استهل الرئيس البولندي الجديد كارول نافروتسكي أول أيام ولايته بصدام سياسي واضح مع رئيس الوزراء دونالد توسك، في مشهد اعتبرته مجلة "بوليتيكو" الأوروبية ينذر بصراع مؤسسي قد يمتد حتى الانتخابات البرلمانية القادمة في عام 2027. وفي كلمته الافتتاحية بعد أدائه اليمين الدستورية صباح اليوم الأربعاء، شن نافروتسكي، المدعوم من حزب "القانون والعدالة" الشعبوي، هجومًا حادًا على حكومة توسك ذات التوجه الوسطي، قائلاً:" من غير الممكن الاستمرار في الحكم بهذا الشكل، ولا ينبغي لبولندا أن تبدو كما هي عليه اليوم". ويُتوقّع حسبما أبرزت المجلة في سياق تقرير أن يستخدم نافروتسكي صلاحياته الرئاسية، لا سيما حق النقض "الفيتو" لإعاقة أجندة توسك الإصلاحية خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل عجز تحالف توسك عن الحصول على أغلبية الثلثين لتجاوز الفيتو الرئاسي. وأوضحت المجلة أن تصريحات نافروتسكي قوبلت بتصفيق حار وهتافات من نواب حزب القانون والعدالة، بينما وقف توسك وأعضاء حكومته بوجوه متجهمة، وفي رسالة مصورة نُشرت قبل لحظات من تنصيب الرئيس الجديد، وصف توسك المناسبة ب"اليوم الحزين"، وقال: "أعلم جيدًا ما تشعرون به، كنا نؤمن بأن الصدق والخير والمحبة ستنتصر. ما حدث اليوم اختبار صعب لإيماننا". ◄ اقرأ أيضًا | الاتحاد الأوروبي ينتظر قرار واشنطن بشأن الصفقة التجارية ورغم ذلك، قال نافروتسكي إنه انتصر "رغم الدعاية الانتخابية والأكاذيب والمسرح السياسي والازدراء" - على حد تعبيره. وفي خطته للسنوات الخمس المقبلة، تعهّد نافروتسكي بعرقلة انضمام بولندا إلى منطقة اليورو، على الرغم من كون الأمر التزامًا قائمًا بموجب عضوية الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تسعى حكومة توسك إلى دفعها قدمًا بشكل تدريجي. وقال نافروتسكي- تعليقًا على ذلك: "سأدعم بالطبع علاقاتنا داخل الاتحاد الأوروبي، لكنني لن أقبل أبدًا بتنازل بولندا عن صلاحياتها، خاصة في المسائل غير المنصوص عليها في المعاهدات الأوروبية". كما أعلن الرئيس الجديد نيته الدفاع عن النظام القضائي الذي شُيّد تحت حكم حزب القانون والعدالة، مهاجمًا محاولات توسك لإصلاح القضاء وإعادة الاستقلالية إليه، والتي تُواجه بالفعل مقاومة من الرئيس السابق أندجيه دودا. وأضاف: "لن أروّج أو أعيّن قضاة يطعنون في النظام الدستوري والقانوني لجمهورية بولندا"، في المقابل، سعى توسك إلى تسريع إصلاح النظام القضائي في عهد وزير العدل الجديد فالديمار زوريك، الذي بدأ بالفعل بطرد القضاة الذين تُعتبر ترشيحاتهم غير لائقة. وفي انتقادٍ آخر لتوسك، أشار نافروتسكي إلى أن إحدى مبادراته الأولى ستتعلق بمشروع بناء مطار جديد ضخم في وسط بولندا، مؤكدًا أن هذا المشروع كان من السياسات الرئيسية لحكومة حزب القانون والعدالة السابقة، لكنه خضع لمراجعة شاملة في عهد الحكومة الجديدة. كما جدد نافروتسكي بعض التعهدات الرئيسية التي قطعها خلال حملته الانتخابية، بما في ذلك معارضة الهجرة غير الشرعية واستبعاد أي زيادة في سن التقاعد، داعيًا في الوقت نفسه إلى خطة لتكثيف بناء المساكن، في إشارة إلى اليسار البرلماني داخل ائتلاف توسك الحاكم الذي يزداد هشاشة. مع ذلك، رجحت "بوليتيكو" في ختام تقريرها أن يتفق نافروتسكي مع توسك في مجال الدفاع؛ حيث أن بولندا لديها أعلى ميزانية عسكرية بين دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" كنسبة مئوية من الاقتصاد، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة ولها دور حاسم في جهود توريد الأسلحة إلى أوكرانيا.