حلم الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى أصبح هوساً لدى كثير من الشباب، خاصة مع ما تحققه لهم من أرباح طائلة. فى مقال الأسبوع الماضى طالبت بوقفة حاسمة وتحرك عاجل من الدولة تجاه المنصة الشيطانية «تيك توك». وأشرت إلى التحرك البرلمانى الذى بادرت به لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتصدى لهذه الظاهرة. وخلال الأيام الماضية بدأت وزارة الداخلية حملة ضخمة لتطهير هذه المنصة ، ولم تقتصر حملتها على التصدى للمحتوى المعروض على المنصة ، بل تتبعت مصدر أموال بعض مشاهير صناع المحتوى ، وكشفت عن أسلوب حياتهم المشبوه ،وتورطهم فى العديد من الجرائم ، مثل غسيل الأموال ، وتعاطى المخدرات ،وحيازة أسلحة غير مرخصة، بالإضافة للتحريض على الفسق. كشفت التحقيقات أيضا أن هؤلاء الأشخاص لجأوا إلى شراء فيلات، وعقارات، وسيارات، بالإضافة إلى تأسيس شركات، كوسائل لغسل الأموال غير المشروعة، والتى حصلوا عليها من خلال نشر محتوى يضرب القيم ويحرض على الانحلال. واحدة من أشهر التيكتوكر والمعروفة بنشر مقاطع فيديو خادشة ،تبين أنها قامت ب غسيل أموال تجاوز 15 مليون جنيه عن طريق شراء عقارات فاخرة فى عدد من المناطق الراقية. تيك توكر شهير آخر ، اعترف أمام جهات التحقيق بأنه غسل نحو 65 مليون جنيه من الأموال التى جناها من خلال نشر فيديوهات تروج لانحرافات سلوكية، وأنه استخدم تلك الأموال فى شراء وحدات سكنية فاخرة، وسيارات، ودراجات نارية، كما أسس شركات بغرض إخفاء مصادر الدخل وتبييض الأموال، بلوجر آخر عثر معه على سلاح نارى ومخدرات ،مع اتهامه أيضا بغسيل أموال بمبالغ كبيرة من أرباح الإنترنت. والحقيقة أن حلم الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى أصبح هوساً لدى كثير من الشباب، خاصة مع ما تحققه لهم من أرباح طائلة. وإذا تتبعنا ظاهرة البلوجرز أو البوتيوبر سنجدها نشأت فى البداية لدى شباب المجتمعات الغربية كرسالة تحمل هدفا ومغزى ،واستطاع هؤلاء الشباب خلال سنوات قليلة أن يتربعوا على عرش اليوتيوب، ويتحولوا لمشاهير، وهو ما لفت انتباه شركات ومؤسسات كبرى وشجعها على دعمهم اعلانيا، وفتح الباب أمامهم لتحقيق أرباح تصل لملايين الدولارات . و انطلق هذا الهوس من الغرب ليغزو الشباب العربي، ولكن للأسف ، فمع اختلاف طبيعة المجتمع، أخدت الفكرة مسارا آخر ،وأصبح أكثر من 80٪ من محتوى فيديوهات شبابنا لا تحمل رسالة أو فكرا ، بل مجرد عرض «تافه» ليومياتهم وحياتهم بلغة هابطة، والفاظ خادشة، وفيديوهات مخلة إذا لزم الأمر. ورغم كل ذلك ، فلابد أن نعترف أن هذه الظاهرة ليست سلبية تماما، بل لها جانب إيجابى مهم، فاليوتيوبرز او الانفلونسرز عامة هم أشخاص مؤثرون لديهم عدد كبير من المتابعين ، ويمتلكون القدرة على التأثير على متابعيهم وإقناعهم بتبنى هدف أو دعم فكرة أو شراء منتج ، فلماذا لا نستفيد من جماهيرية هؤلاء الأشخاص ، لماذا لا يتم دمجهم فى كيان رسمى ، والاستفادة بهم فى إنتاج مواد إعلامية بأسلوبهم البسيط تساهم فى تقديم رسائل هادفة او توصيل أفكار مفيدة او الترويج لمشروع او منتج، او دعم تبرعات خيرية او غيرها من الرسائل المهمة التى يمكن أن تفيد الدولة والمجتمع.