في مشهد يعكس روح التآلف المصري الأصيل، يحتفل المسلمون والأقباط معًا بعيد السيدة العذراء، حيث تتحول المناسبة الدينية إلى عيد شعبي ينبض بالمحبة والمشاركة والدفء الإنساني. انهيار عقار قديم بمنطقة الجمرك في الإسكندرية رانيا إبراهيم، إحدى المشاركات في الاحتفالات، تقول إن "العدرا بتجمع أحبابها من المسلمين والمسيحيين"، مؤكدة أن صوم السيدة العذراء من أحب المناسبات إلى قلبها، وتحرص سنويًا على إعداد احتفال خاص باعتباره "عيدًا مصريًا أصيلًا". وأضافت أنها جهزت هذا العام، أكثر من 150 كيسًا تحتوي على القرص، البسكويت، الحلوى، إضافة إلى الشموع والورود البيضاء والزرقاء لتوزيعها على الجيران، مسلمين وأقباط. وفي أحد أحياء الإسكندرية، عبّر عم مصطفى، صاحب ورشة أثاث، عن فخره بالمشاركة في التهاني، قائلاً: "نحن أسرة واحدة. جيراني الأقباط يهدوننا الحلوى في العيد، ونحن نردها بالفوانيس والحلويات في رمضان"، مضيفًا أن هذه المبادلات البسيطة تعزز أواصر المحبة وتمنح الحياة طاقة من الفرح والسعادة. فيما استرجعت فبرونيا نسيم، ذكريات الطفولة حين كانت جدتها تخبز كميات كبيرة من "القرص" وتوزعها أمام الكنيسة بمشاركة العائلة، وتقول إن الطقس تطور ليشمل توزيع الحلوى، الصور، والشموع، ما يمنح العيد أجواء مبهجة للجميع، كبارًا وصغارًا. أندرو نسيم، شماس شاب في الكنيسة، يصف فرحته بقوله: "أجمل لحظة بالنسبة لي هي رؤية ابتسامات الناس عند تلقيهم الهدايا"، مؤكدًا أنه يرتدي زيه الكنسي للمشاركة في الصلوات، ثم يعود لتوزيع الأكياس التي أعدتها والدته للجيران. أما عم جمال، أحد الجيران المسلمين، فيعتبر المناسبة "يومًا من البركة والتلاحم بين الناس"، مشيرًا إلى أن هذه العادات تعكس "طاقة من الحب تعزز المودة وتوطّد العلاقات بين الجيران". وتقول أم محمد، إحدى سيدات الحي، إن هذه الطقوس تعبر عن "صورة إنسانية راقية"، مشددة على أن "المحبة أقوى من الاختلاف"، ومؤكدة أن ذكرى السيدة العذراء مناسبة تحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين، مهما اختلفت دياناتهم. وهكذا، يبقى عيد السيدة العذراء في الإسكندرية رمزًا حيًا للمحبة المصرية الخالصة، حيث تتوارث الأجيال عادات المشاركة والتآخي، في مشهد يؤكد أن القلوب يمكن أن تلتقي دائمًا على الخير، رغم كل ما يفرقها من معتقدات.