من سن صغيرة جدًا، بدأت نورهان يحيى رحلتها فى عالم الفن، ما جعلها تلتحق بكلية الفنون الجميلة، وتتجه إلى التراث والزخرفة، خصوصا فى الفن الإسلامى والقبطى.. عملت كمصممة فى مصلحة سك العملة، حيث دمجت شغف الفنون التراثية مع التصميم الرمزى والدقيق تقول نورهان: «من أول لحظة حسيت إن ده مجال مميز جدا، لأنك بتصممى حاجة صغيرة فى الحجم لكنها كبيرة فى المعنى والتأثير، وبتوصل لناس من كل الأعمار والخلفيات بشكل يومى». مساحة صغيرة جدا يجب أن تحتوى على رموز دقيقة ورسالة واضحة، وفى الوقت نفسه تكون جمالية وسهلة القراءة والتمييز، وتضيف: «من أكبر التحديات التى أواجهها هو التوفيق بين الجماليات الفنية والمعايير التقنية والأمنية التى تتطلبها عملية سك العملة، والتعبير عن موضوع كبير أو ذكرى وطنية أو هوية حضارية فى مساحة لا تتجاوز سنتيمترات».. وأضافت: «دائما أبدأ من المعنى لابد أن أفهم المناسبة أو القيمة التاريخية أو الرمزية التى يعبر عنها التصميم، ثم أبحث عن رموز بصرية ذات دلالات قوية، سواء من التراث المصرى أو من الفن الإسلامى والقبطى، ومهم جدا أن يكون التصميم جذاب وواضح، لأن العملة ليست لوحة فنية ترى من قريب، لكنها شىء يتنقل من يد ليد، والسر فى هذا التوازن هو كيفية الحفاظ على الرسالة والرمز، مع استخدام عناصر فنية، متناغمة، ومناسبة للحفر المعدنى». وتستطرد: «كل عملة شاركت فى تصميمها لها مكانة خاصة، لكن الأقرب لقلبى العملة المتداولة الخاصة بشركة مصر للطيران، فئة الجنيه والنصف جنيه لأنها أول عملة متداولة يطبع عليها تصميم من شغلى وده فى حد ذاته شعور لا يوصف، وحسيت بمسئولية كبيرة وفخر لأن التصميم يرتبط بجهة وطنية كبيرة مثل مصر للطيران، ويتعامل معه الناس يوميًا». تؤمن نورهان أن الفن الذى تقدمه، سواء فى تصميم العملات أو فى المشغولات الخشبية مثل المشربيات، له دور فعال فى الحفاظ على التراث وإعادة إحيائه بشكل معاصر، وتقول: «أنا مش بحاول أكرر التراث كما هو، لكن بحاول أستوعبه، أفهم رموزه وجمالياته، وأعيد تقديمه بلغة بصرية معاصرة تصل للناس حاليًا».. وتعتبر أن دور الفنان هو أن يكون جسرًا بين الماضى والمستقبل، يحافظ على الأصل، ويعيد تقديمه بطريقة تعيش مع الزمن. تعتقد نورهان أن لكل نوع من الفن علاقة مختلفة بالزمن ففى تصميم العملات، تتعامل مع لحظة وطنية أو تاريخية تحاول تخليدها، لأن العملة صورة ثابتة لحدث أو قيمة نحاول الحفاظ عليها وسط سرعة الحياة، أما فن المشربيات فهو رحلة رجوع للماضى، ليس بهدف التكرار، بل لاستحضار روح كانت حية فى المعمار والناس قديمًا».. وتقول:«بشتغل على الخشب كأنه بيحكى، وبحاول أخلى الحكاية تكمل معانا فى العصر ده، بلغة بصرية حديثة، دون أن نفقد عمقها، وأطمح فى تصمم عملة تخلد حدثًا وطنيًا كبيرًا أو شخصية مصرية أثرت فى الوجدان».