واقعة غريبة جدا كانت مدينة 15 مايو الهادئة مسرحًا لها.. طبيب مسن يعاني من مرض السرطان والسكري، وحالته الصحية متدهورة إلى أقصى درجة، وفي حياته العديد من الأسرار التي حاول أن يُخفيها قدر استطاعته، لكن أثار موته الفضول، وكشف كل ما حرص طوال حياته على إخفائه، وعرف الجميع مقدار ما يُخفيه. طبيب شهير، معه فتاة تونسية، تعيش معه في شقة إيجار، وتقيم في مصر بشكل غير قانوني، تفاصيل أكثر عن تلك الواقعة في السطور التالية. رائحة كريهة انبعثت من إحدى شقق مدينة 15 مايو.. سكان العقار المجاورين بدأوا يلاحظون أنها مغلقة منذ شهر تقريبا لكن لم يكن أحد يهتم كونها مغلقة أم لا، ف ساكنا الشقة الطبيب وزوجته مختفيان تماما، أو لنقل مسافران إلى مكان ما هكذا كان لسان حال سكان البناية التي يسكنها الجميع، لكن الحال لم يسر هكذا مجرد شقة مغلقة. الرائحة يوم عن آخر تزيد أكثر، وأصبحت لا تحتمل، وعليه، أبلغت الأجهزة الأمنية التي بالفعل حضرت وتم اقتحام الشقة بعد تصريح النيابة العامة ليجدوا أغرب مشهد؛ جثمان الطبيب مغطى بالملح، والجثمان ملفوف في عدة ملايات، والسيدة التي تتقاسم معه الشقة، لا حس لها ولا خبر عنها، فالجيران يعرفونها على أنها زوجته. اعتراف لم يكن في محتويات الشقة ما يشير إلى ان الواقعة كانت بغرض السرقة، الأثاث شبه مرتب، والوضع العام لا يدل على أي آثار للعنف، لكن لاحظ رجال المباحث رسالة ملقاة بجوار الجثمان هي التي كشفت تفاصيل الواقعة. الرسالة موجهة إلى صاحب الشقة، كتبتها السيدة التي كانت تقيم بصحبة الطبيب في الشقة، قالت فيها: إن الطبيب مات منذ حوالي شهر ميتة طبيعية، وأنها لم تتمكن من الوصول إلى أي أحد من أهله، لدفنه، وأنها خافت من الإبلاغ لأن إقامتها في مصر غير قانونية. ودوّنت في رسالتها، التي كتبتها إلى صاحب الشقة؛ أنها ظلت في حيرة من أمرها، ولم تعرف كيف تتصرف في الجثة، وهداها تفكيرها إلى حفظها في الملح حتى لا تفوح رائحتها، وحتى يأتي صاحب الشقة ليطلب الإيجار ويتصرف هو. الجيران، بدورهم، أكدوا أنهم يعرفون هذه السيدة بكونها زوجة الطبيب، وأنهم تعاملوا معها على هذا النحو، وأن الشقة مستأجرة منذ حوالي 10 أشهر، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن هذه السيدة سيئة السمعة. اتهامات السيدة بعد القبض عليها، واعترافها بتفاصيل ما حدث، وبعد إجراء الكشف على الجثمان بمعرفة الطب الشرعي، وتأكيده أن الوفاة كانت طبيعية، إلا أنها تواجه اتهامين، الاتهام الأول التستر على جثة، والاتهام الثاني إقامتها غير القانونية. وفي هذا، توضح دينا المقدم، المحامية بالنقض، أن التستر على جثة متوفى في القانون المصري، أو إخفاء جثة متوفى أو دفنها دون إبلاغ السلطات المختصة، جريمة مستقلة بذاتها وفقًا للمادة 239 من قانون العقوبات المصري، وأنه يشترط لقيام الجريمة أن يكون الفعل قد تم دون إذن من الجهات المختصة، وقبل الكشف على الجثة وتحديد سبب الوفاة. وتابعت قائلة: «الواقعة هنا لها ركنان، أولهما الركن المادي، وهو أن أي فعل إخفاء أو دفن للجثة، مثل إلقائها في نهر، تقطيعها، حرقها، أو دفنها في مكان غير مرخص، والركن الثاني معنوى وهو علم الجاني بأن الجثة تعود لشخص مات ميتة غير طبيعي، وتوجيه إرادته لإخفائها عمدًا، ولأن الركن الثاني غير متوفر في الواقعة، فإن العقوبة هنا هي الحبس مدة لا تزيد عن سنة، وقد تصل إلى سنتين في حالة العود. ولا يعتبر الفاعل شريكًا في جريمة القتل الأصلية إلا إذا ثبت مشاركته في القتل أو التحريض عليه». واستطردت قائلة: «هناك بعض الاستثناءات التي نص عليها القانون في حالة إخفاء الجثة أو التستر على الجريمة، وهو أن يكون القاتل هو من أخفى الجثة، حينها لا تُطبَّق عليه عقوبة المادة 239 لأن الإخفاء يعتبر جزءًا من جريمة القتل ذاتها». اقرأ أيضا: مصاب بانفصام في الشخصية.. شاب يقتل والده ووالدته بمدينة 15 مايو إقامة غير قانونية أما بخصوص الإقامة غير القانونية للسيدة التونسية، فقد أوضحت» المقدم»؛ أن عقوبات مخالفة الإقامة في مصر، منها الغرامات المالية، وهنا تُفرض غرامة مالية عند تأخير تجديد الإقامة بعد انتهاء صلاحيتها ب 14 يومًا، وتبدأ الغرامة ب 1,053 جنيهًا مصريًا، بعد 3 أشهر من التأخير، ثم 500 جنيه إضافية لكل 3 أشهر لاحقة، وفي بعض الحالات، قد تصل الغرامة إلى 1,700 جنيه، حسب مدة التأخير، وبخلاف الغرامات، هناك عقوبات أخرى كالترحيل، والمنع من دخول مصر، وهنا إذا استمر الأجنبي في المخالفة دون تسوية أوضاعه، قد يرحل أو يمنع من دخول مصر مستقبلًا، ويُدرج اسمه في قوائم الممنوعين من دخول البلاد، حتى يسدد الغرامات ويُجدد إقامته. أما بخصوص البقاء بعد انتهاء الإقامة، فقد أكدت «المقدم»؛ أنها جريمة يعاقب عليها القانون المصري، بموجب المادة 42 من قانون الإقامة، مضيفة: «هي دلوقتى هيتوجه ليها ارتكاب جريمة التستر، بعد العقوبة تترحل أو تقنن أوضاعها، ولكن أمامها أزمة كبيرة، وهي إنها متقدرش توكل محامى حتى، لأنهالا تملك إقامة، وبالتالي بعد القبض عليها، لابد من تقنين إقامتها أولا حتى لو بشكل مؤقت، حتى تستطيع توكيل محامى يدافع عنها على الأقل».