فيما يُعد بداية لاحتلال أطول أمدًا أو بذور لفرض واقع جديد يغيّر جغرافيًا وسياسيًا الوجود الفلسطيني في القطاع، وفى تصعيد جديد هزّ المنطقة وأعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة التوترات الدولية، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مساء 7 أغسطس، أن مجلس الوزراء اعتمد خطةً لمرحلة مُقبلة من العمليات العسكرية تستهدف السيطرة على غزة سياسيًا وعسكريًا، مع تركيز مبدئي على استعادة السيطرة على غزةالمدينة، وتحويلها لمنطقة خاضعة لوجود عسكري إسرائيلي مؤقت مع نية إزاحة أو تفكيك هياكل المقاومة المحلية، وإقامة إدارة مدنية بديلة لا ترتبط بحماس أو بالسلطة الوطنية. ◄ القاهرة تحشد الدبلوماسية العربية والإسلامية.. وتؤكد: «لن نصمت أمام محاولة تصفية القضية» ◄ «الخارجية»: نرفض فرض الأمر الواقع بالقوة.. والقرار مواصلة لحرب الإبادة بالقطاع ◄ خبراء: إسرائيل تشعل المنطقة.. ومصر ستبقى خط الدفاع الأول عن الحق الفلسطيني ■ مصر تقف كحائط صد ضد محاولات تهجير سكان غزة سريعًا أدانت الحكومة المصرية بشدة قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على خطة السيطرة العسكرية على غزة، وما يُمكن أن يعقبها من محاولات لفرض السيطرة على كامل قطاع غزة، ووصفت القاهرة القرار - في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية بأنه مُحاولة لترسيخ الاحتلال الإسرائيلى غير المشروع للأراضى الفلسطينية، ومواصلة لحرب إبادة فى غزة، مؤكدة أنه يُمثل انتهاكًا صارخًا ومرفوضًا للقانون الدولي والإنساني، ودعت مصر المُجتمع الدولى ومجلس الأمن إلى التحرك الفورى لوقف ما وصفته ب«سياسة العربدة وغطرسة القوة» قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة إنسانية وإقليمية أعمق، بيان وزارة الخارجية أدان القرار واعتبره محاولة ل«تصفية القضية الفلسطينية» و«تقويضا لحق الشعب الفلسطيني فى تقرير مصيره»، و«انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني»، وجددت مصر مُطالبتها بوقف سياسة التجويع والقتل المُمنهج، التي تُسهم فى تأجيج الصراع ونشر التطرف بالمنطقة، كما طالبت مجلس الأمن والدول الكبرى بالاضطلاع بمسئولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية لمنع تحول قرار الاحتلال لوضع دائم يُغير الحقائق على الأرض. وفي اتصال هاتفي تلقاه من رئيس دولة فلسطين محمود عباس، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، موقف مصر الثابت والداعم للشعب الفلسطيني الشقيق، مُشيرًا إلى استمرار الجهود والمساعي المصرية المُكثفة لوقف إطلاق النار بغزة، وإدخال المُساعدات الإنسانية لسكان القطاع، والسعى لإطلاق سراح الرهائن والأسرى، مع التشديد على رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، بينما أعرب الرئيس الفلسطيني عن خالص شكره وتقديره للمواقف المصرية الراسخة والداعمة للقضية الفلسطينية، وللمُساعدات الإنسانية المُستمرة التى تُقدمها مصر للشعب الفلسطيني، لاسيما فى ظل الظروف الإنسانية الكارثية التى تشهدها غزة. ■ إسرائيل تسعى لفرض الاحتلال الكامل بقطاع غزة ◄ مواقف قوية ووفقًا للسفير محمد الشناوي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهوررية أشاد الرئيس محمود عباس بالمواقف القوية التى تتخذها مصر برفض تهجير الشعب الفلسطيني، مؤكدًا وقوف دولة فلسطين بجانب مصر، قيادةً وجيشًا وحكومةً وشعبًا، في مواجهة أي محاولات لزعزعة أمنها واستقرارها، كما حذّر من خطورة القرار الذى اتخذته الحكومة الإسرائيلية بإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه إلى الجنوب، مُعتبرًا أن هذا القرار يُعد جريمة جديدة تُضاف إلى سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، بما فيها القدس، مؤكدًا عزمه مواصلة التحرك السياسى على كافة المستويات، بما يشمل التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، وجامعة الدول العربية، ومُنظمة التعاون الإسلامى، لحشد الدعم الإقليمى والدولي ضد هذه المخططات، وشدد عباس على ضرورة تمكين دولة فلسطين من تولى مسئولياتها كاملة في غزة، مع التأكيد على أهمية الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وإدخال المُساعدات الإنسانية، وتولى دولة فلسطين المسئولية الأمنية بدعم عربي ودولي، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، بما يضمن وحدة النظام والقانون والسلاح الشرعى تحت مظلة الدولة الفلسطينية. خطة