الصراع الدولى على النفوذ والثروات والعقول يدار بالإعلام.. والمعارك تخاض فى الفضاء الإلكترونى وشاشة الهاتف. الحديث عن الإعلام دائماً ما يكون حديثاً مرتبطاً بضمير الأمة، وعن سلاح من أسلحة الدفاع عن الدولة، فى زمن اختلطت فيه الأوراق، وتبدلت فيه مواقع القوة والضعف، وظهرت وسائل جديدة تستخدم لتزييف الوعى والتأثير على العقول. خاصة وأن أخطر ما يواجه أى أمة فى مرحلة تحولها التاريخى ليس فقط ما تفعله القوى المعادية لها، بل ما تفعله هى بنفسها إن أغفلت عن مواكبة أدوات العصر أو تلكأت وتقاعست عن إدراك الزمن. نحن الآن أمام مشهد بالغ التعقيد، ومرحلة فارقة فى حياة الوطن، وفى خريطة العالم من حولنا، مرحلة تجاوز فيها الإعلام كونه وسيلة لنقل الأخبار، وأصبح أداة صريحة فى إدارة الصراع الدولى على النفوذ والثروات والعقول.. فلم تعد المعارك تخاض على الأرض فقط، بل أصبحت تخاض فى الفضاء الالكتروني، وفى شاشة الهاتف، وفى عناوين الأخبار، وفى ترتيب الأولويات داخل عقل المواطن.. ولم تعد الحروب مجرد صراعات حدود أو جيوش، بل أصبحت حروب وعى. وإذا كان الإعلام فى الماضى قد أعتمد على المطابع والورق.. فإنه اليوم لا يعرف الانتظار.. كل مواطن يحمل فى يده منصة، وكل فكرة أصبحت مشروع رأى عام.. ومن هنا يأتى دور الإعلام الوطني، ليس فقط كناقل للخبر، بل كموجه للفكر، وحارس للقيم.. خاصة إننا فى حاجة ماسة لصناعة الحقيقة لمواجهة صورة زائفة تبث على مدار اللحظة من غرف مظلمة، تتحرك بأجندات للإضرار بالوطن ومصالحه.. وهنا تكمن الأزمة، ومن هنا أيضا يبدأ الحل. فمصر التى تخوض حرباً على أكثر من جبهة تنموية وأمنية وسياسية واقتصادية، تحتاج إلى إعلام يواكب خطتها وخط سيرها، لايتخلف عنه ولايبالغ فيه، إعلام يعلم أن الوطنية هى وضوح الرؤية وجرأة المواقف وصدق النوايا.. خاصة وإن الدولة تواجه حملة منظمة وشرسة.. وهو ما يتطلب إعلاماً وطنيا يدرك الفارق بين الدفاع والانكماش، ويفهم أن المهنية ليست حياداً بارداً فى معركة المصير، بل انحياز للحق دون تضليل أو تهويل.. فمعركة الوعى لاتخاض فقط بالكلمات، بل بالمصداقية، على اعتبار أن من لا يملك المصداقية لن يملك الجماهير، ومن لا يملك الجماهير لن يملك المستقبل. لابد أن ندرك أن هناك ضرورة ملحة لإعادة هيكلة منظومة الإعلام بمفهومها الأشمل.. فلم يعد القديم مصدر المعلومة الأول.. بل أصبح الجمهور يتنقل بين وسائل التواصل الإجتماعي، يبحث عن المعلومة والتحليل والانفعال العاطفى والسخرية أحياناً.. وإذا أراد الإعلام أن يحتفظ بجمهوره فعليه أن يجيد مخاطبته بلغته الجديدة لا بلغة الماضى فقط. ما نحتاجه هو إعلام محترف، نمنحه الثقة ليخوض المعركة، على أساس من الشفافية والمصداقية والوضوح.. نحتاج خطاباً جامعاً لامنقسماً.. فالمواطن لم يعد ينتظر التعليمات، بل ينتظر التفسير، ولم يعد يصدق الشعارات، بل يسعى وراء التحليل العاقل المقنع، فإذا أردنا أن نحصن وعى المواطن، فلابد أن نقدم له أدوات المعرفة لا وسائل