فى الأسبوع الماضى أحيا شعب البوسنة الذكرى السنوية ال30 لمجزرة «سربرنيتسا» التى أعدمت فيها قوات صرب البوسنة بزعامة رادوفان كراديتش وراتكو ملاديتش أكثر من ثمانية آلاف رجل وطفل من مسلمى البوسنة خلال الحرب التى وقعت هناك بين عامى 1992 و1995. الذكرى تمر فى الوقت الذى خرج فيه آلاف البوسنيين فى مظاهرات دعما لغزة ووقف الإبادة الجماعية على يد الاحتلال الإسرائيلى. تعد مجزرة سربرنيتسا أكبر مجزرة فى تاريخ أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حين ارتكب صرب البوسنة بزعامة رادوفان كراديتش وراتكو ملاديتش مذبحة عرقية بحق سكان بلدة «سربرنيتسا» المسلمين بالبوسنة والهرسك فى شهر يوليو 1995، قُتل فيها نحو 8,372 من المسلمين، وجسدت حالة من التطهير العرقى الممنهج، لتصبح مع مرور الوقت وصمة عار تلاحق كل من تواطأ فيها، إما بالمشاركة أو الصمت مثلما يحدث حاليا فى غزة. كانت مذبحة «سربرنيتسا» النموذج الأكثر فجاجة على حروب الابادة وذلك قبل أن تأتى حرب إسرائيل على غزة لتكرر نموذجا جديدا فى خريطة الإجرام والوحشية. فرغم أن أحداث الإبادة فى «سربرنيتسا» و«غزة» يفصل بينهما 30 عاما، إلا أنهما يتشابهان فى كثير من الأوجه، من مقاومة محتل إلى اعتداء إجرامى ووحشى من المحتل واستخدام الحصار كسلاح لتركيع الخصم والقضاء عليه، إلى المقابر الجماعية والإبادة الشاملة وصمت المجتمع الدولى مما تسبب فى سقوط أكثر من 200 ألف فلسطينى ما بين شهيد ومصاب وتشريد نحو مليونى مواطن بينما شردت حرب البوسنة نحو 100 ألف مسلم وفق تقديرات الأممالمتحدة. خلال مجزرة البوسنة قام الجيش الصربى والعصابات التابعة له بعمليات نهب وسرقة لممتلكات المسلمين والسيطرة عليها، حيث دمروا نحو 300 قرية للمسلمين فى أنحاء سربرنيتسا، وقتلوا أكثر من 3 آلاف شخص.. المشهد لم يختلف كثيرًا فى غزة، فحكومة الاحتلال كما فعل الصرب أطلقت جنود المرتزقة فى غزة للاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين وتدمير منازلهم وقتل الأطفال والنساء والشيوخ ووأد كل مقومات الحياة من تدمير للمرافق والمبانى العامة ونسف المستشفيات ومراكز الإيواء، واعتقال الأطباء، ومنع دخول الوقود والمستلزمات الطبية، وإحراق خيام المرضى والنازحين واستهداف المراكز التابعة للأونروا. الفرق الوحيد أن مذبحة سربرنيتسا لم تدم أكثر من 12 يومًا، فيما صمد أهل غزة لأكثر من 650 يومًا نتيجة لصمت وخذلان المجتمع الدولى.