله الذى إذا أحب العبد، نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادى فى أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض، فيكفى أن يلتقى على بأحد للمرة الأولى فى حياته ليتحول فى فيمتو ثانية وكأنه ولى حميم ليضيف على فى زمرة أصدقائه فردًا جديدًا يتابعه بالسؤال عنه وعن أحواله دون كلل ولا ملل فى فعل يومى ليس من قبيل الأعمال الروتينية التى يقوم بها كل منا بل من الأعمال القلبية التى لا يعرف على الحياة بدونها، لذا وبمجرد أن أستيقظ كل صباح أفتح تليفونى على رسائل على أبو الخير الذى يخبرنا لحظة بلحظة بكل جديد فى حياة أصدقائنا المشتركين وما أكثرهم، فلان بعافية شوية اتصل به على الأقل للاطمئنان، تعالى نزور فلان الذى لم نره منذ فترة، فلان يزوج ابنته فى اليوم الفلانى وسنتجمع لنذهب سويًا، رتبت مع صديقنا الفلانى ليمر عليك يصطحبك إلى مكان الفرح فكن على الموعد، تقرر صلاة الجنازة على قريب صديقنا فى مسجد كذا عقب صلاة الظهر، لا تضيع على نفسك قيراطًا على الأقل فى الجنة. لا يطيق على أن يرى أحدا من أصدقائه حزينا أو مهموما أو سارحًا، يسأل ويتحرى عن السبب ليحاول مستعينًا بالله عز وجل أن يجد لك حلًا لما تعانى، فإذا أعيته الحيل فاجأك مثلًا بتنظيم عشوة جماعية أو رحلة شاطئية أو نزهة بفلوكة على النيل، أقول له مستنكرًا :فلوكة إيه وفسحة إيه بس ياعلى فى الظروف دي؟ فيرد قائلًا: ماتحاولش خلاص أنا رتبت كل حاجة مع بقية الأحباب الذين جمعنا الحب فى الله، وفى الموعد المحدد تمخر بنا الفلوكة عباب النهر الخالد فتمتد أيدينا لتداعب بأصابعنا ما نستطيع أن نلمسه من مائه الطاهر لنعود بعد ساعة أو اثنتين للشط مرة اخرى وقد غسلنا همومنا فى أعماق النهر. كم وددت يا صديقي أن تكون هناك نسخ كثيرة منك تملأ أركان الكون بهجة وسعادة وأملا وتفاؤلا فأنت كما وصفك رفيق دربك الغالى أحمد خليل: اجمل عليوة فى الدنيا، أطيب قلب وأوفى صديق وأبر أخ ، فأنت نعمة غالية من نعم الله على كل من يعرفك، قلما يجود الزمان بمثلك، أطال الله بقاءك وأحسن أحوالك وأصلح حياتك ورزقك من الخير فوق ما ترجو وصرف عنك من السوء فوق ما تحذر، وكل عام وأنت علي أبو الخير.