«ستوري بوت» خدمة جديدة تقدمها «بوابة أخبار اليوم» إلى قرائها، حيث نرشح لبرامج الذكاء الاصطناعي موضوع يهم الناس، ونطلب منه كتابة قصة صحفية عنه، دون تدخل من العنصر البشري، قصة اليوم تتحدث عن تغيير مفهوم وآراء الأجيال الصاعدة في مستقبلهم والوظائف التي يحلم كل منهم أن يعتليها في الكبر، فبعد أن كنا في زماننا نحلم بالوصول لوظائف وأعمال مرموقة وذات شأن، مثل الطبيب والمهندس والطيار، اختلفت اليوم الأحلام والرؤي، وأصبح البلوجر وصانع المحتوى والميكب أرتيست هي طموحات الجيل الصاعد للبحث عن شهرة وأموال دون مجهود وعناء. * كيف كانت السوشيال ميديا سببًا رئيسيًا في هذا التحول ؟ منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإنستجرام أتاحت للشباب فرصًا لم تكن متاحة من قبل، وأصبح بإمكان أي شاب أو فتاة أن يصنع محتوى من غرفته ويصل إلى ملايين المتابعين، هذه المنصات لم تخلق فقط نجومًا جدد، بل أعادت تشكيل مفهوم «النجاح» و«القدوة». والمجالات التي كانت تُعتبر في السابق ثانوية أو ترفيهية، كالميكب، الكوميديا، أو مراجعة المنتجات، أصبحت اليوم مصادر دخل ومجالًا مهنيًا معترفًا به. اقرأ أيضا: ستوري بوت | «شات جي بي تي » يختار شيرين عبد الوهاب صوت مصر * هل يمكنك أن تحدثنا عن أبرز سلبيات هذا التغيير؟ يُحذّر خبراء نفسيون وتربويون من مخاطر هذه الظاهرة، وعلى رأسها ضغوط الشهرة، التعلق بالقبول المجتمعي الرقمي، وإهمال التعليم الأكاديمي، كما يُثير البعض تساؤلات حول المدى الواقعي لهذه الطموحات، خصوصًا مع تشابه المحتوى واعتماده أحيانًا على الإثارة أو التريندات السريعة. * هل لهذا التغيير إيجابيات؟ لا يمكن إنكار الجانب الإيجابي لهذا التغيير، فقد أتاحت السوشيال ميديا مساحة للتعبير عن الذات، والابتكار، والوصول للفرص دون الحاجة لوساطة أو رأس مال كبير، حيث أصبح من الطبيعي أن نرى شابًا يعمل في مجال التجميل، أو فتاة تُبدع في المحتوى التقني. * ما تأثير هذا على هوية المجتمع المصري؟ تأثير تغير طموحات الأجيال الجديدة وتصدر الميكب أرتيست والتيك توكرز للمشهد لا يقتصر فقط على الأفراد، بل يمتد ليطال الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المصري ككل. * بمعنى ماذا؟ يتمثل هذا التغيير في العديد من الجوانب، منها: أولا: إعادة تشكيل الصورة النمطية للنجاح: في السابق، كانت المهن التقليدية ك «الطبيب، المهندس، القاضي، الضابط» مرتبطة بالهيبة الاجتماعية، وغالبًا ما يُنظر إليها كرمز للنجاح، اليوم بدأت هذه القوالب تتفكك، والنجاح أصبح يُقاس بعدد المتابعين، والعقود الدعائية، والشهرة الرقمية، حيث يؤدي هذا إلى تغيير في القيم المجتمعية، حيث أصبح الظهور والشهرة هدفًا بحد ذاته، حتى لو كان المحتوى سطحياً أو غير منتج. ثانيا: تحول في لغة وثقافة الشباب: من خلال منصات مثل تيك توك، ظهرت لغة جديدة بين الشباب، فيها الكثير من الكلمات الأجنبية، الإفيهات، وال «تريندات» السريعة. هذه الثقافة الرقمية تؤثر على التواصل اليومي بين الأفراد. وتؤدي إلى تغبير في طريقة التعبير والهوية اللغوية، وبدأت بعض التقاليد واللهجات المحلية تتراجع أمام «موضة الإنترنت». ثالثا: نموذج القدوة تغير:لم يعد القدوة شحصًا كبيرًا في السن، صاحب علم أو خبرة، بل ربما يكون شابًا أو فتاة لم يكملوا تعليمهم، لكن عندهم محتوى ممتع أو شكل جذاب على الشاشة، ما أدى إلى تراجع بعض القيم المرتبطة بالعلم والاجتهاد، وتعزيز قيم الاستهلاك السريع، والاهتمام بالشكل على حساب المضمون. * كيف يمكننا مواجهة هذا ؟ الحل ليس في مقاومة التغيير، لأن التغيير طبيعي وموجود في كل المجتمعات، لكن في إدارته بوعي وتوجيهه لصالح الفرد والمجتمع.إليك مجموعة من الحلول العملية والمتوازنة لمواجهة هذا التأثير على هوية المجتمع المصري: أولا: تعزيز التعليم النقدي والإعلامي في المدارس:بدلًا من أن نقول للشباب «السوشيال ميديا خطر»، نعلمهم أن يميّزوا بين المحتوى الجيد والسيئ، ويفهموا كيف يتأثروا بالإعلانات، التريندات، والصورة المثالية، وذلك عبر، تدريب الطلاب على تحليل المحتوى الرقمي، فهم كيف تُبنى "الهوية الرقمية" بشكل صحي، تعليم مهارات التفكير النقدي بدل الحفظ. ثانيا: دور الأسرة في التوجيه بدون فرض:الشباب لن يستجيب للنصح التقليدي أو التهديد، لكن سيتجاوب مع الحوار والفهم، من خلال فتح حوار حقيقي مع الأبناء عن طموحاتهم، عدم السخرية من رغبتهم في أن يكونوا "تيك توكرز"، بل طرح أسئلة: ليه؟ كيف؟ ما خطتك؟ بالإضافة إلى مشاركة بعض المحتوى معهم وتحليله سويًا. ثالثا: تقديم نماذج بديلة في الإعلام: نحتاج نماذج «ملهمة» و«واقعية» تظهر في المسلسلات، البرامج، والتيك توك نفسه، تجمع بين الطموح، الأخلاق، والإبداع.ودعم صناع محتوى يقدمون محتوى تعليمي، فني، أو إنساني راقٍ، بجانب إنتاج محتوى يُظهر النجاح بطرق مختلفة، مش بس من خلال الشكل أو الترند. رابعأ: خلق فرص واقعية للشباب في مجالات متنوعة: بدلًا من أن يكون "الميكب أرتيست" أو "التيك توكر" هو الطريق الوحيد للنجاح، نفتح مجالات جديدة تكون جذابة ومجزية. دعم ريادة الأعمال الصغيرة، وتوفير تدريبات على مجالات مثل التصوير، البرمجة، التصميم، الطبخ، و إعطاء الشباب فرصة للتعبير عن نفسهم بطرق محترمة ومجدية. خامسا: دور المؤسسات الثقافية والدينية:ليس للوعظ فقط، بل لفهم الواقع والتفاعل معه وتنظيم ندوات شبابية داخل المساجد والكنائس ومراكز الشباب تتناول هذه القضايا، واستخدام نفس لغة السوشيال ميديا للوصول للشباب برسائل إيجابية. سادسا: تعزيز الهوية الثقافية بأساليب معاصرة:نحتاج إعادة تعريف «الهوية المصرية» بطريقة تناسب العصر الرقمي، وإنتاج محتوى فني وثقافي يعبر عن التراث بأساليب حديثة (موشن جرافيك، فيديوهات قصيرة...)، وكذلك دعم المبادرات التي تربط بين التكنولوجيا والهوية (زي مشاريع بتوثق التراث على الإنترنت).