إسرائيل المُعلنة للسيطرة على قطاع غزة ليست سوى واجهة لمُخطط أوسع يهدف إلى احتلال القطاع بالكامل وتهجير سكانه، والحديث عن تحرير الرهائن كهدف أساسي ذريعة «زائفة»، بحسب الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات، والذى يُشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المُتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو ماضية فى تنفيذ مُخططها دون اكتراث للاعتراضات الدولية الواسعة، بما فى ذلك الرفض الأوروبى، وأرجع هذا التعنت إلى «الحماية الأمريكية المُطلقة» التي تتمتع بها إسرائيل، والتي تشمل الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسى بمجلس الأمن، مما يمنحها القوة لانتهاك القانون الدولى، مُضيفًا أن إسرائيل تستخدم مُصطلحات مثل «السيطرة الأمنية» كمراوغة وتحايل على مصطلح «الاحتلال» لتجنب التبعات القانونية الدولية، لافتًا إلى أن أولويات نتنياهو الحقيقية هى الحفاظ على ائتلافه الحاكم وإرضاء شركائه من اليمين المُتطرف، وليس بالضرورة استعادة المُحتجزين الذين لا يُمكن تحريرهم عسكريًا بل عبر التفاوض فقط. ◄ اقرأ أيضًا | مصر تطالب إسرائيل بتفسير حول ما يسمى ب«إسرائيل الكبرى» ◄ ضغط دولي وأضاف خبير العلاقات الدولية أن موقف القاهرة واضح ومُستمر وهو لا للنزوح، لا للتهجير، نعم لجهود إعادة الإعمار وحماية المدنيين، مُشيرًا إلى أن مصر ترى فى أى مُحاولة لفرض احتلال دائم مسعى لتصفية الحقوق الفلسطينية، ويجب مواجهتها دبلوماسيًا عبر مجلس الأمن ووسائل القانون الدولي، والقاهرة ستضغط على شركائها الإقليميين والدوليين لفرض سقف يمنع أي تغيير ديموغرافى قسرى، موضحًا أن القرار الإسرائيلي ليس مسألة عسكرية فحسب بل هو محاولة لإعادة كتابة الواقع السياسي، وأن الوصف الذي تتبناه مصر بأن هذه خطة لتصفية القضية ليس مُبالغة، لأن الاحتلال الدائم سيقوض شرعية أى حلّ بالدولتين. النائب كريم عبد الكريم درويش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب أكد أن هذا القرار يُمثل تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولى وميثاق الأممالمتحدة، موضحًا أن مثل هذه السياسات لن تؤدى إلا لتعميق الأزمة وإطالة أمد الصراع، فضلًا عن تداعياتها الكارثية على حياة المدنيين الفلسطينيين، من حصار خانق يؤدى لمجاعة مروعة وإبادة مُمنهجة للأبرياء، داعيًا لتحرك المُجتمع الدولى بشكل عاجل لوقف هذه المُخططات وحماية الشعب الفلسطيني من ويلات الحرب والتهجير القسري، مُشددًا على أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، مُطالبًا جميع القوى الفاعلة بتحمل مسئولياتها القانونية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطينى، مُشددًا على أن مصر كانت وما زالت تدعو للحلول السلمية وتغليب لغة الحوار، مؤكدًا أن الاستقرار لن يتحقق إلا عبر احترام سيادة الدول وحقوق الشعوب فى العيش بأمن وسلام، مُشيرًا إلى أن مصر، بقيادة الرئيس السيسى، ستظل السند الحقيقى للقضية الفلسطينية. درويش اعتبر أن سياسة بعض العواصمالغربية التى اكتفت ب«القلق» دون إجراءات ملموسة أعطت تل أبيب مساحة أكبر للتحرك، مُحذرًا من أن خطوات محدودة كوقف شحنات معدات عسكرية قد تكون البداية، لكنها غير كافية ما لم تترافق مع ضغوط سياسية مباشرة على القيادة الإسرائيلية. ◄ العسكري قبل السياسي ويرى الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لاستغلال الفراغ السياسي الحالي بإسرائيل، خاصة خلال عطلة الكنيست، لتمرير خطوات عسكرية حاسمة تجاه غزة، على رأسها استكمال احتلال ما تبقى من القطاع، موضحًا أن حديث نتنياهو يأتى في إطار الضغط على حركة حماس لإعادتها لطاولة المُفاوضات، رغم أن الواقع يُشير لعدم وجود مفاوضات فعلية حاليًا، نتيجة تشدد حماس في موقفها ومناوراتها مع الأطراف الوسيطة، خصوصًا مصر، مُشيرًا إلى أن الخيار العسكري بات أسبق من الخيار السياسي، حيث تُخطط إسرائيل لاستكمال السيطرة على ال25% المُتبقية من غزة، في ظل سيطرة فعلية حالية على 75% من مساحة القطاع. أما عن البيان المصري، فقال فهمي إنه لا يُعد مُجرد تضامن تقليدى؛ إنه تحذير عملى من دولة تجاور غزة وتتحمّل تبعات أى انفجار إنسانى أو أمني، فالقرار الإسرائيلي يضع الجميع أمام مُفترق طُرق، إما تفعيل رادع دولى حقيقي يُعيد التوازن ويمنع تحول قرار لحالة احتلال دائم، أو السير نحو دوامة تصاعدية جديدة قد تقود إلى مزيد من القتل والدمار والفرص الضائعة للسلام.