التخويف.. لأن المعارك اليوم قائمة على الفكر وتُكسب بالعقول. آعتقد أن التحدى الآن ليس فى مواجهة خبر كاذب، بل فى رفع قدرة المواطن على أن يكتسب حصانة ذاتية تجعله يستطيع إفشال محاولات إختراقه.. وهذا لن يأتى إلا بإعلام يعرف دوره ويملك أدواته، إعلام واثق من نفسه فيكتسب ثقة الناس فيه. أرى أن الإعلام يقف اليوم أمام مسئولية تاريخية تتطلب أن يكون صانعاً للوعي،وليس مجرد ناقل للأخبار فقط، مدافعا عن الحقيقة، ودرعاً واقية للدولة فى مواجهة التحديات.. وهذا يبدأ من الشاشة ومن الصفحة ومن جملة تكتب تحمل الحقيقة وتعبر عن الناس وتخاطب الجمهور بلغته. وفى النهاية يجب أن تتضافر الجهود بين الدولة والمؤسسات الإعلامية والمجتمع المدنى لبناء إعلام وطنى قادر على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.. وأن يتم ذلك سريعا لأن الزمن لاينتظر. الحياة.. «وشات جى بى تو» عاد الزوج من عمله فى موعده المعتاد يوميا.. فتح باب المنزل.. لم يشم رائحة الطبيخ.. ولم يسمع صوت زعيق الزوجة.. المنزل هادئ على غير العادة.. فجأة سمع صوتا يخرج من غرفة النوم.. اتجه نحوه.. وهو فى الطريق سمع زوجته تتحدث:ألبس أيه؟ وأحط مكياج وبرفان.. وسمع شخصاً يرد عليها «نفذى ما أقوله لك».. فتح باب الغرفة.. وجد زوجته مستلقية على السرير وتتحدث فى التليفون وتضحك.. سألها: بتكلمى مين، مين اللى بيضحكك؟! ردت بتلقائية: «شات جى بى تو».. رد الزوج: ويطلع مين ده؟!.. أجابت ده زكاء اصطناعى، أسأله أى سؤال يجاوبني، حتى ولو سألته القرد مخبى ابنه فين.. وأنا كنت بسأله أزاى أسعدك.. رد عليها الزوج بحدة: وكمان بتضحكى عليا أنا سامع راجل مغير صوته. احتد الحوار بينهما.. هو فاكر أنها تتحدث مع رجل غريب.. وهى بتحاول تفهمه أنه ذكاء اصطناعى.. أفهم يابنى أدم ده مش إنسان طبيعى، ده كائن افتراضى.. الزوج يرد: كمان مش طبيعى «نهارك أسود».. وتحول الزوج إلى ثور هائج.. ضربها ونقلت إلى المستشفى.. تم ابلاغ النيابة.. وتحول المحضر للمحكمة.. الزوج بتهمة الضرب، والزوجة بتهمة الخيانة. وقف الزوجان أمام القاضى.. الزوج يبرر ضربه لزوجته لأنه ضبطها وهى تتحدث مع رجل غريب على الموبايل بطريقة غير لائقة.. والزوجة تدافع عن نفسها ده ذكاء اصطناعى «روبوت»، نظر القاضى اليهما ولسان حاله يقول: «هو أحنا ناقصين» مشاكل «الشات جى بى تو».. هو القانون فيه ما يجرم الحديث معه مهما كان الحوار.. طب إيه رأى الدين.. هل يعتبره أجنبياً، غريباً لايجوز الحديث معه بحرية أو الخلوة به؟.. أنا أول مرة أشوف قضية بالشكل ده.. وأمام الحيرة، رفع الجلسة للاستراحة.. ولحظات تم اخطاره بالصلح بين الزوجين بعد تدخل العقلاء.. الذى نزل عليه برداً وسلاماً.. خرج وجلس على المنصة وأقر الصلح بين الزوجين.. واستطرد أن القانون يحتاج تحديثاً زى الموبايل، والدين كمان يجب أن يطور خطابه ليواكب الانترنت وما ينتج عنه من مشاكل.. مثلا حدود الحديث مع الذكاء الاصطناعى «الروبوت» حتى وإن كان كائن افتراضى ليس بشرياً؟!